أثار فريد الديب المحامى لغطًا كبيرًا أثناء محاكمة الرئيس الأسبق حسنى مبارك ونجليه ووزير الداخلية الأسبق ومعاونيه فيما يعرف بقضية القرن، حين وصف ثورة 25 يناير بأنها كانت مؤامرة كبرى على مصر والوطن العربى، الأمر الذى تسبب فى غضب أهالى شهداء الثورة ودفاعهم داخل قاعة المحكمة، وأثار جدلًا واسعًا فى الشارع السياسى حول حقيقة ما جرى فى 25 يناير وما تلاها من أحداث. أكتوبر تابعت الحالة التى تسبب فيها الديب.. وطرحت الموضوع على عدد من المراقبين والمحللين السياسيين.. فماذا قالوا؟ فى البداية، أبدى د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية فى القاهرة رفضه لكلام فريد الديب، مؤكدًا أن هذا الحديث لا يمكن قبوله على الإطلاق، وأن الديب تعدى فى كلامه مضمون القضية ودخل فى رأى سياسى وهذا يتعارض مع القانون وكان يجب على القاضى إيقافه وتحويل مجرى القضية إلى وضعها الصحيح. لأن المحكمة هى من يقدر خروج المحامى عن القانون من غير ذلك فى إطار دفاعه عن موكله. ويعد كلام الديب، جريمة ضد الدستور الجديد، لأنه معترف بثورة يناير وموثقة به. وأكد أنها الثورة الأم، التى سرقتها جماعة الإخوان قبل أن يستردها الشعب فى 30 يونيو. وأكد بأن النظام القديم وأنصار الحزب الوطنى المنحل هم من يرددون هذه الأقاويل لكن الشعب المصرى لن يستسلم لهذه الأقاويل..والغريب فى الأمر دخول الديب فى مرافعة سياسية خرج بها عن القضية الأساسية وهى براءة المتهمين من استغلال القضية نفوذهم فى الاستيلاء على قصور حسين سالم بشرم الشيخ. وكانت أقرب إلى عريضة اتهام لثورة 25 يناير منها إلى دفاع حقيقى عن التهم الموجهة لمبارك. أما د. عمار على حسن، فيرى أن فريد الديب رجل فاشل ولم يترافع فى قضية إلا وانتهى بإعدام موكله ولا يجب الالتفات لكلامه المجنون فهو يريد أن يأخذ المحكمة إلى زوايا أخرى بعيدًا عن مضمون القضية الأساسية. ولابد أن تراجع هيئة المحكمة كلام الديب والتحقيق فيه لأنه بذلك أهان شعب مصر واستهان بشهداء 25 يناير من شبابنا الواعد، رحمهم الله وشهداء الشرطة أيضًا الذين ضحوا بأرواحهم فداء لوطنهم لقد قصد عن عمد أن يثير بكلامه جدل الشارع المصرى لإبعاده عن القضية الأساسية وهى إعدام ومحاكمة مبارك ومن معه من المتهمين. وقال إن فرضية المؤامرة لا تستند إلى أدلة مؤكدة وخيوط متشابكة بل مجرد كلام ليس له أساس من الصحة. فهناك لجنة تقصى حقائق شكلت برئاسة المستشار عادل قورة بعد ثورة يناير وأنهت عملها دون إشارة لأى مؤامرة أو أيد خارجية دبرت لذلك. كذلك المجلس العسكرى الذى أدار البلاد لفترة كبيرة من المرحلة الانتقالية لم يشير من قريب أو بعيد عن وجود مؤامرة رصدتها أجهزة المخابرات مثلًا. لقد أراد رجال مبارك أن يشوهوا صورة الثورة العظيمة التى كان بطلها شباب مصر والذى أصبح الآن متهمًا بالتخابر مع جهات أجنبية والحصول على تمويل خارجى لتدمير مصر كما سعى رجال مبارك إلى تشويه رموز ثورة يناير وكل من اشترك بها. غياب الأدلة؟ ويتفق جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان على اعتبار كلام الديب عن ثورة يناير إهانة شديدة ويجب أن يحاكم عليها لأنه بذلك أهان شعب مصر كله واستهان بدماء شهداء الثورة من أجل رجل فرعون وهو مبارك ورجاله الذين يحاولون بشتى الطرق تحسين صورته أمام شعب مصر بأن يروجوا أن ثورة يناير كانت مؤامرة خارجية نفذت بأيد مصرية وتمويل خارجى. كما أنهم ينالون من رموز الثورة ويشوهون صورهم أمام الشعب ويتهمونهم بالعمالة والخيانة للوطن وهذا غير صحيح بالمرة لأن ثورة يناير ثورة وليدة قادها شباب مصر فى البداية وانضم له شعب مصر وجيش مصر بعدها واعترف بها مبارك نفسه واعترف بمطالبها وهذا أكده فى خطابه الأخير. فكيف بعد ذلك يخرج رجال مبارك من إعلام وسياسيين وعلى رأسهم الديب ويشككون فى الثورة. وإذا كان الديب صادقًا فى أقواله بأن هناك مؤامرة كانت تحاك لمصر بثورة 25 يناير فما هى الأدلة القاطعة القانونية على قوله أين رصد الأجهزة السيادية للأيدى الخارجية التى اخترقت صفوف الثوار أين الأدلة بأن هناك تمويلًا خارجيًا أتى لبعض الشخصيات أين تسجيلات التعاملات التى تمت ولماذا لم تخرج حتى الآن أى جهة رسمية تؤكد ما قاله الديب وأنا أؤكد بأنها ثورة مصرية خالصة قادها شباب وشعب ساندها وجيش مصر ولكن سقطت فى أيدى فصيل منظم وقوى فى ذلك الوقت وهو الإخوان الذين فشلوا سياسيًا وطمعوا فى السلطة لجماعتهم فكانت ثورة التصحيح 30 يونيو. .. والنيابة ترفض ومن جانبها، رفضت النيابة كلام الديب عن ثورة يناير ووصفته بأنه مجرد كلام لا يستند إلى أى أدلة حقيقية تم رصدها أثناء الثورة وأن الديب خرج عن إطار القضية الحقيقى إلى مرافعة سياسية لتحسين صورة الرئيس الأسبق مبارك. وهذا مخالف للقانون وتعطيل لهيئة المحكمة الموقرة وضياع لوقت كبير. وإهدار لحق شهداء الثورة. وطالبته بالتوقف عن الحديث بهذا الموضوع والرجوع إلى القضية المنظورة.. لأن الدفاع بهذا الكلام يشكك فى دستور مصر الذى نحن نعمل به الآن وطلبت من هيئة المحكمة اعتبار كلام الديب كأن شيئًا لم يكن وحذفه من مضبطة المحكمة لأنه مخالف للقانون.