فجأة وجدت نفسها تقف وحيدة تكاد تغوص فى بحر عميق بدون قرار.. تغطيها الأمواج العاتية التى تشدها تحاول أن تجذبها لتغرق، ولكنها تحاول أن تتماسك وأن تجاهد لتنجو وينجو معها أطفالها.. تقف ضد التيار صامدة.. شامخة مثل أى أم مصرية تخاف على أسرتها.. تخاف على أطفالها.. كانت تعيش مع زوجها الذى كان يعمل عاملا زراعيا أجيرا.. تعيش معه فى أحد النجوع بأقاصى جنوب الصعيد.. تعيش معه على الحلوة والمرة.. كان يخرج فى الصباح ليعود آخر الليل ومعه ما يحتاجون إليه.. لم يرفض لها أو لهم أى طلب.. لم تكن تظن أبدًا أن الأيام سوف تدور بها لتقف هذا الموقف الغريب وتعيش هذه الشدة.. كان يوما مشهودا يوما غريبا بدأ فى الصباح لأول مرة منذ سنوات والزوج يتكاسل ويكاد يرفض أن يغادر فرشته ويأخذ طفله الصغير ابن السنة والنصف سنة فى حضنه وكأنه يخاف أن يخطف منه.. تحاول معه فالبيت ليس به رغيف واحد والأطفال جوعى.. يطلب منها أن تتركه اليوم.. بل الساعة فقط، تخرج من الحجرة وهى تشعر أن هناك شيئا ما سوف يحدث.. تعود بعد دقائق قليلة لتجد الزوج جثة هامدة، فقد صعدت روحه إلى بارئها وتركها وحيدة تحمل مسئولية الأسرة سلمت أمرها لله عز وجل.. توجهت للشئون الاجتماعية التى ربطت لها معاش ضمان، حاولت أن تجد عملا هنا وهناك حتى تستطيع أن تربى أطفالها.. سنوات من العمل الشاق من الحزن والألم على فراق الزوج وعلى الأطفال، خاصة «تامر» الطفل الذى لم يعش مع والده إلا شهورا قليلة.. لم تصدق عندما بدأ يبكى ويمسك بذراعه اليمنى.. وتحول البكاء إلى صراخ.. سألته هل سقط عليها وهو يلعب؟ ولكنه أكد لها أن هذا لم يحدث.. ولكنها كانت تشك فى كلامه وقد يكون قد تشاجر مع أحد الأولاد الذى ضربه على ذراعه.. ولكنه كان يصرخ كلما أمسكت به أو نام عليها.. أخذته الأم إلى طبيب الوحدة الصحية الذى عالجه على ما يشعر به بالمسكنات.. ومر أسبوع والثانى إلا أن الآلام تتزايد.. الأم لا حول لها ولا قوة والطفل ابن العاشرة يتألم.. نصحها الأهل والمعارف بالذهاب به إلى المستشفى المركزى بأسوان، حيث يوجد الأطباء المتخصصون وبعد الفحوصات والأشعة طلب منها الأطباء حمل الطفل الصغير لمستشفى سرطان الأطفال، فقد تأكد لهم أنه مصاب بسرطان بعظام الذراع اليمنى ويحتاج إلى علاج بمركز متخصص.. سافرت الأم إلى القاهرة تحمل طفلها على كتف وحزنها وهمها وخوفها على الكتف الآخر.. قام الأطباء فى المستشفى بفحصه وتأكد لها إصابته بورم سرطانى بالذراع ويحتاج إلى العلاج بالجلسات الكيماوى والإشعاعى وعلى الأم أن تحمله بصفة دورية لتلقى جلسات العلاج وبالفعل لمدة شهرين كانت تمد يدها لتستطيع تغطية رحلة العلاج والمصاريف الطفل من أسوان للقاهرة.. ولكن كان القدر يخفى لها ما لم تكن يخطر على بالها.. أصيب الطفل فى إحدى الليالى بارتفاع بدرجة الحرارة ونوبة سعال شديدة وبات حتى الصباح وهو يتألم ودقات قلبه تكاد تقفز من صدره حملته إلى المستشفى وهناك طلب منها الأطباء حمله إلى مستشفى السرطان الذى يعالج به، لأن ملفه الصحى به ومعروف حالته بالتفصيل ويستطيع الأطباء تقديم المساعدة المطلوبة.. وبالفعل حملته إلى القاهرة، حيث مستشفى 57357 وبدأ الأطباء فى فحصه وتم إجراء أشعة على الصدر، ولكن كانت هناك مفاجأة، فقد نهش السرطان رئتيه وأظهرت الأشعة وجود ثانويات بالرئتين.. لطمت الأم خديها فها هو طفلها الصغير يضيع من بين يديها.. وأكد الأطباء حاجته إلى التردد على المستشفى بصفة دائمة حتى يتلقى العلاج فى محاولة لحصار المرض اللعين.. الأم تحتاج إلى من يقف بجوارها، خاصة أن دخلها لا يتعدى 400 جنيه معاش ضمان وهو لا يكفى أرسلت تطلب المساعدة، فهل تجد من يقف بجانبها؟ من يرغب فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.