عينى عليك يا ولدى.. قلبى ينفطر من شدة الحزن.. عيناى تنزفان بدل الدموع دما.. عندما آراك ترقد لا حول لك ولا قوة.. أنت فى عمر تتفتح فيه الزهور وها أنت زهرة تذبل فى غير موعدها.. إنك يا حبيبى لم تتجاوز السادسة من عمرك، ومع ذلك تحملت من الآلام ما يزيد ويفيض عن عمر رجل تخطى الستين من عمره.. شخت قبل الأوان ماتت ضحكتك وضحكتى.. بهتت ابتسامتك وابتسامتى.. جاءت بعد طول انتظار.. كان الأمل الذى عشت من أجل أن يتحقق.. ولكنه لم يتحقق وتبدأ مأساتى معك منذ أول يوم لك فى هذه الدنيا الصعبة.. نعم صعبة، بل شديدة الصعوبة.. جاءت بعد أن رزقنا الله بأختك الكبرى.. كنت أتمنى أن أحقق أمنية أبيك وأن يكون المولود الثانى ولدًا.. كانت فرحتى وفرحته لا توصف برغم من معاناتنا فى الحياة وضيق ذات اليد أصر أبوك أن يوزع الحلوى على الأهل والجيران بالقرية التى نعيش فيها.. نمت ليلة مولدك وأنا قريرة العين.. فرحة.. واستيقظت بعد ساعات بسبب بكاء شديد.. أكدت أمى أنك مصاب بمغص كأى طفل فى عمرك الذى لم يتجاوز الساعات.. وحاولت أن أخفف من صرخاتك وبكائك.. وقد كان ولكن لم تمض ساعات إلا وعادت الحالة إلى ما كانت عليه نظرت فى عينيك، ولكننى لاحظت شيئا ما فى نظرة العين سألت أمى ولكنها أكدت لى أنه لا يوجد أى شىء مختلف عن أى طفل مرت أيام وأنت كما أنت عيناك يا حبيبى بها نظرة غريبة، بل إن لونها الأبيض تحول إلى الاحمرار.. طلبت من أبوك أن يحملك إلى الطبيب.. لم ينتظر ذهبنا بك إلى المستشفى بعد أن فحصك طبيب الأطفال وصف لنا بعض القطرات والمراهم وأكد أن ما تعانى منه بسبب الولادة وربما يكون ميكروبًا وهناك أطفال كثر يعانون مما تعانيه.. وطلب منا ان نهتم بنظافة العينين وأن نقوم باستخدام الأدوية الموصوفة بكل حرص.. أيام ونحن نحاول أن نلتزم بكلام الطبيب.. ولكن الحالة كما هى لم تختلف، بل قد تكون قد زادت تدهورا.. هذه المرة طلبت من أبيك أن يذهب بك إلى الطبيب، ولكنه رفض بسبب انشغاله بالعمل.. حملتك وذهبت بك إلى المستشفى وعندما بدأ الطبيب فى فحص عينيك وتم إظلام الحجرة شاهدت لمعة غريبة فى عيونك يا حبيبى.. ماذا حدث لا أعلم ظل الطبيب فترة طويلة يفحص الحالة.. بدأ الرعب يسرى فى عروقى.. سألت ولكنه لم يرد على.. كانت لحظات قاسية.. انتهت بصدمة قاسية أيضًا عندما سأل الطبيب عن أبيك وعندما لم يجده طلب منى أن أحملك وأسافر بك إلى القاهرة حيث مستشفى 57357 أو مستشفى سرطان الأطفال سقطت على الأرض فى غيبوبة لا أعلم كم مر على من الوقت.. بكيت كثيرا ماذا فعلت فى حياتك يا صغيرى لم يمر على وجودك بهذه الدنيا سوى أسبوعين فقط.. أخذتك وجئت بك للقاهرة ودخلت إلى المستشفى شاهدت حالات كثيرة وأطفالا مرضى كنت أدعو الله أن يسلمك ويسلمهم.. فحصك الأطباء وتم إجراء أشعة ورنين مغناطيسى، بل وأشعات بالصبغة وتحاليل كثيرة.. ثم أخبرنى الطبيب فى النهاية أنك تعانى من ورم خبيث بالعينين وأنك فى حاجة لجلسات علاج كيماوى وإشعاعى حتى يحين الوقت ويتم إجراء جراحة لاستئصال الورم.. شهور عديدة عشناها فى رحلة طويلة من العلاج.. حتى حان ميعاد الجراحة وطلب الأطباء شراء بعض الأدوية والمعدات وهنا لم أجد أباك بجوارى سألت عنه لم أجد إجابة شافية.. دخلت الجراحة وخرجت منها بعد ساعات طويلة وعلمت من الأطباء أنه قد تم استئصال العينين بالكامل حتى لا ينتشر السرطان فى جميع أجزاء جسدك الصغير.. وهكذا يا بنى كتب عليك أن تعيش كفيفا.. وكتب على أن أحملك شهريا لتخضع للفحوصات الدورية وتلقى العلاج الكيماوى والإشعاعى المكمل وها أنت تدخل المدرسة، ولكن الحياة أصبحت صعبة.. وأصبحت لا أجد لقمة العيش لك ولأختك بعد أن تركنا الأب وتخلى عن مسئوليته تجاه الأسرة ماذا أفعل؟ سؤال سألته أم محمد وطلبت الوقوف بجوارها، فهل تجد؟ من يرغب فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.