فى الوقت الذى تخطو فيه تركيا نحو اختيار رئيس جديد عبر انتخابات تعددية للمرة الأولى فى تاريخها، يبدو رئيس وزرائها الحالى رجب طيب أردوغان والمرشح الأوفر حظا فى الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها فى العاشر من أغسطس المقبل، كمن يقف فى مفترق طرق فيما يخص علاقة الدولة التركية مع متمردى حزب العمال الكردستانى، الأمر الذى يمنح أكراد تركيا فرصة تاريخية قد لا تتكرر فى ترجيح كفة أحد المتنافسين على الآخر..وبخاصة إذا علمنا أن الأقلية الكردية تشكل نحو 20% من إجمالى عدد سكان تركيا. فى هذا الإطار، نجد أن حزب العدالة والتنمية سيكون مضطرا لتقديم تنازلات صريحة للأكراد من أجل ضمان استمرار زعيمه أردوغان على رأس السلطة التنفيذية لعشر سنوات مقبلة. ولكن أردوغان الذى يسعى إلى تحويل منصب الرئاسة فى تركيا من مجرد مظهر احتفالى إلى منصب تنفيذى على الطريقة الأمريكية بحيث يتمتع بقوة وسلطة كبيرتين.. سوف يواجه منافسة ليست بالهينة من المرشح القوى الآخر فى الانتخابات الرئاسية، وهو أكمل الدين إحسان أوغلو، المرشح التوافقى لحزب الشعب الجمهورى العلمانى وحزب الحركة القومية، بينما يتوقع أن يكون المرشح الثالث صلاح الدين ديميرطاش، والذى ينتمى إلى الأقلية الكردية، هو الورقة الرابحة لأى من المرشحين الرئيسيين أردوغان وأوغلو وكلاهما ينتمى إلى التيار الدينى، إذا ما استطاع أحدهما استمالة الأكراد، والحصول على تنازل من «ديميرطاش». وبالنسبة للأكراد، فإن هذه الانتخابات الرئاسية التركية لا تمثل لهم شيئا على الإطلاق أكثر من أن يوافق الرئيس المقبل على إقامة دولة كردية فى شمال العراق، وأن يعقد معهم صفقة لتحسين أوضاعهم فى تركيا، وأن يثبت لهم أنه الرئيس الذى يمكنه ضمان تحقيق هذين المطلبين معا، بحسب المحلل السياسى الأمريكى مارك شامبيون، وهو ما يضع آمال أردوغان فى الحصول على مساعدة الأكراد ودعمهم للبقاء فى الحكم لنحو عقد مقبل من الزمن، فى مقابل رغبة الأكراد فى أن يعبر أردوغان صراحة عن تأييدهم فى إقامة دولتهم التى ظلوا يحلمون بها خلال قرن من الزمن. وأملًا فى زيادة حظوظ أردوغان بالفوز فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، جاء مشروع القانون الذى قدمته الحكومة، وأقره البرلمان التركى مؤخرا على أمل إعطاء دفعة لعملية السلام مع المتمردين فى حزب العمال الكردستانى، وضمان توفير الحماية القانونية لأبرز المسئولين المشاركين فى المفاوضات مع الحزب الكردستانى المصنف كمنظمة إرهابية. فهل ينجح أردوغان باستغلال لعبة المصالح فى كسب أصوات الأكراد من أجل حسم السباق الرئاسى لصالحه.. أم ينجح منافسوه بمرشحهم الإسلامى الآخر «أوغلو» فى الخصم من رصيده لدى الأحزاب الدينية والمحافظة..هذا ما ستجيب عنه صناديق الاقتراع.