فى الجزء الثانى الممتع من فيلم التحريك الذى يحمل اسم «rio 2» للمخرج كارلوس ساندنها، تتضافر الألوان، وتقنية البعد الثالث، والأغنيات المرحة التى تستخدم الطبول والإيقاعات، لخلق حالة من البهجة والسعادة ومتعة الفرجة، دون أن يغفل الفيلم معناه ومغزاه الأصلى بالدفاع عن قضية البيئة، وحماية الغابات فى منطقة الأمازون، لاتناقض على الإطلاق بين المتعة والتعبير عن أى فكرة، هناك فريق ضخم وراء تقديم هذا العمل المسلى، والذى يقوم ببطولته مجموعة من الببغاوات الزرقاء، أما مكان الأحداث ففى البرازيل، ما بين مدينة ريودى جانيرو الشهيرة، وغابات الأمازون الشهيرة التى تبعد عن المدينة بحوالى 3 آلاف كيلومتر، كرنفال من الكائنات، وخطوط فرعية تدور حول الحب بين الببغاء بلو وزوجته جويل، وحول معنى العودة إلى الوطن والجذور، حتى لو كانت الحياة فى الغابة أصعب بكثير من الحياة فى المدينة، تنفيذ احترافى للتحريك، وموسيقى رائعة، وفريق من الممثلين يؤدون الأصوات ببراعة واقتدار، أسماء مثل جيسى أيزنبرج وآن هاثواى وليزلى مان نقلت بأصواتها أجمل المشاعر والتعبيرات، ومنحت الطيور حيوية إنسانية مدهشة، ربما كان يمكن تكثيف زمن الفيلم بدلا من عرضه فى حوالى 100 دقيقة، وربما كان يمكن ضبط الصراع فى السيناريو بصورة أفضل، ولكن ظلت متعة الفرجة تغطى على هذه العيوب، بل إنه كانت هناك بعض اللحظات الكوميدية العذبة، ولم يكن البعد الثالث مزعجا كما فى أفلام كثيرة، لأنه تم توظيفه بذكاء واضح. يبدأ الفيلم باحتفالات أسرة الببغاء الأزرق بلو مع أصدقائهم من الحيوانات بليلة رأس السنة فى مدينة ريو، يغنون ويرقصون معا وهم يرددون « ماذا يعنى الحب بدونك؟»، فى مكان ما من غابات الأمازون، يقوم العالم الشاب توليو وزوجته الشابة ليندا باستكشاف المكان، يعثر توليو على ريشة زرقاء تؤكد وجود أعداد من عائلات الببغاوات الزرقاء النادرة بخلاف عائلة بلو وجويل التى قام بإنقاذها من قبل، يعلن هذه النتيجة فى التليفزيون، يشاهد بلو البرنامج فتتغير حياته تماما، يقرر بالإتفاق مع زوجته التى يحبها جويل، وأولاده الببغاوات الثلاثة، أن يشدوا الرحال للعودة إلى الوطن، إلى الغابات على بعد 3 آلاف كيلومتر، حيث توجد القبيلة الأصلية من الببغاوات، أصدقاؤهم من الحيوانات يخوفونهم من الغابة، حيث توجد الثعابين التى تبتلع إنسانا، وحيث أسماك البيرانا التى تنهش الذين ينزلون فى المياه، ولكن حلم العودة الى الوطن يتغلب، حتى لو كان الثمن هو مغادرة المدينة ومباهجها. يتم تقديم بلو وأسرته بملامح إنسانية مثل أى عائلة متمدينة، بلو يستخدم معجون الأسنان، ويحمل معه شنطة طوال الوقت، ويأخذ معه جهاز التتبع الإليكترونى لكى يعثر على العالم توليو وزوجته ليندا وسط الأحراش، بلو أيضا لا يدخر وسعا فى إسعاد زوجته الببغاء الزرقاء الجميلة جويل، ويردد دائما: «زوجة سعيدة تعنى حياة سعيدة»، على الجانب الآخر، وفى غابات الأمازون، يتحدد الصراع بمواجهة فريق من البشر يريدون قطع أشجار الغابات، ويزعجهم كثيرا ما يقوم به توليو وليندا دفاعا عن الطيور النادرة الزرقاء، قائد هؤلاء الغزاة رجل فظ لا يعنيه سوى جمع المال، فى خانة الأشرار أيضا الببغاء الذى لم يعد قادرا على الطيران نايجل، لديه ثأر قديم مع بلو، وتساعده ضفدعة تقول عن نفسها أنها سامة، بالإضافة إلى حيوان آكل النمل الشره الذى لا يتوقف عن التهام كل شئ بلسانه الثعبانى البغيض. عندما يصل بلو مع أسرته إلى الأمازون، سيكتشف والد زوجته إدواردو الذى تركها إثر حريق اندلع فى الغابة، يكتشف الأب أن ابنته عادت إليه متزوجة ومعها أحفاده الأشقياء، إدواردو فظ لايثق فى البشر، يقوم بتدريب بلو بطريقة عنيفة بعد أن أفسدته حياة المدينة، يعتبره ببغاء أليفا وطريّا، فى نفس الوقت الذى يظهر فيه الببغاء روبرتو الذى ينافس بلو على قلب جويل، تنجح فرق قطع الأشجار فى القبض على توليو وليندا، ويزعم الببغاء الشرير نايجل وصديقته الضفدعة جابى وزميلهما آكل النمل، أنهم يكوّنون فرقة غنائية للاحتفال مع الببغاوات الزرقاء، يدخل الببغاوات الزرقاء فى صراع مع ببغاوات حمراء من أجل الحصول على ثمار الجوز، ولكن الحرب بين الفريقين تأخذ شكل مباريات كرة القدم ( لاتنس أننا فى البرازيل)، هناك استطراد فى هذا الجزء كان يمكن اختزاله، ولكن الطريقة التى نفذت بها المباراة كانت رائعة وظريفة للغاية. فى نهاية الفيلم، تتحالف الطيور مع حيوانات الأمازون للهجوم على السيارات واللوادر العملاقة التى تقطع الأشجار، ومن خلال الخيال الخصب يتعاون الجميع فى المعركة الطريفة، تشارك الببغاوات الحمراء لأن الخطر يهدد الجميع، يتم فك أسر توليو وليندا، فيشاركان بدورهما فى المعركة، يتم كشف محاولات الببغاء نايجل للتسلل من أجل الانتقام، قُدمت شخصية هذا الببغاء أيضا بصورة مرحة حيث يبدو عاشقا لأداء وتمثيل بعض مشاهد من مسرحيات شيكسبير، بينما تبدو الضفدعة جابى معجبة به، لولا أنها تمتلك سموما تجعل الآخرين يهربون منها. كان يمكن أن ينتهى الفيلم بمقتل نايجل وانتحار جابى حزنا عليه، ولكننا نكتشف أنهما يؤديان مشهد انتحار كليوباترا بعد وفاة حبيبها مارك أنطونيو، النهاية لابد أن تكون سعيدة: تطارد الضفدعة جابى حبيبها الببغاء نايجل، بعد أن عرفنا أخيرا، وعرفت هى، أنها ليست ضفدعة سامة على الإطلاق، يرقص الجميع فى الوطن، يتم منع مذبحة الأشجار الخضراء، يتفق بلو وجويل على أن يذهبا فى عطلة الصيف إلى ريو دى جانيرو، قد تكون المدينة أكثر راحة ورفاهية، ولكن الغابة هى الوطن، وهى القبيلة والأصل الذى لايمكن تركه، يبتهج الجميع، يرقصون ويغنون مؤكدين أنهم يستطيعون أن يفعلوا الكثير لو تكاتفوا معا، ينتهى الفيلم الممتع وقد قال كل شئ بشكل غير مباشر، الطيور دافعت عن البيئة التى أفسدها الإنسان، غزت أعداء الأشجار فى مشهد يذكرنا بفيلم الطيور لهيتشكوك، طيور المدينة عادت إلى الطبيعة، وداعا مدينة ريو، ولكن إلى لقاء.