أخيرًا وبعد مرور سبع سنوات من العداوة والخلاف السياسى بين الفصيلين الفلسطينيين فتح وحماس أعلنت السلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس أبو مازن عن تأسيس حكومة وحدة وطنية فلسطينية لأول مرة فى التاريخ فى رام الله التى شهدت سعادة جمة بهذا الحدث الأسبوع الماضى واكتملت هذه السعادة بالاستعداد لانطلاق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال الفترة القادمة. وقد لاقى هذا الحدث ترحيبًا وتأييدًا من أطراف كان يمثلها حلفاء إسرائيل من دول الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة وفرنسا وروسيا، ومعهم مصر والأردن ولكنها من الدول غير الحليفة لإسرائيل مما أثار دهشة وغضب وخوف الطرف الثانى الرافض لهذه الحكومة الجديدة وهو بالطبع إسرائيل التى أعلنت عن رفضها للأمر برمته ووجدته أمرًا مثيرًا للسخرية، معبرة عن هذا بصورة تجمع بين إسماعيل هنية زعيم حماس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وبجانبهما صورة لبن لادن فى أحد مواقع الحكومة الإسرائيلية على تويتر. تأتى نظرة السخرية التى تنظر بها إسرائيل للحكومة الفلسطينية الجديدة مع أملها الكبير بأن تستمر سلطة حماس فى غزة وهذا ما تعتقده فى الفترة القادمة فهى تزعم أن حماس لن تستطيع الاستغناء عن سلطتها وقوتها مقابل «الاتحاد» وأن ما يرغم حماس الآن على الانضمام إلى فتح فى الحكومة الفلسطينية الجديدة هو وضعها الاقتصادى والمتدهور فى القطاع، كما تعتقد إسرائيل كما جاء فى صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الفصيلين الفلسطينيين مازالا متشائمين رغم فرحتهما ونجاحهما فى تخطى أزمة الانقسام حول الشهور الستة القادمة التى ستجرى بها الانتخابات البرلمانية والرئاسية حيث أن هناك العديد من العقبات التى لا تحصى كانت بسبب إسرائيل، فعلى سبيل المثال من أين سيدفعون رواتب الأعضاء الجدد من حماس مع استمرار العقوبات المالية الإسرائيلية على رام الله كما أنه ماذا سيحدث لقوات الأمن التابعة لحماس فى غزة التى يتلقى الأوامر من قيادات حمساوية فكل ما تأمله إسرائيل الآن أن تظل حماس مسيطرة على قطاع غزة لضمان فشل الحكومة الفلسطينية الجديدة. لم تعلن إسرائيل غضبها فقط من الحكومة الفلسطينية الجديدة بل صبت جام غضبها على من ساعد أبومازن وهى الولاياتالمتحدة التى بسبب «اللوبى» الإسرائيل فى الكونجرس الأمريكى لم تستقر على موقفها حتى الآن فهى أمام العالم مساندة للقضية الفلسطينية وحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الجديدة ولكن بداخلها فهى تستنكر دعمها لها، فإسرائيل ترى حماس منظمة إرهابية وأى دعم لها أو أى تحالف معها يجعل الطرف الأخر يتصف بالإرهاب أيضًا، لهذا أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو أنه يوافق على إنشاء حكومة فلسطينية جديدة بمباركة أمريكية وكذلك إسرائيلية ولكن يجب أن تكون خالية تمامًا من أى عناصر حمساوية للرجوع إلى طاولة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ومن أجل الدفع بعملية السلام التى أوقفتها إسرائيل بيدها عندما رفضت تحرير باقى الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. يأتى هذا فى الوقت الذى أعلنت فيه وسائل الإعلام الأمريكية عن نفيها فى مطلع الأسبوع الماضى أنها دعت رامى حمد الله رئيس الوزراء الفلسطينى المكلف من الحكومة الفلسطينية الجديدة إلى زيارة رسمية إلى واشنطن لتحديد سياسة الحكومة الفلسطينية الجديدة وتؤكد أمريكا هذا بموقفها المعلن رفض لتدشين حكومة وحدة وطنية فحينها اتصل جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى بالعديد من أعضاء الكونجرس الأمريكى وأعضاء مجلس الشيوخ معظمهم من الحزب الجمهورى من أجل أن يطالب بوضع حد للمساعدات الخارجية الأمريكية للسطلة الفلسطينية وتشجيع إسرائيل على فرض عقوباتها المالية على السلطة فى رام الله بسبب اتفاقها مع حماس وذلك كان من المفترض مناقشته أمام اللوبى الإسرائيلى اليهودى بالكونجرس بواشنطن ولكن على الرغم من هذا أعلنت الولاياتالمتحدة مؤخرًا عن استمرار مساعدتها للسلطة الفلسطينية وأنها ستكون حليف جيد ومخلص لرام الله فى الفتره القادمة وبذلك تعتبر إسرائيل أمريكا دولة لا تحترم شروط الرباعية للاعتراف بإسرائيل ومن المحتمل أن تواجه الإدارة الأمريكية فى الفترة القادمة صعوبات كبيرة مع الجمهوريين فى الكونجرس الأمريكى وتعمل على إضعاف تمويلها للفلسطينيين طبقًا لقانون عام 2006 الأمريكى الذى يحظر تمويل «الإرهاب الفلسطينى» بحسب وصف القانون. ومن ناحيته رد أبو ردينة المتحدث باسم أبو مازن على الموقف الإسرائيلى الأسبوع الماضى بأن حكومة الوحدة الوطنية الجديدة الفلسطينية بين فتح وحماس لا تخرج صلاحيتها من إطار القانون الدولى المتعارف عليه وأنه يجب على إسرائيل الاعتراف بالأمر الواقع وأن تدرك أن العالم يتغير وأنه يجب العمل من أجل خلق مناخ مناسب للحفاظ على ما تبقى من أشلاء عملية السلام.