«سيكا» مقام موسيقى شهير، وهو نموذج لنغمة الربع تون التى تميز الموسيقى العربية عن الموسيقى العالمية الخالية من هذا ربع المقام، فيمكن وصفها على طريقة أشقائنا الخليجيين «مو.. سيكا» وكلمة «مو» تعنى بالعادية المصرية «مش» فتكون الموسيقى العربية «سيكا» والعالمية «مش سيكا». لم تكن حركة التأليف الموسيقى المصرى بعيدة عن حركة كل الفنون المصرية التى تأثرت بالروح القومية والنهضة التى سادت مصر منذ أواخر القرن العشرين وكان من ملامحها اهتمام الفنان والأديب المصرى بتراثه فرسم الفلاحه وكتب عن أنس الوجود وألف رواد التأليف الموسيقى عن نهر النيل. والرواد هم يوسف جرجس وحسن رشيد وأبو بكر خيرت، ومن بعدهم محمد حسن الشجاعى وإبراهيم حجاج وعزيز الشوان وعبد الحليم نويره وأحمد عبيد وفؤاد الظاهرى وحسين جنيد وكامل الرمالى وعلى إسماعيل وعطية شرارة ورفعت جرانه وجمال عبد الرحيم وحليم الضبع وشعبان أبو السعد ود.سيد عوض ود.طارق على حسن، وجاء الجيل الثالث، هانى شنودة وجمال سلامة وأحمد الصعيدى وعمار الشريعى وهانى مهنى وعمر خيرت وراجح داود ومونا غنيم ونادر عباسى وكلهم مصريون ومؤلفون أصحاب اتجاه قومى، درسوا لغة التأليف الموسيقى الغربى وعبَّروا بها عن أنفسهم بفن له جذوره المحلية المستلهمة من الموسيقى الشعبية أو التقليدية أو بتعبيرات مبتكرة. ومؤلفاتهم هى حاضر موسيقى المصريين ومستقبلهم وربما كان مجال هذه المؤلفات من الحياة الموسيقية الآن هو الموسيقى التصويرية للسينما وفى بعض البرامج المتخصصة فى الإذاعة والتليفزيون. أما الأجهزة الموسيقية للدولة فلا تعطى لهذا الإبداع إلا اهتمامًا هامشيا لا يتكافأ مع الموسيقى المصرية الجديدة المعبرة عن بلدنا فى هذا العالم المتغير. إن «المو.. سيكا» يتعاطاها العالم أجمع بصرف النظر عن الألسنة وألوان البشرة بل الحالة المادية. لكن ذلك التعاطى يتوقف بشكل واضح على الحالة الحضارية للمستمع. والإنسان المصرى الذى يفخر بمكتبته الغنائية «السيكا» وبمكتبته المليئة بالكتب المتخصصة والعامة والشاب الذى يملأ غرفته بالاسطوانات المسجل عليها أغانى المطربين والمطربات وأغلبها منقول من الشبكة العنكبوتية تقع على ولى أمره مسئولية تعريفه بالإنتاج العالمى للمو.. سيكا حتى تتعادل وتتوازن ثقافته الموسيقية ولا تتوقف على لون بعينه فلابد من تذوق المو..سيكا إلى جانب السيكا وأهم ما فى التراث العالمى «للموسيكا» الكلاسيكية والتى يجب على كل إنسان متحضر أن يتعرف عليها، كلها أو بعضها، فهى أعمال تشايكو فسكى وشوبان وبتهوفن وريمسكى كوساكوف وموتسارت وفاجنر وبيزيه وفردى وشتراوس وباخ وليست وبريليور ومندلسون وشومان ودفراك وفيفالدى ورحما نينوف وغيرهم. وربما كانت السيرة الذاتية لهؤلاء المبدعين مساعدا للتعرف على أعمالهم الخالدة. ومن المؤكد أن إنتاج هؤلاء موجود كله أو معظمه فى الأسواق المصرية. وفى الثمانينات الماضية كانت عندنا شركات لإنتاج الكاسيت متخصصة فى بيع هذه الألوان العالمية لكن أطفئت أنوارها مثل كل شىء جميل فى بلادنا فى السنوات الأخيرة وانزوت تجارة الموسيقى العالمية لصالح الغناء الشبابى حتى إن شابا تعب من البحث عن اسطوانة «شهرزاد» لريميسكى كور ساكوف وما يئس من العثور عليها فى الأسواق فسألنى عنها فنصحته بأن يذهب إلى دار الأوبرا قسم التسجيلات الخاصة بها. وكان من الأولى أن أنصحه بالذهاب إلى معارض شركات صوت القاهرة وهى الشركة الحكومية للإنتاج الفنى والتى خصتها أم كلثوم لطبع كل إبداعاتها الغنائية. الموسيكا الكلاسيكية يجب أن تعمل الدولة على نشرها كما اعتادت أن تفعل فى أغانى السيكا فليس كل محب لهذه الألوان العالمية العظيمة له أقارب يعيشون فى الخارج ليستجدى منهم أن يحملوا له من هناك بعض انتاجها الذى يتشوق لسماعه.