أصبحت وزارة النقل تكيل بمكيالين. ولا أحد يدرى سر هذا اللغز الغامض حيث إن هيئة ميناء بورسعيد طرحت مشروع محطة الحاويات الثانية باستثمارات ثلاثة مليارات جنيه للشركات الوطنية فى حين أن هيئة ميناء الإسكندرية طرحت مشروع الرصيف 100 عن طريق مزايدة عالمية وطرح تحالف ثلاثى من متقدم لدراسة الجدوى والشركة الوطنية وخط ملاحى عالمى.. وتكون الأولوية فى الاختيار لمن يزيد حصة الشريك الوطنى. وبطبيعة الحال ومن البديهيات أن الشركة العالمية ستسعى إلى تقليص الشركة الوطنية لتحقيق المزيد من الأرباح. وتوجه هيئة ميناء بورسعيد يسعى بمصداقية إلى تنمية ورواج الشركات المصرية فى مجال الحاويات حيث اشترطت أن تكون مساهمة الشركة الوطنية 75% والشريك الأجنبى 25% بينما هيئة ميناء الإسكندرية تميل إلى الشركات الأجنبية العالمية على حساب الشركة الوطنية حيث إن المنافسة وروح الشفافية غير عادلة بينهما. والغريب أن هيئة ميناء الإسكندرية تمتلك 40% من رأس مال شركة الإسكندرية للحاويات. ومن المنطقى والمعقول أن تروج لها وتقدم التسهيلات اللازمة لجعلها تفوز بالرصيف 100 أو تشترط أن تكون حصتها 75% على غرار مشروع حاويات بورسعيد. ولم تتدارك هيئة ميناء الإسكندرية الخطأ الجسيم الذى وقعت فيه عندما أجَّرت رصيف حاويات لشركة هيش الصينية بالأمر المباشر وبطلان هذا العقد، كما حكمت بذلك محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية ومحاولة الضغط باللجوء للتحكيم الدولى ولىَّ الذراع مما جعل الهيئة تعَّدل شرط العقد. سعيا إلى أقل الخسائر. علما بأن الشركة الأجنبية استولت على زبائن الشركة الوطنية وتربحت بذلك على حسابها فضلا عن تسرب هذه الأرباح الطائلة من العملات الصعبة للخارج. وشركة الإسكندرية للحاويات أول شركة فى العالم العربى من نوعها وتوفر لخزانة الدولة أرباحا سنوية تصل إلى 400 مليون جنيه رغم التنافسية الظالمة من الشركة الصينية التى سحبت منها زبائنها ووصول محطتى حاويات الإسكندرية والدخيلة لدرجة التشبع وهروب الخطوط الملاحية الكبرى للبحث عن متنفس لها خارج ميناء الإسكندرية خصوصا أن 50% من حاويات مصر تعبر من هذا الميناء. إن استيلاء شركة أجنبية على رصيف 100 يضيف أعباء جديدة فى أسعار خدماتها يتحملها المصدَّر والمستورد ويدفع فاتورتها فى النهاية المواطن المصرى البسيط الذى تثقل كاهله موجات الغلاء المجنونة. إن الشركات الملاحقة الوطنية أولى بالرعاية لأن عوائدها تعود للخزانة العامة وتوفر فرص عمالة لشبابها بينما الشركات الأجنبية عوائدها تذهب للخارج. كما أن الموانئ المصرية مسألة أمن قومى فى المقام الأول ولا توجد دولة فى العالم تفضل الأجانب على أبنائها. وقد حدث ذلك فى بنك معلومات النقل البحرى الذى اسسته الأكاديمية العربية للنقل البحرى من البداية لعشر سنوات ثم حولته وزارة النقل لشركة خاصة لمجرد أنها عرضت سعرا زهيدا أعلى ضاربة بالأمن القومى المصرى عرض الحائط!! مطلوب معاملة رصيف 100 بالمثل كما يحدث فى ميناء بورسعيد.