أهل الكتاب هم أصحاب دين سماوى قائم على كتاب سماوى كاليهود والنصارى، والنبى ( صلى الله عليه وسلم ) وضح أن الأنبياء إخوة وأمهاتهم شتى» والقرآن الكريم حدد لنا علاقتنا بأهل الكتاب قائمة على المنهج الذى وضعه الله لنا. وتتضح هذه العلاقة من القرآن والسنة فى المجادلة بالحسنى وحسن المعاملة، وإباحة الزواج والمصاهرة والمؤاكلة وكل ذلك فى هذا التحقيق. «يقول أ.د صابر عبد العزيز أستاذ الشريعة بكلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة الأزهر بالقاهرة» الأساس الشرعى للعلاقة مع غير المسلمين يتمثل فى هاتين الآيتين من كتاب الله تعالى قال تعالى (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9)) فلأهل الكتاب من غير المسلمين منزلة خاصة فى المعاملة والتشريع والمراد بأهل الكتاب من قام دينهم فى الأصل على كتاب سماوى كاليهود والنصارى الذين قام دينهم على التوراة والإنجيل. فالقرآن ينهى عن مجادلتهم فى دينهم إلا بالحسنى حتى لا يوغر المراء الصدور ويوقد الجدل نار العصبية والبغضاء فى القلوب قال تعالى (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)) ويبيح الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب لما يبيح مصاهرتهم والتزوج من نسائهم المحصنات العفيفات مع ما قرره القرآن من قيام الحياة الزوجيه على المودة والرحمة وهكذا أباح الله تعالى للمسلم أن تكون ربه بيته وشريكه حياته وأم أولاده غير مسلمة وأن يكون أخوال أولاده وخالاتهم من غير المسلمين وكذلك أجدادهم وجداتهم وهذا الحكم فى أهل الكتاب سواء كانوا فى ديارهم أو فى دار الإسلام وإذا كان غير المسلمين يعيشون مع المسلمين فى دار الإسلام وهم من أهل البلاد ومن أبناء الوطن فإنهم فى حالة عهد دائم يسمى عقد الذمة والذمة كلمة معناها العهد والضمان والأمان. وإنما سموا بذلك لأن لهم عهد الله وعهد الرسول وعهد جماعة المسلمين أن يعيشوا فى حماية الإسلام وفى كنف المجتمع الإسلامى آمنين مطمئنين فهم فى أمان المسلمين وضمانهم بناء على عقد الذمة بينهم وبين أهل الإسلام هذه الذمة تعطى أهلها من غير المسلمين ما يشبه فى عصرنا الجنسية السياسية التى تعطيها الدولة لرعاياها فيكتسبون بذلك حقوق المواطنة ويلتزمون بواجباتهم، بناء على هذا فحقوق أهل الذمة من حيث الأساس كحقوق المواطنة والقاعدة المعروفة عندنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا فهم يتمتعون بكامل الحقوق فى عقيدتهم وعباداتهم وأحوالهم الشخصية ويستفيدون من حماية الدولة لأموالهم ودمائهم وأعراضهم ولهم حقهم فى كفالة الدولة أسوة بالمسلمين كما يخضعون للقوانين العامة ولولاية القضاء العامة ويتمتعون بحق اللجوء إلى القضاء لحمايتهم من كل أنواع الظلم. ويقول الشيخ أحمد على أحمد إمام وخطيب مسجد الصحابة بالمقطم والمدرس بالمعاهد الأزهرية إن سلوك المسلم مع أهل الكتاب له شقان أولهما فى حالة السلم أن أهل الكتاب لهم ماللمسلمين من الحقوق مثل حق العمل والكسب والعبادة وحق التملك وحق الترشح والحق فى كل شئون الحياة مثل المسلمين تمامًا، وعليهم ما على المسلمين من واجبات مثل واجب الدفاع عن الوطن والعمل على رفعته وعلو شأنه والمساهمة فى حل مشاكله، وبين الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8))وجاء فى معنى حديث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه من آذى ذميا فإنه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) خصيمه يوم القيامة فمن منا يستطيع أن يخاصمه أو يحاججه الرسول يوم القيامة؟ والشق الثانى هو حالة الحرب وهنا تتجلى سماحة الإسلام فى رسول الإسلام ( صلى الله عليه وسلم ) عندما يوصى قواد الجيوش المتوجهة للغزو بألا يقطعوا شجرا ولا يقتلوا بهيمة إلا لمأكله، ولا يهدموا صومعة على عابد ويبقوا العابد على عبادته ولا يقتلوا أمرأة ولا طفلًا ولا شيخًا ولا أعزل، ومن ألقى السلاح منهم أمرهم أن يعطوه الأمان محذرًا «إياكم أن تقتلوه» وسار على نفس النهج الصحابة والتابعون وهذا ما يأمر به الإسلام، ومن يفعل غير ذلك يعتبر مخالفًا لأمر الله تعالى.