انتشرت فى الآونة الأخيرة عمليات تهريب أجهزة وأدوات التجسس بجميع منافذ ومعابر الجمهورية وأصبح الإعلان عن ضبط إحدى العمليات التهربية لطائرات التجسس أو أجهزة التنصت خبر معتاد لا يجد من الاهتمام الإعلامى سوى ذكره أسفل الصفحات الداخلية بالجرائد وكأنه حدث متوقع حدوثه اليوم أو غدًا. وبالبحث عن أسباب زيادة تهريب هذه الأجهزة وطرق استخدامها اتضح أنها تجارة ضخمة يديرها عدد من الشخصيات ورجال الأعمال بشكل ممنهج وبأرقام معلنة لدى شركات تصنيع هذه الأجهزة سواء فى الصين أو تركيا لدرجة أن شركة «شنتشن»، أكبر ثانى مصنع فى الصين لتصنيع أجهزة التنصت، أعلنت عبر موقعها الإلكترونى أنها تعقد الكثير من صفقات بيع أجهزة التنصت مع تجار مصريين خلال السنوات الثلاث الماضية تقدر سنويا ب 10 ملايين دولار أمريكى. وأصبح السؤال الفرضى هنا لماذا كل هذا الإقبال من المصريين على استخدام مثل هذه الأجهزة التى تضر بالأمن القومى والاجتماعى بشكل مباشر كما هو موضح بالقانون المصرى وهل هذه الأجهزة منتشرة بين أفراد الشعب العاديين أم أنها تستخدم من قبل جماعات وتنظيمات سياسية وما موقف الجهات الامنية من الحد من انتشار أدوات التنصت ؟ فى البداية كشف مصدر أمنى بمصلحة أمن الموانئ أن رجال الأمن تمكنوا خلال الفترة الماضية من ضبط كميات كبيرة من أجهزة التنصت وطائرات بريموت كنترول مزودة بكاميرات تستخدم فى أعمال التجسس من خلال تصوير مواقع حيوية عن بعد موضحا أن مهربى مثل هذه الأجهزة يقومون بإخفائها وسط شاحنات كبيرة للبضائع المستوردة من الخارج سواء عبر مطار القاهرة أو الموانئ البحرية كميناء السويس وبورسعيد مشيرا إلى أن محاولات التهريب مستمرة بشكل شبه يومى يضبط الكثير منها من قبل الأجهزة الأمنية وينجح بعض المهربين الكبار فى ادخال كميات كبيرة من هذه الأجهزة وسط حاويات السلع المستوردة من الخارج وخاصة شاحنات الأجهزة الكهربائية القادمة من الصينوتركيا. ومن جانبه قال أحمد حسن رئيس جمارك مطار القاهرة الدولى أن عمليات تهريب أجهزة التجسس ارتفعت خلال السنوات الثلاث الماضية بشكل كبير مشيرا إلى أن هذه الأجهزة والأدوات مختلفة الأنواع والإمكانيات ومعظمها دقيق جدا وأحجامها مختلفة تبدأ بدبوس البدلة وتنتهى بطائرة التجسس بالإضافة إلى أشكال أخرى مثل ميدالية مفاتيح أو ولاعة أو على شكل ساعة يد أو منبه أو ساعة حائط او على شكل مرآة أو برواز صورة أو على شكل قلم يعلق، بالإضافة أجهزة للملاحة البحرية مثل جهاز لاسلكى على شكل ساعة يد مداه يتراوح بين 3 إلى 5 كيلومترات وأضاف رئيس جمارك المطار أن الفترة الأخيرة وخاصة بعد ثورة 30 يونيو ارتفعت محاولات تهريب طائرات التجسس والتى يستخدمها جماعة الإخوان فى تصوير بعض المناطق الحيوية لقوات الجيش والشرطة مشيرا إلى أن طرق تهريب هذا النوع من أدوات التجسس يختلف من فترة لأخرى ورغم ذلك رجال الجمارك يمكنون من ضبط كميات كبيرة من هذه الأجهزة ولفت «حسن» إلى أن التعامل مع الركاب المهربين لمثل تلك الأجهزة للبلاد، يتم بإحالتهم إلى أحد الأجهزة السيادية للتحقيق معهم وفحص الأجهزة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات حيال الركاب، خاصة وأن بعضهم تبين بعد ضبطهم أنهم ينتمون إلى جماعات إرهابية تريد النيل من أمن البلاد. وردا على أن بعض هذه الأجهزة مصرح بها فى بعض الدول قال حسن إن هذه الأجهزة ممنوعة طبقًا لقرار نائب الحاكم العسكرى رقم 3 لسنة 1998، وهو القرار الذى يحظر الإعلان عن هذه الأجهزة، أو استيرادها أو تصنيعها أو حيازتها، ويعد من تلك الأجهزة كل آلة أو جسم أيا كان شكله يمكن عن طريقة التقاط أو نقل أو تسجيل المحادثات أو الإشارات التى تتم فى مكان خاص أو عام أو مجلس أو اجتماع أو تجرى عبر أى هاتف عن طريق جهاز من أجهزة الاتصال الأخرى سلكية كانت أو لاسلكية، وتضمن القرار عقوبة الحبس لمدة عام، وتشديد العقوبة عند استخدام هذه الأجهزة فى أغراض إرهابية موضحا أن هذا القانون هو ما يتم التعامل به مع أى راكب جالب لمثل هذه الأجهزة. شارع عبد العزيز وبالرغم من كل ما سمعناه من مسئولى الجمارك والموانئ عن ضبط العمليات الأمنية ويقظت رجال الأمن فى ضبط المهربين إلا أن المفاجأة عدم معرفة إمكانية الحصول على مثل هذه الاجهزة من داخل مصر وبمجرد أننا أدخلنا على محرك البحث على الانترنت «جوجل» كلمة بيع اجهزة تجسس وجدنا عددًا لانهائيا من بائعى هذه الأجهزة وبأماكن معلنة أهمها بشارع عبدالعزيز وحارة اليهود ومحلات مشهورة للجميع وعندما ذهبنا إلى هناك للتحقق من هذا الأمر وجدنا أن هذه الأجهزة تباع أيضا على الأرصفة فى شارع عبدالعزيز وبأسعار متفاوتة وفى متناول الجميع تتراوح مابين 400 إلى 2000 جنيه، ويمكن شراء كاميرا تجسس أو جهاز تسجيل، بسعر لا يتعدى 400 جنيه، ولديه قدرة على التسجيل بجودة عالية لمدة تصل ل 10 ساعات كاملة، ويتنوع منشأ هذه الأجهزة ما بين الصين وكوريا. وعندما حاولنا شراء بعض هذه الأجهزة من شاب يدعى «مسعود» أعطى لنا قلما بقدرة تصويرية متطورة وبسعة تخزينية عالية تصل إلى 10 ساعات متصلة وعندما سألنا مسعود عن مصدر هذه الأجهزة قال أنها تأتى مهربة داخل حاويات معظمها يأتى من الصين وغالبا تكون الحاويات بها أجهزة محمول أو أجهزة كهربائية خلاطات ومراوح وغيرها، وبداخلها تكون هذه الأجهزة وأوضح مسعود أن عددا من تجار الاجهزة الكهربائية الكبار هم من يقومون باستيراد هذه الأجهزة ويقومون بتوزيعها على موزعين صغار وعندما قمنا بالسؤال عن إمكانية طائرة تعمل بالريوت كونترول قال لنا سعيد إن الحصول على طائرة لابد أن يكون بالطلب من أحد مهربى هذه الأجهزة نظرا لصعوبة دخولها فى الفترة الأخيرة بعد أن قامت بعض الجماعات الإرهابية باستخدام هذه الطائرات لتنفيذ اعمال الإرهابية. وبالتواصل عبر الهاتف مع أحد المسئولين الأمنيين بوزارة الداخلية لتوضيح كيفية استخدام طائرات الأطفال الطائرة فى عمليات التجسس والعمليات الإرهابية قال إن طائرات الأطفال الطائرة لم يكن ممنوعا استيرادها قبل الثورة ألا أن جماعة الإخوان وبعض الجماعات الإرهابية الأخرى قاموا باستخدامات خاطئة لهذه الطائرات مشيرا إلى أنهم قاموا بتزويدها بكاميرات عالية الجودة لتصوير مواقع أمنية مهمة للاستفادة من هذه الصور واللقطات فى تنفيذ هجمات إرهابية تضر بأمن البلاد فتم إصدار قرارات بمنع استراد هذه الطائرات من الخارج وخاصة بعض أن تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط عدد من الطائرات لدى بعض الجماعات الإرهابية التى تم ضبطها مؤخرا معدة لاستخدامها فى اغتيال شخصيات أمنية وسياسية بالإضافة إلى بعض الطائرات القادرة على حمل كمية من المتفجرات لتفجير بعض المواقع الأمنية عن بعد خاصة وأن مثل هذه الطائرات تستطيع التحليق فى الهواء لمسافة كبيرة، وتعتبر من الأساليب الحديثة التى يلجأ إليها الجماعات الإرهابية لتفجير مؤسسات الدولة. بالإضافة وجود بعض المخططات التى تستهدف استخدام هذه الطائرات فى تعطل حركة الطيران عبر الأجواء المصرية من خلال تفجير إحدى طائرات الركاب بواسطة هذه الطائرات المفخخة، وبالتالى تتعطل حركة الطيران المصرية وتنعزل مصر عن دول العالم وأضاف المصدر أن الجهات الأمنية رصدت بعض الشركات ورجال الأعمال التابعين لجماعة الإخوان هم من يقومون باستيراد هذه الأجهزة داخل الحاويات الخاصة بهم. ومن جانبه قال إيهاب سعيد، رئيس شعبة مراكز الاتصالات بالغرفة التجارية، إن معظم هذه الأجهزة تدخل البلاد تحت اسم لعب أطفال ويتم تجميعها وتجهيزها هنا داخل مصر بعد أن انتبهت الأجهزة الأمنية لخطورة هذه الأجهزة مشيرا إلى عدم وجود أجهزة حديثة بالمنافذ الجمركية للكشف عن تلك الواردات التى تمثل خطورة على الأمن القومى ويضيف أن الشعبة بالتعاون مع الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات تبذل مجهودات متواصلة للحد من دخول الأجهزة غير المرخصة، كأجهزة التنصت بكل أشكالها بالإضافة إلى الأجهزة غير الحاصلة على شهادة الضمان والجودة. ولفت إلى أن الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، يعمل بالتعاون مع مصلحة الجمارك على عدم دخول تلك الأجهزة إلى مصر، بشكل مستمر، بخلاف أنها مخالفة للقانون إلا أنها تمس الأمن القومى المصرى وتهدده، موضحا أن الشعبة تعمل بشكل دورى على توعية التجار بكيفية الاستيراد، استخراج الأوراق المطلوبة واللازمة. ورغم انتشار أجهزة التنصت، إلا أن الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات دائما ما يؤكد لأجهزة الجمارك فى الموانئ المختلفة على تشديد وإحكام عمليات الرقابة لكثرة الحيل والخدع التى يستخدمها بعض المهربين لدخول هذه الاجهز إلى البلاد.