كنت أظن أن ثورتى 25 يناير و30 يونيو سترفعان الظلم عن أبناء البطة السوداء.. وأن الكل أمام القانون سواء ولكن اكتشفت - كما اكتشف الملايين غيرى - أننا نعيش فى وهم كبير وأن أبناء «البطة البيضا» وأصحاب الصوت العالى مازالوا يرقصون على خشبة المسرح وأن «اللى له ضهر ماينضربش على بطنه».. الأوراق والمستندات الموجودة بين يدى هى التى دعتنى إلى كتابة هذه المقدمة لأنها أثبتت أن الإصلاح الذى ينشده الشباب ونبحث عنه نحن الجيل الضائع ما هو إلا حلم بعيد المنال، وأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان.. والقصة وما فيها فى السطور التالية. البداية كانت فى إعلان نشرته جامعة المنيا فى جريدة الأهرام 16/5/2012 تعلن فيه عن حاجتها لشغل عدد من وظائف المدرسين والمدرسين المساعدين بكليات الجامعة المختلفة ومنها كلية الآداب أقسام اللغة العربية والاجتماع والتاريخ واللغة الفرنسية والآثار. عندها يقول د. علاء رجب حسن: قلت يا بركة دعا الوالدين، وأن أبواب «السما مفتحة» كما كانت تقول لى أمى فتقدمت بأوراقى وشهادات الليسانس والماجستير والدكتوراه معتقدًا أننى من المقبولين لا محالة، وكلها «كام يوم» وأكون مدرسًا فى كلية الآداب قسم اللغة العربية، حتى إننى كنت أتخيل نفسى وأنا فى قاعة المحاضرات وأشرح لأبنائى إخوانى الطلاب. يتابع علاء قائلًا: كنت متأكدًا من التعيين فى الجامعة لاستيفائى كل شروط القبول، حيث حصلت فى مادة التخصص وهى النحو والصرف والعروض على تقدير جيد جدًا وفى الليسانس على تقدير جيد جدًا أيضًا، وفى الماجستير على تقدير ممتاز وفى الدكتوراه على مرتبة الشرف الأولى، كما زاد يقينى من التعيين عندما علمت من خلال أوراق المتقدمين غيرى أن بعضهم حصل على تقدير مقبول فى مادة التخصص، وليس من المعقول أن يتم قبول من حصل على «مقبول» واستبعاد من حصل على تقدير جيد جدًا. ويعترف بأنه استبشر خيرًا عندما علم باجتماع أساتذة قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة المنيا، حيث اشترطوا فى محضر فحص الأوراق الحصول على تقدير جيد فى مادة التخصص، وأن تكون الأولوية لمن كان أقدم فى التعيين أو المنحة أو من أوائل الخريجين، وأن يكون حُسن السير والسلوك طبقًا لقانون تنظيم الجامعات. ..وتبخرت الأحلام ذات صباح لم تطلع فيه شمس - كما يقول علاء - استيقظت على مكالمة تليفون من أحد أصدقائى يقول: عوضك على الله يا علاء لقد تبخرت أحلامك على عتبة قسم اللغة العربية فى كلية الآداب، تم إعلان النتيجة، وتم اختيار (6) من المتقدمين، (4) مدرسين واثنين مدرسين مساعدين.. انتفضت من نومى كعصفور بلله القَطْرُ.. ارتديت قميصًا أكل عليه الدهر وشرب، وحذاء اشتكى من كثرة المشى.. أخذت أصرخ فى داخلى.. ولكن من يسمعنى، ومن يستجب لشكواى وأخذت أكلم نفسى وأنا فى الطريق.. فأنا حسب تقدير (الليسانس) أول المتقدمين، فتقدير المؤهل «جيد جدًا» وكل المتقدمين جيد، وفى مادة التخصص جيد جدًا ويوجد اثنان من المتقدمين غيرى حاصلان على تقدير مقبول فى مادة التخصص، كما أننى حاصل فى الماجستير على تقدير «ممتاز» والدكتوراه على «مرتبة الشرف الأولى» أخذت أكلم نفسى وأقول: د. غادة تجيب مقبول وتتعين لأن خالتها رئيسة القسم والله حرام!، ود.ضيف يجيب مقبول ويتعين والله ده ظلم!! لا عزاء للمتفوقين دخلت الجامعة فوجدت قرارات تعيين ل (6) من الزملاء فى لوحة الشرف.. لاحظت لأول وهلة أن التعيين للحبايب والأقارب والإخوان والخلان، ولا عزاء للمتفوقين أو المجتهدين.. الإخوان والوطنى «فولة» وانقسمت «نصين» الكل فى الكوسة سواء، ومع هذا أدركت بعد 35 سنة من عمرى أن الشكوى لغير الله مذلة، ولكن فى المقابل لا يضيع حق وراءه مطالب فلجأت إلى زملائى الأساتذة فى قسم اللغة العربية ماذا أفعل؟ اقترحوا على أن أكتب مذكرة لرئاسة القسم بالموافقة على تعيينى وبالفعل كتبتها ووقع عليها أحد عشر أستاذًا وامتنع (4) لظروف خاصة، وقال الأساتذة الذين وقعوا على المذكرة إن القسم فى حاجة لتعيين (6) مدرسين وليس مدرسًا واحدًا لأن تنظيم ساعات العمل فى قسم النحو والصرف بالكلية يشهد عجزًا شديدًا فى المدرسين، كما أن تطبيق اللائحة الجديدة فى تنظيم ساعات العمل رفع الساعات من 74 ساعة إلى 108 ساعات، مما يكفى لتعيين 9 مدرسين وليس لمدرس واحد كما ذكرت. وحتى أحصل على حقى المهضوم لإيمانى المطلق بأنه لا يضيع حق وراءه مطالب كتبت مذكرات عدة للسيد الأستاذ الدكتور عميد كلية الآداب ورئيس جامعة المنيا ووزير التعليم العالى الأسبق د. عمرو عزت سلامة والدكتور مصطفى مسعد وزير التعليم العالى فى زمن الإخوان ولكن لا مجيب. الشئون القانونية تتساءل المستندات تتكلم.. فما بين يديك عزيزى القارئ اعتراف من الإدارة العامة للشئون القانونية بجامعة المنيا بأحقية د. علاء رجب حسن على فى التعيين وإبطال كل قرارات التعيين الأخرى على أساس أن المساواة فى الظلم عدل، وأن ما بنى على باطل فهو باطل. واستكمالًا لسعيه فى الحصول على حقه فى التعيين بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة المنيا، كتب د. علاء مذكرة للإدارة العامة للتظلمات والشكاوى بإدارة الشئون القانونية بالجامعة، يتظلم فيها من صدور القرارات أرقام 196، 197، 198، 199 الصادرة بتاريخ 22/1/2013 بتعيين (4) مدرسين هم: غادة طوسون زكى وضيف عبد المنعم حامد ورضا محمد أحمد مصطفى وصابر إسماعيل محمد بدوى. تقول المذكرة: فى تاريخ 5/3/2013 تمت مخاطبة عميد كلية الآداب لموافاتنا - أى موافاة الشئون القانونية بإدارة الجامعة - بمذكرة تفصيلية شارحة مؤيدة بالمستندات لموضوع التظلم، ولعدم الرد تم استعجال السيد الدكتور عميد الكلية بتاريخ 24/3/2013. ولأن الرد لم يصلنا فقد تبين حسب ما ورد بتظلم د. علاء فقد تقدم لوظيفة مدرس بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة المنيا ضمن وظائف أعضاء هيئة التدريس المعلن عنها بجريدة الأهرام فى 16/5/2012 إلا أنه لم يتم تعيينه فى هذه الوظيفة، وصدرت القرارات سالفة الذكر بتعيين أربعة قد تم ذكرها سلفًا أيضًا. تقول المذكرة تبين أن المتظلم حاصل على ليسانس الآداب لغة عربية دور مايو بتقدير جيد جدًا بنسبة 80.4، وحاصل على الماجستير بتقدير ممتاز عام 2007، وحاصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عام 2012 وحاصل على شهادة الرخصة الدولية لقيادة الحاسب (ICDL) وشهادة اجتياز اللغة الإنجليزية (Toepl)، كما أن الإعلان المنشور فى الأهرام لم يتضمن النص على التخصصات المطلوبة، بل جاء بأن كلية الآداب فى حاجة إلى مدرسين ومدرسين مساعدين بقسم اللغة العربية تخصصًا عامًا، ولم يحدد تخصصًا دقيقًا معينًا مطلوبًا كما أن المتظلم من أبناء محافظة المنيا وخريج جامعتها، وذلك طبقًا لشروط التقدم للإعلان، كما أنه موظف بالجامعة وهو أفضل الذين تم تعيينهم مدرسين بقسم اللغة العربية حيث إن د.ضيف عبد المنعم حصل فى الليسانس على تقدير جيد فقط والدكتورة غادة طوسون زكى على تقدير جيد فقط أيضًا، ود. صابر إسماعيل محمد فى الليسانس على تقدير جيد، ود.رضا محمد أحمد مصطفى على تقدير جيد، حيث إن المعيار الذى استندت إليه الجامعة فى كل التعيينات أنه عن التساوى فى الدكتوراه والماجستير يكون الاستناد إلى تقدير الليسانس ومن هنا فإن المتظلم هو أعلى المتقدمين فى الترتيب العام على القسم، حيث حصل على تقدير جيد جدًا فى الليسانس. لجنة فحص الأوراق وتكشف سطور مذكرة إدارة التظلمات والشكاوى التابعة للشئون القانونية بجامعة المنيا المستور فى تجاوزات قسم اللغة العربية بكلية الآداب بذات الجامعة حيث تؤكد الأوراق التى بين يدينا أن د.غادة طوسون زكى والتى تم تعيينها بقسم اللغة العربية بالقرار رقم 196 لسنة 2013 قد حصلا على تقدير مقبول فى مادة التخصص، والدليل أن د.غادة حصلت فى مادة الأدب المقارن على تقدير مقبول، ود.ضيف حصل فى مادة التخصص أدب حديث «مسرح» على تقدير مقبول أيضًا وهذا يعد مخالفة صريحة للمعايير التى وضعتها اللجنة العلمية الفاحصة لأوراق المتقدمين، والتى اشترطت ألا يقل التقدير فى مادة التخصص عن «جيد» مع العلم بأن تقدير التخصص للمتظلم هو «جيد جدًا». وأشارت المذكرة إلى أن المادة (66) من قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية تنص على أنه يشترط فيمن يعين عضوا فى هيئة التدريس أن يكون حاصلا على درجة الدكتوراه أو ما يعادلها من إحدى الجامعات المصرية فى مادة تؤهله لشغل الوظيفة، أو أن يكون حاصلا من جامعة أخرى أو هيئة علمية أو معهدًا علميًا معترفًا به فى مصر أو الخارج على درجة يعتمدها المجلس الأعلى للجامعات معادلة لذلك مع مراعاة أحكام القوانين أو اللوائح المعمول بها. حيث إن المتظلم حاصل على ليسانس الآداب - لغة عربية بتقدير - (جيد جدا) ودرجة الماجستير بتقدير «ممتاز» ودرجة الدكتوراه بتقدير «مرتبة الشرف الأولى» وحاصل على (ICDL) و(TOEFL)، بذلك تنطبق عليه الشروط طبقا للإعلان المنشور بالجرائد الرسمية، الأهرام يوم 16/5/2012م والأخبار يوم 17/5/2012م. وفى ضوء شروط الإعلان يعتبر له أحقية فى التعيين فى وظيفة مدرس بقسم اللغة العربية بكلية الآداب؛ نظرًا لعدم النص فى الإعلان على تخصصات معينة خاصة بقسم اللغة العربية، وجاء الإعلان عاما بقسم اللغة العربية، كما أن قرارات التعيين (196، 197، 198، 199) لم تحدد التعيين فى تخصص معين، فنص هذه القرارات بالمادة الأولى منها: تعيين السيد - وتركت الأسماء مجهلة - فى وظيفة مدرس بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بالجامعة اعتبارًا من 22/1/2013م تاريخ موافقة مجلس الجامعة وأن المعايير التى تم الاختيار عليها بموجب مجلس الكلية بجلسته المنعقدة بتاريخ 9/7/2012م نص على ألا يقل تقدير مادة التخصص عن تقدير (جيد) وهو ما لم يتوافر فى كل من: د. غادة طوسون زكى، د. ضيف عبد المنعم حامد؛ لكون مادة التخصص لديهما (مقبول)، كما هو ثابت بالأوراق الموجودة طى التظلم. ولأن الشئون القانونية بجامعة المنيا لا تعرف الواسطة أو الكوسة أو المحسوبية فقد أكدت صراحة كما تقول المذكرة أن د.ضيف عبد المنعم حامد الصادر له القرار رقم (197) قد عُين فى تخصص أدب حديث «مسرح» وهذا التخصص ليس فيه سوى ثلاث ساعات تدريسية فى اللائحة المطبقة حاليًا بقسم اللغة العربية - كلية الآداب - وليس له أية ساعات تدريسية فى اللائحة الجديدة، فى حين أن عدد الساعات التدريسية فى تخصص «النحو والصرف واللغة» الزائدة على نصاب الأعضاء المتواجدين فى التخصص هو (82) ساعة فى اللائحة المطبقة حاليًا، وفى اللائحة الجديدة عدد الساعات أكثر من ذلك، وهو ما يتطلب تعيين مدرسين إضافيين بالقسم فى هذا التخصص وذلك على حد ما هو ثابت بالأوراق الموجودة طى التظلم. لذلك نرى لدى الموافقة قبول التظلم شكلا لتقديمه فى الميعاد القانونى لسلطة مختصة وسحب القرار رقم (197) لسنة 2013م بتعيين د. ضيف عبد المنعم حامد «مدرسًا بقسم اللغة العربية» والقرار رقم (196) لسنة 2013م بتعيين د. غادة طوسون زكى مدرسًا بقسم اللغة العربية؛ لأن مادة التخصص لديهما (مقبول)، وذلك بالمخالفة للمعايير التى تم الاختيار عليها بأن تكون مادة التخصص لا تقل عن (جيد) بموجب قرار مجلس الكلية بجلسته لتاريخ 9/7/2012م. ثم أحقية د. علاء رجب حسن على للتعيين فى وظيفة «مدرس» بقسم اللغة العربية بكلية الآداب لخلو الإعلان من شرط التخصص وأن المذكور خريج كلية الآداب - قسم اللغة العربية - طبقا لشروط الإعلان بجريدتى الأهرام والأخبار فى 16، 17/5/2012م. عند هذا الحد نكتفى بهذا القدر من ارتفاع ضغط الدم والواسطة والكوسة والمحسوبية، وذلك بعد ثورتين أطاح فيهما الشعب المصرى بمخلوع ومعزول ومازال الفساد مستمرًا ولله الأمر من قبل ومن بعد.