بعيدًا عن العاصمة بنحو 35 كيلو مترًا، تقع قرية برقاش شمال محافظة الجيزة، التى تحظى بوجود أكبر سوق تجارى للجمال فى مصر يقام على مساحة 25 فدانًا، ويستقبل شهريًا أكثر من 20 ألف جمل أغلبها من السودان الشقيق والباقى من الصومال والمغرب وإثيوبيا وأريتريا وتشاد. يعمل السوق يومى الأحد والجمعة من كل أسبوع بعدما انتقل من منطقة البراجيل بإمبابة فى عام 1995 ليصبح محط أنظار تجار الإبل فى مصر لمساحته الواسعة وصفرة رماله التى تقترب من معيشة الجمال فى مكانها وموطنها الأصلى. يضم السوق أشهر أنواع الجمال، ومنها:(الحمراء، والصفراء، والبيضاء والبيشارى والدنقلاوى والزمكلى والألعنانى والعنافى) وغيرها من أنواع الجمال التى تُباع فى السوق، لكن يظل سعر الجمل البلدى الذى تربى فى المراعى المصرية الأعلى سعرا بين كل الجمال التى تعرض فى السوق. بمجرد دخولك السوق ترى مشاهد لم ترها من قبل منها مزادات علنية للجمال التى تهرول هنا وهناك ويتم الكشف عنها قبل بيعها عن طريق أسنانها بفتح فمها وقيامها وجلوسها ودورانها عدة مرات فى نفس المكان أمام المشترين للتأكد من صحتها وأنها سليمة من الأمراض، وسط أصوات عالية لأصحاب الإبل فى المزاد ومناقشاتهم الحادة حول الأسعار والتى تكون عادة أشبه بالمشاجرات، لكنها تنتهى دائمًا فى النهاية كما تعودوا بالحب والمودة، أصحاب الإبل بشرتهم السمراء هى وجوه مصرية وسودانية أصيلة بالعمامة والجلباب والعصى التى يحركون بها الجمال فأهل الصعيد يهيمنون على السوق من حيث تحديد الأسعار التى لها أصول وتقاليد قديمة داخل السوق. ومن بين المحافظات التى تهتم بلحوم الإبل محافظة الشرقية التى يشتهر أهلها بأنهم من أكثر المحافظات استخداما للحوم الإبل. ويتجه صوب السوق أيضًا السائحون، حيث إنه يوجد على أجندة الزيارات السياحية لمصر، وقد زاره الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر وملك النمسا ويقول أحد التجار إن النجم الأمريكى آلان ديلون كان يريد النزول من الطائرة إلى سوق الجمال مباشرة فى إحدى زياراته إلى مصر. تنتقل الإبل من السودان وتحديدًا من أم درمان فى الجبال ليلًا حتى تتجنب السير تحت أشعة الشمس فتقطع مئات الأميال وتبدأ الرحلة من شمال السودان لتقطع نحو 1600 كيلو متر فى الصحراء التى تفصل بين مصر والسودان، وتستغرق 30 يومًا وتتخذ نفس الطريق الذى كانت تسلكه القوافل عبر مئات السنين، وتهتدى فى سيرها بالنجوم ليلاً وبالواحات والأشجار نهاراً لمعرفة طريق الوصول إلى سوق برقاش، يتم نقل الإبل بواسطة المراكب النيلية وتستغرق الرحلة من السودان عبر النيل حوالى 12 يوما». تبدأ حركة البيع فى السوق بالمزاد الذى يسير وفق أصول وهكذا الأسعار التى يحددها تجار السوق قبل مجئ المشترين، بعد البيع يأخذ كل تاجر نياقه ويقوم بتحميلها فى سيارات وسط دعوات الجميع له بالرزق الوفير.