كتب أحمد الاترجي: الرحلة تستغرق شهرا من دارفور عبر طريق درب الاربعين من الوهلة الأولي لدخولك سوق برقاش للجمال التي تبعد نحو42 كيلومترا عن القاهرة والمقامة علي مساحة25 فدانا من بوابته الحديدية الضخمة والجدران العالية التي تحد المكان حتي تشعر كأنك عدت بالزمن عدة قرون, فالصحراء بضفرة رمالها والوجوه السمراء وقطعان الجمال تملأ المكان يمينا ويسارا, بالإضافة لمكاتب التجار التي تشبه البيوت الريفية فتتكون من طابق أرضي تعيش فيه الجمال يعلوه سقف مسلح توضع أعلاه الأعلاف ويصل عددها إلي أكثر من ثلاثين مكتبا يقوم أصحابها بمتابعة حركة السوق وتحديد الأسعار, فهنا التجار من أكبرهم لأصغرهم قادمون من إحدي مدن أو قري الصعيد من قنا إلي أسوان تراهم بملامحهم الصارمة وقوة أبدانهم المزينة بعباءات فضفاضة يظهر من تحتها الصديري وتحفها العمامة فوق الرأس. سوق الجمال بدايتها كانت في منطقة إمبابة ثم تم نقلها إلي البراجيل حتي استقر بها الحال في قرية برقاش منذ عام1995 وحتي الآن فالسوق مفتوحةا طوال أيام الأسبوع لكن اليوم الرسمي للسوق هو الجمعة ويظهر هذا اليوم وكأنه مهرجان أسبوعي للجمال, فالسوق تحتوي علي أنواع عديدة منها مما يجعلها تجذب السياح إليها. وعن رحلة الجمال أو القعدان كما يطلقون عليها هنا إلي السوق يقول أيمن المرمي صاحب مكتب استيراد جمال ان غالبية الجمال تأتي عن طريق ثلاث وسائل, أولاها من السودان وتحديدا من دارفور وكسلا عبر الصحراء في طريق متفق عليه يسمي درب الأربعين وهو طريق تاريخي يربط بين مصر والسودان تسير فيه الجمال مسافة1600 كيلومتر بصحبة الدليل وبعض العمال وتستغرق هذه الرحلة شهرا كاملا منذ خروجها من السودان إلي السوق تتغذي خلالها الجمال علي الأعشاب والتبن وبعض الحشائش التي يتم شراؤها من التجار الموجودين في الاستراحات التي يمرون عليها في الطريق, وثانيتها عن طريق شحنها من الصومال في مراكب يحمل الواحد منها بين1300 و4000 جمل حتي وصولها لميناء السويس. وأخيرا عن طريق النقل البري بالسيارات المقطورة حمولة60 جملا وأهم ما يميز هذه الرحلة هو توفير الوقت حيث لاتتعدي مدتها الأسبوعين تتخللها استراحات في بور سودان وأوسيف السودانية مرورا بالحدود المصرية حيث يتم توقيع الكشف الطبي عليها لحجز الجمال المعتلة والسماح بمرور السليمة( الخالية من الأمراض) بالإضافة للرقابة من مكتب الطب البيطري الموجود بالسوق. بعد ذلك يقوم المستورد بدفع الجمارك ورسوم دخولها الحدود المصرية لتكمل طريقها إلي السوق وبعد وصولها يأتي السمسار ومعه بعض عماله للقيام بعملية فرز الجمال واختيار الأفضل منها ثم يتولي بيع الجمال التي اختارها مقابل نسبة متفق عليها وهي مائة جنيه عن الجمل الواحد. ويضيف حمادة فرج أحد العاملين بالسوق أن أحواش الجمال مملوكة للمجلس المحلي لبرقاش ويتم إيجارها للسمسار أو التاجر مقابل جنيه واحد شهريا عن كل متر بالحوش ويدفع المبلغ جملة آخر العام ثم يورد بالكامل إلي حساب الموازنة العامة للدولة, وفي المقابل تقوم رئاسة المدينة برصف جميع الطرق المؤدية إلي السوق والأعمال الخاصة بالسوق من إنارة وصيانة المنشآت وجميع الأعمال المتعلقة بالسوق والمترددين عليها وتوفير الحماية والخدمات المدنية. ويؤكد مصطفي أبوالدهب أحد العاملين بالسوق أن أهم أيام السوق علي مدي العام هي أيام موسم عيد الأضحي حيث تشهد السوق رواجا كبيرا قبل العيد بشهر وحتي يوم الوقفة فيأتي الناس من شتي أنحاء الجمهورية من جزارين, مزارعين, تجار, وهناك من يشتريها لسباقات الهجن. ويشير عيد المرمي أن أسعار الجمال بالسوق تتوقف علي مجموعة عوامل أهمها السن والصحة والوزن, فالجمل السوداني يتراوح سعره بين2000 و10 آلاف جنيه, والصومالي من2000 إلي8 آلاف جنيه, ويضيف أن أهم أنواع الجمال الموجودة بالسوق وأفضلها هو البشاري و العنافي وكلاهما يأتي من السودان. ويقول: الطريف في السوق إن لكل قبيلة علامة ووشما مميزا تقوم برسمه علي مؤخرة الجمل وبها يتم التعرف علي ملكية الجمال لأية قبيلة, ويقوم التجار في السوق بربط إحدي الأرجل للجمل حتي يظهر للمشتري أنه نشيط ويتم الشراء عن طريق مزاد علني يتسابق فيه المشترون حتي يرسو المزاد علي أحدهم فيقوم بدفع ثمن الجمل وبعد شرائه يتم دفع رسوم الخروج من بوابة السوق وهي31 جنيها عن الرأس الواحدة. أما عن اسعار لحوم الجمال فأكد التجار أنها تنخفض عن أسعار اللحوم البلدية بحو الثلث تقريبا.