أفضل منهج ونموذج علمى وعملى حقق إنجازات فاقت حدود العقل فى إحداث ثورة داخل الإنسان وتحويل مسيرة حياته إلى التصالح مع النفس والغير فى إقامة العدل ونشر الخير.. وهذا ما لمسه العالم وشهد به من خلال نصف قرن من الزمان.. بعد همجية ووحشية ورجعية فكرية وقبلية ودينية سادت البلاد ودمرت القيم والأعراف ولم تقدم نموذجًا متطورًا فى إقامة الحياة المدنية الحضارية التى تفرض حرية الفكر والإبداع وتحمى حقوق كافة المواطنين.. ألا وهو القرآن الكريم فقد نزل ليعلو من شأن الأمة المكلفة بقيادة البشرية.. وما نشاهده فى عصرنا الحالى من هجر المسلمين للقرآن واتخذوه كتابا للثقافة أو سمعا للطرب أو للمباركة وتركوه كمنهج حياة ينفعهم ويخلصهم من التخبط وحالة الضعف والانشقاق.. وأصبحنا قالبًا مربوطًا فى ذيل الأمم نتيجة تخلينا عن العمل بالقرآن وهجرنا كلام الله وهنا قال تعالى : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30)) وإذا أمعنا النظر فى آثاره السلبية التى أصيبت بها الأمة نجدها أولا على مستوى الأفراد وتفشى الحسد والبغيضة والسب والقذف والسخرية.. بالإضافة إلى انتشار الفاحشة من سرقات وقتل وزنا حتى أكل أموال الأيتام والفقراء.. والنتيجة الثانية أصبحت اللغة تشعرهم بالخجل والتخلف.. فأهملت وصار التحدث بها بلغة «ركيكة» سطحية وكادت تكون ظاهرة إعلامية.. وتفوقت عليها اللغة الأجنبية وهى نوع من التبعية العمياء مثل تقاليد الموضة. وتغافل الجميع أن الغرب فى شقاء بسبب غياب الرحمة والطمأنينة ومعرفة الهدف الحقيقى من الحياة ونسوا أن الله عز وجل تعالى قال: ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82)) .. وكما قلت فى الأعداد السابقة إن القرآن جمع كل العلوم والمعارف من طب وفضاء وقصص للعظة ومكارم الأخلاق.. فكان حقا دستورا أقام مجتمعا يتسم بالقيم والتطور الحضارى بعد البعثة.. ثم بدأنا نلهث خلف أفكار وثقافة الغرب والشرق بشكل من التقديس دون تمحيص لحل مشاكلنا الاجتماعية والسياسية حتى الشخصية رغم أن الغرب بدأ يسلك تطبيق تعاليم القرآن والسُنّة فى مجالات كثيرة كالاقتصاد بعدما خذلته قوانينه الوضعية فلقد قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)..فحق عقاب الله على كل من اتخذه مادة للمتاجرة والدجل والشعوذة وكحجاب وديكور على الحائط وعلى واجهة الحائط وفى السيارات.. حتى كان الحاضر الغائب بيننا.. بل الأدهى والأمر أن علماءنا أغلقوا العقل ولم يقدموا الجديد ولن يسمحوا بتحرير الفكر من الاجتهادات القديمة مما يناسب العصر ويتماشى مع طبيعة القرآن وحكمته بأنه لكل العصور ويخاطب كل الأجيال. وشارك كثير من علمائنا فى مسئولية الهجر للقرآن لحكرهم حق الاجتهاد ويهاجمون كل من يجتهد.. ولم يغب عنا أن عددًا كبيرًا من علماء الغرب أشادوا بالقرآن الكريم واعترفوا أنه ليس بقول بشر ومنهم أسلم وسجد للمولى.. ويقول الكاتب الإنجليزى «مارمانوكى بيكنل»: «القرآن يؤصل للأخلاق فلا نستطيع إنكار ذلك حيث أنزل إلى النبى عليه السلام فمن أراد التقرب إلى الله عز وجل.. توجه إلى القرآن لأن فيه بيان حق الخالق وحق المخلوقين».. وفى موقف آخر نهض فجأة البروفيسور اليابانى «يوشيرى كوزاى» فى مؤتمر بالقاهرة فور سماعه آية قرآنية(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ ) وقال لم يصل العلم والعلماء إلى هذه الحقيقة المذهلة إلا منذ فترة قريبة بواسطة تصوير الأقمار الصناعية إلى أن النجوم تتكون من كتلة كبيرة من الدخان وقال «وقد أضفنا إلى معجزات القرآن معجزة جديدة مذهلة أكدت أن الذى أخبر عنها الله الذى خلق الكون قبل مليارات السنين». وفى شأن آخر أعلن البروفيسور «بالمر» إسلامه بعد سماعه القرآن فى مؤتمر لشباب المسلمين بالرياض لقوله تعالى:( أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) فتأكدت لديه حقيقة أنه كلام من لدى الخالق لأن الاكتشاف العلمى أكد أن الكون كان فى البداية سحابة دخانية غازية متلاصقة ثم تحولت تدريجيا إلى ملايين الملايين من النجوم التى تملأ السماء.. وأكد عالم آخر بأن الإيمان بالله بالفطرة فى كتابه «لما يجب على كل شخص أن يؤمن بالله» وهو العالم «جاستون باريت» عالم الطبيعة الأمريكى ويقول: «إن الأطفال يميلون للإيمان بالله مع أنهم لم يتلقوا أى تعاليم دينية». ** فهل من عاقل مسلم يهجر القرآن الكريم ويترك حياته ومجتمعه فى مهب الهوى والرأى الفاسد لنعيش حياة الهمجية والتخبط.