تكلم حتى أراك مقولة شهيرة للإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه، تنطبق على رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان الذى ظل فى منصبه على مدار أكثر من عشرة أعوام مثلا أعلى للسياسى المحنك والحاكم الناجح فى نظر الكثير من شعوب وحكام وسياسيى العرب، حتى جاء العام 13 من الألفية الجديدة والذى يبدو أنه كان فأل شؤم عليه حيث فقد خلاله الكثير من حكمته ورزانته فأخذ يطلق التصريحات غير المسئولة يمينا ويسارا ويتدخل فى شئون الغير شرقا وغربا ويتبع سياسات داخلية وخارجية شاذة أفقدته الكثير من شعبيته التى هبطت إلى أدنى مستوياتها مع حلول نهاية عام 2013. فرغم نجاح أردوغان فى تحييد الجيش التركى وإبعاده عن الحياة السياسية وملاحقة الكثير من قادته قضائيا وتعديل الدستور وفقا لرؤية حزبه الحاكم العدالة والتنمية وسيطرته على كافة مقاليد الحكم فى بلاد الأناضول، إلا أن عام 2013 شهد أحداثا مؤسفة بالنسبة لاسطنبول كاحتجاجات ميدان تقسيم وقمع الشرطة لها وسقوط مئات الجرحى ووقوع وفيات بين صفوف المتظاهرين، بالإضافة إلى شبه العزلة السياسية التى تعيشها تركيا حاليا فى الشرق الأوسط بسبب سياسات أردوغان الخارجية وتدخله فى الشئون الداخلية للدول الأخرى وهو ما أدى إلى قيام مصر بطرد السفير التركى من القاهرة وتدهور العلاقات التركية السعودية، وإهانة أردوغان وإنزال صوره فى فلسطين وتراجع شعبيته ونفوذه بها، بالإضافة إلى التطورات السلبية فى العلاقة بين تركيا وتونس. ومرورا بفشل عملية السلام مع حزب العمال الكردستانى وعودة العمليات الإرهابية داخل مدينتى أنقرة واسطنبول، وكذلك فضيحة خلية تجسس لصالح ايران تورطت بها سيدتان لعبتا دورا كبيرا فى تأسيس حزب العدالة والتنمية، وصولا لكشف حزب الشعب الجمهورى عن قيام حكومة أردوغان ببيع سهل أجدر فى شرق تركيا بكامله، وأكثر من نصف سهل هران جنوبى البلاد، إضافة إلى جزء كبير من الأراضى الزراعية المهمة إلى إسرائيل عن طريق مجموعة من مستثمريها، وأخيرا ومنذ أيام قليلة اعتقلت الشرطة التركية أكثر من 30 شخصية مقربة من أردوغان وخضوعها للتحقيق فى قضايا فساد كبرى. كل ما سبق من أحدث وضعت المستقبل السياسى لأردوغان وحزبه على المحك وكتبت كلمة النهاية لحقبة حزب العدالة والتنمية الحاكم بأكملها وهو ما تدل عليه كافة استطلاعات الرأى خلال عام 2013 حيث تراجعت شعبية أردوغان وحزبه فى الشارع التركى خلال الفترة الأخيرة وهى التى ظل يتفاخر بها داخل تركيا وخارجها، حيث كشفت صحيفة “أورتاد أغو” التركية عن تراجع شعبية أردوغان بنسبة 12% منذ انتخابات عام 2011 لتصل إلى 38% فى مقابل 40% لحزب الشعب الجمهورى و 16% لحزب الحركة القومية، و6% لحزب السلام والديمقراطية الكردى، وهو مؤشر قد يطيح بأردوغان خارج العملية السياسية الحاكمة خلال العام القادم حيث لايحق له تولى رئاسة الوزراء لولاية جديدة بعد انتهاء ولايته الثانية على التوالى، كما كشفت صحيفة وطن التركية عن استطلاع آخر للرأى حول سياسة أردوغان الخارجية، جاءت نتيجته بأن انخفضت نسبة مؤيديها إلى 25% مقارنة ب35% عام 2012.