المصائب لا تأتى فرادى .. هكذا هو لسان حال رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان وحكومته وحزبه الحاكم العدالة والتنمية، وخاصة وأنه لم يتبق سوى أقل من عام على موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فبداية من أحداث تقسيم التى أساءت كثيرا إلى صورة تركيا خارجيا وأجهضت آمالها فى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى وكانت سببا رئيسيا فى ضياع حلم تنظيم أولمبياد 2020، مرورا بشبه العزلة السياسية التى تعيشها تركيا فى الشرق الأوسط بسبب سياسات أردوغان الخارجية، وكذلك فشل عملية السلام مع حزب العمال الكردستانى وعودة العمليات الارهابية داخل مدينتى أنقرة واسطنبول واستهداف مبانى الشرطة وقواتها، وصولا إلى فضيحة خلية التجسس لصالح ايران التى تورطت فيها سيدتان لعبتا دورا كبيرا فى تأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001، كلها أحداث تضع المستقبل السياسى لأردوغان على المحك وتكتب كلمات النهاية لحقبة حزب العدالة والتنمية الحاكم. فقبل ثمانية أشهر من الآن اكتشفت قوات الأمن التركية أجهزة تنصت وكاميرات مراقبة دقيقة داخل مقر رئاسة المغتربين التابع لرئاسة الوزراء، إلا أن تلك القضية ظلت فى طى الكتمان وظل التحقيق بها سرى للغاية حتى جاءت صحيفة حزب اليسار التركى منذ أيام لتكشف عن أسرارها وتؤكد تورط سيدتين الأولى تدعى «عزيمة» والثانية «فاطمة» قامتا بزرع أجهزة تنصت وكاميرات داخل المقر التابع لرئاسة الوزراء لصالح جهاز المخابرات الإيرانى وذلك لتزويدهم بكافة المعلومات والمناقشات التى تدور داخل هذا المقر السيادى بالدولة التركية. كما كشفت الصحيفة اليسارية عن استغلال السيدتين نفوذهما داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم وعلاقاتهما الوثيقة بكبار المسئولين به للدخول إلى مقر رئاسة المغتربين، وخاصة إلى مكتب رئيس المقر الخاص بالوزير «كمال يورطناج» وزرعتا أجهزة التنصت والكاميرات داخل لوحة الكهرباء الخاصة بالمكتب، وأضافت الصحيفة أن القوات الأمنية قد توصلت إلى أن رجل أعمال من أصول إيرانية هو من جند السيدتين وهو من زودهما بأجهزة التنصت لزرعها، وأنه أعطاهما 100 جهاز من هذا النوع اكتشف 17 فقط داخل مقر رئاسة المغتربين، كما كشفت عن حملة اعتقالات لعشرة أشخاص يشتبه أنهم خلية تجسس أنشأها ذلك الرجل ذى الأصول الايرانية. ورغم أن القضية ليست الأولى من نوعها، إذ تم الكشف قبل عام من الآن عن أجهزة تنصت تم زرعها داخل مكتب رئيس الوزراء التركى، إلا أن المفاجأة هذه المرة تكمن فى أن السيدتين المتهمتين من مؤسسى حزب العدالة والتنمية الحاكم وكانتا من الأسباب الرئيسية فى فوزه بانتخابات عام 2002، وهو سرعان ما نفاه «بكير بوزداغ» نائب رئيس الوزراء وأحد قيادات حزب العدالة والتنمية، مشددا على أنهما كانتا من بين العاملين فى مرحلة تأسيس الحزب عام 2001 ولم تكونا من المؤسسين الفعليين له على حد وصفه. وقد أبدى خبراء ومحللون سياسيون تخوفا مما تمر به تركيا حاليا من عمليات تجسس وأعمال إرهابية والتى تدل على ضعف الإدارة الحاكمة للبلاد بقيادة أردوغان فى الفترة الراهنة، وذلك بالتزامن مع موقفها الشعبى الهش بسبب تراجع شعبيتها فى الشارع التركى خلال الفترة الأخيرة حيث كشفت صحيفة «أورتاد أغو» التركية عن تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية بنسبة 8% منذ انتخابات عام 2011 لتصل إلى 42% فى مقابل 36% لحزب الشعب الجمهورى و 16% لحزب الحركة القومية، و6% لحزب السلام والديمقراطية الكردى، ورغم احتفاظ العدالة والتنمية بالنسبة الأكبر حتى الآن إلا أن نسبة 42% وقبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قد تطيح بأردوغان خارج العملية السياسية الحاكمة حيث لايحق له تولى رئاسة الوزراء لولاية جديدة بعد انتهاء ولايته الثانية على التوالى كما أن هذه النسبة لاتحقق له حلم إعتلاء كرسى رئاسة الدولة الذى يتطلب الفوز به حصد نسبة أكثر من 50% من أصوات الناخبين.