اصبرو سبعة أشهر واختاروا البديل إن وجد!، هذه الجملة ترددت أكثر من مرة على لسان رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان ردا منه - فى غرور- على مظاهرات معارضيه، فى إشارة إلى موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، إلا أن الولاياتالمتحدة يبدو أن صبرها قد نفد فى ظل تراجع شعبية أردوغان على المستوى الداخلى والخارجى، وبدت الإدارة الأمريكية وكأنها ترفع يدها عن أحد أكبر حلفائها بالشرق الأوسط بعدما بدأت البحث الفعلى عن بديل لأردوغان. وفقا لصحيفة «ينى تشاغ» التركية فقد أنهى الوفد الشعبى التركى رحلته إلى الولاياتالمتحدة وعاد دون رئيسه كمال كيليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهورى وزعيم جبهة المعارضة، وذلك بعدما تلقى دعوة رسمية هى الأولى من نوعها من قبل مسئولى الإدارة الأمريكية لأحد زعماء المعارضة التركية، لإجراء مباحثات تتعلق بتطوير مسار العلاقات الثنائية وتبادل الآراء حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك للبلدين، وكانت الصحيفة التركية قد فسرت الدعوة بأنها تحمل مدلولًا واضحًا وهو أن الإدارة الأمريكية فقدت الأمل فى شخص أردوغان وسياساته، وأنها بدأت بالفعل فى البحث عن بديل من بين صفوف المعارضة يحل محله. ويرى عدد من الخبراء والمحللين السياسيين أن الولاياتالمتحدة فى طريقها بالفعل للتخلى عن أردوغان بعد فشله فى أداء الدور الذى كانت الإدارة الأمريكية تأمله منه خلال الفترة الماضية بأن يكون نموذجا لدول ثورات الربيع العربى وزعيما للمنطقة يمتلك مقاليدها، ولكنه أصبح مثل «كارت محروق» على حد تعبيرهم بعدما ظهرت الدلائل على ذلك واضحة بقيام مصر بطرد السفير التركى من القاهرة وتدهور العلاقات التركية السعودية، وإهانة أردوغان وإنزال صوره فى فلسطين وتراجع شعبيته ونفوذه بها، بالإضافة إلى التطورات السلبية فى العلاقة بين تركيا وتونس، ويستشهد الخبراء والمحللون على تراجع دور أردوغان وأهميته لدى الإدارة الأمريكية بتجاهل تركيا تماما فى مؤتمر جنيف الثانى لحل الأزمة السورية رغم أن تركيا كانت شريكا فى الأزمة من بدايتها. وقد أدت سياسات أردوغان الخارجية إلى فقدان تركيا للكثير من حلفائها ووضعها فى شبه عزلة عن باقى دول المنطقة بالإضافة إلى شحن المجتمع التركى ضد حكومة أردوغان لإساءتها لصورة تركيا بالخارج وهو ما ظهر واضحا من خلال خروج عدد من المحتجين إلى الشوارع فى أكثر من مناسبة للتعبير عن غضبهم من ذلك، ويتعرض أردوغان وحزبه الحاكم حاليا «العدالة والتنمية» لانتقادات لاذعة بعدما كشف حزب الشعب الجمهورى أن إسرائيل قامت عن طريق مجموعة من مستثمريها بشراء سهل أجدر فى شرق تركيا بكامله، وأكثر من نصف سهل هران جنوبى البلاد، إضافة إلى جزء كبير من الأراضى الزراعية المهمة فى مناطق مختلفة من تركيا. وترى الإدارة الأمريكية فى «كيليتشدار أوغلو» رجل المرحلة القادمة نظرا لما يتمتع به من شعبية كبيرة ومكانة عالية وسط المعارضة التركية وأحزابها، بالإضافة إلى علاقاته الخارجية القوية والتى تمتاز بالهدوء والاحترام والتوازن خاصة مع مصر التى ترى فيها الولاياتالمتحدة دولة محورية ومؤثرة فى المنطقة وحليفا لا يمكن الاستغناء عنه، فالإدارة الأمريكية لا تزال تذكر زيارة كيليتشدار الأخيرة إلى القاهرة والتى حاول خلالها امتصاص غضب الشعب المصرى الثائر ضد تركيا وأردوغان، حيث أكد كيليتشدار خلال الزيارة أن أردوغان لا يمثل كل الشعب التركى، وأن الأغلبية التركية تكن كل الاحترام للشعب المصرى، متوقعا انتهاء حكم اردوغان وحزبه فى القريب وأن يكون البديل أحزاب تمثل آراء الأغلبية التركية مثل حزب الشعب الجمهورى وغيره من الأحزاب التى تدرك معنى الديمقراطية الحقيقية وتنظر إلى تركيا ومصالحها المشتركة مع العرب دون التدخل فى الشأن الداخلى للدول الأخرى واحترام سيادتها الكاملة.