قبل أن تظن أننا بصدد الحديث عن أحد أفلام هوليود أخبرك أن المقصود بالمتحولين هم الشخصيات التى تبدلت مواقفها إلى النقيض بشكل قد يعجز الخيال الهوليودى عن تصديقه، خاصة عقب ثورة 25 يناير وواصلت تلك الشخصيات عملها اقتداء بالحرباء التى تغير لونها وفق الطبيعة التى تعيش بها، وخلال العام المنقضى رصدت مواقع التواصل الاجتماعى العديد من المواقف لشخصيات عامة وصفتهم بالمتحولون. فقد شهد عام 2013 أحاديث واسعة فى الشارع المصرى عن العديد من الشخصيات السياسية والتنفيذية التى اتهمهم المصريون بأنهم متحولون، وتحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى ساحة واسعة للحديث عن تلك الشخصيات فهناك من عاش عمره فى خدمة أيديولوجية ما ثم انقلب عليها بسبب ميوله وأهدافه كعبد المنعم أبو الفتوح, الذى ترك الجماعة وارتدى قناع الليبرالية آملا فى الفوز باللقب الكبير.. "الرئيس". لكن هذا القناع انكشف فى لحظة فارقة منذ أيام ليظهر الوجه الإخوانى للرجل صاحب الصورة الشهيرة أثناء تدربه على عمل المتفجرات مع عتاة الإرهاب فى الثمانينات وما تلاها.. وهو الوجه الحقيقى للجماعة كلها والتى ادعى مرشدها العام محمد بديع فى أبريل 2012م أنه لن يسمح بعودة الفساد والاستبداد وأن "من يستخدم فزاعة الإخوان لن ينجح لأن أكثر من فى الأرض مودة لنا هم المسيحيون لأن منهم الرهبان والقسيسين ولن يستطيع مغرض الوقيعة بيننا" هذا ما قاله فى أحد التصريحات الإعلامية. أما أشهر مشاهد التلون والتحول فبطله الداعية صفوت حجازى الذى أنكر صلته بجماعة الإخوان وهاجم البلتاجى ومرسى بعد أن تم القبض عليه متنكرا محاولا التسلل إلى ليبيا للهرب وكان قبل أيام يصرخ فى الفضائيات متحدثا عن مرسى "اللى يرشه بالميه هانرشه بالدم" وفى جلسة محاكمته ظهر معانقا البلتاجى مدعيا أن هذا شرف له. لكن أعجب المتحولين هم الذين تحولوا من مركزهم الوقور فى خدمة الدولة إلى خدمة سياسات الإخوان أثناء فترة حكمهم وأبرزهم حاتم بجاتو الذى تنازل عن منصبه كقاض ورضى أن يكون أحد الوزراء فى حكومة قنديل، ومن الكتاب أيضا من لم يهتم بغضب قرائه وفقدانهم التدريجى بسبب دفاعه عن مواقف إخوانية أغضبت أغلب الشعب المصرى ومن السياسيين من تحول من موقف المعارض الشرس لنظام مبارك إلى حمل المباخر لنظام مرسى وتجميل صورته المشوهة مثل أيمن نور الذى سجنه النظام الأسبق فى قضية التوكيلات الشهيرة والذى دافعت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس باستماتة وبعد الثورة وفشله فى اللحاق بسباق الرئاسة ارتمى فى أحضان الجماعة الحاكمة. لكن محمد سليم العوا نجح فى دخول السباق ولم يخفق كالشيخ حازم أو نور, وادعى العوا أنه سيكون حاكما عادلا ومنصفا ونسى أن أرشيفه يذكر أنه قال: إن المسئولين عن حادث الدويقة هم أهل الدويقة لأنهم اختاروا نوابهم بالبرلمان، فما حدث لهم كان عقابا من الله على اختياراتهم!! وبعد ثورة 30 يونيو تطوع للدفاع عن الرئيس المعزول ونسى أيضا أنه لطالما صرح أنه لا يدافع عن حاكم مستبد. الأرشيف يذكر أيضا أن أحمد كمال أبو المجد قال فى عام 1994م إن الخارج عن القانون يؤخذ بسيف القانون وهو ما تجاهله تماما فى 2013م عندما تحدث عن المصالحة مع الجماعة التى حرقت وقتلت ودمرت. أرشيف المتحولين يعج بالكثير من الأسماء والمواقف, لكن التحول لم يكن مقصورا على الأشخاص الذين ذكرناهم أو التى لم نذكرهم، بل شمل أيضا بعض القنوات الفضائية التى أظهرت الوجه الحقيقى القبيح وبشكل سافر ومستفز.. مثل الجزيرة التى تجاهلت أحداثا مهمة وفارقة فى الشأن المصرى، واكتفت بإبراز إيجابيات مرسى وجماعته ووأد أخطائهم الفادحة، وهو نفس النهج الذى اتبعته شبكة رصد الإخبارية, وأيضا بعض الصفحات الثورية على موقع التواصل الاجتماعى (فيسبوك) مثل صفحة كلنا خالد سعيد التى كانت الشرارة الأساسية لثورة 25 يناير حيث أظهرت انحيازها لفصيل واحد يخدم مصالحها وتجاهلت التعليق على أحداث ما كانت لتتركها تمر فيما مضى دون أن تجعل منها حدثا جللا، أو علقت عليها متأخرة وباستحياء شديد دفع البعض إلى أن يعلق عليها قائلا صح النوم.