حالة من الجدل والتخوف من استخدام بعض السفارات فى أعمال ضد الأمن القومى المصرى، خاصة بعد البلاغ الذى تقدم به أحد المحامين للنائب العام ضد أسامة يوسف القرضاوى القائم بأعمال نائب السفير القطرى فى القاهرة، يتهمه بتمويل عمليات إرهابية وتهريب أجهزة تجسس لتنظيم الإخوان للأراضى المصرية بهدف الإضرار بالأمن القومى. وأكد خبراء أن الحصانة الدبلوماسية لا تمنع تفتيش الحقائب الدبلوماسية إذا كانت هناك معلومات مؤكدة حول وجود مخالفات تهدد الأمن القومى بشرط حضور مندوب من السفارة، وطالبوا بضرورة اتخاذ كافة الاجراءات القانونية والدبلوماسية لحماية الأمن القومى من الأنشطة المشبوهة لبعض السفارات خاصة التى تتبع دولاً معادية لثورة 30 يونيو وتدعم تنظيم الإخوان فى مواجهة الحكومة. (أكتوبر) تناقش الخبراء فى كيفية التصدى للأعمال التخريبية التى تساندها السفارات عن طريق تهريب مواد ممنوعة وأجهزة تجسس لجماعات إرهابية، فى سياق التحقيق التالى: بداية يرى الدكتور نبيل حلمى أستاذ القانون الدولى بجامعة الزقازيق وعميد كلية حقوق الزقازيق السابق أنه لا شك أن الحقائب الدبلوماسية هى أحد مظاهر الدولة ومن يمثلها فى الدولة المضيفة ولذلك فهى كانت ضمن الحصانات والامتيازات الدبلوماسية التى أقرها القانون الدولى واتفاقية فيينا للحصانات والمزايا الدبلوماسية والتى شملت حرمة المبانى وحصانة الأشخاص المسجلين كدبلوماسيين لدى الدولة المضيفة. ولكن هذا الحق ليس مطلقًا بل يجوز تفتيش الحقائب إذا وردت معلومات عن وجود ما يهدد النظام العام بالدولة فى حالة التلبس ولذلك فإن كثيرًا من الدول تقوم بوضع الحقائب فى سير الكشف بالأشعة قبل مروره على السير الموجود داخل صالات الوصول بالمطار. ويضيف أنه فى بعض الأحيان تكون الحقيبة مرسلة فى صورة بضائع وفى هذه الحالة يمكن الكشف عليها بأجهزة متطورة أو كلاب مدربة وفى هذا يكون الضبط هو حالة من حالات التلبس التى يجوز فيها تفتيش الحقيبة الدبلوماسية وفى حالة الاشتباه فإنه يتم إخطار السفارة من خلال المشتبه فيه وللسفارة الحق فى الموافقة أو عدم الموافقة وفى حالة عدم الموافقة لا يجوز فتح الحقيبة الدبلوماسية ولابد من حضور مندوب من السفارة لحضور عملية فتح الحقائب. ضبط بالتلبس ويضيف الدكتور نبيل أنه لابد من مراقبة نقل الأموال للإرهابيين وتجفيف الموارد المالية للارهاب. ويؤكد أنه فى حالات التلبس يتم تقديم الشخص للنيابة إذا كان لا يتمتع بالحصانة أما إذا كان يتمتع بالحصانة فإنه يعتبر فى هذه الحالة شخصًا غير مرغوب وطرده ويتم إخطار سفارته لطرده خارج البلاد. ويرى المستشار عبد الله فتحى نائب رئيس محكمة النقض ووكيل أول نادى قضاة مصر أنه وفقا للقانون الدولى فإن الحصانة الدبلوماسية مشروطة بالمعاملة بالمثل ومشروطة أيضًا بعدم استخدامها فى الجرائم والمساعدة فى الإرهاب الدولى لكن الهدف منها فى المقام الأول هو توطيد العلاقات بين الدول إلا أن مبادئ القانون الدولى والقانون الطبيعى تأبى أن يكون هذا الهدف السامى يخفى وراءه جرائم خصوصًا تلك التى تخل بأمن الدولة الداخلى. فما بالنا ونحن بصدد جرائم إرهاب دولى يئن منها العالم كله وتتصدى لها جميع الدول لخطورتها على أمن الدول الداخلى والخارجى. فهنا لا مجال للحديث عن هذه الحصانة مادامت هناك دلائل قوية على انحراف الدبلوماسى صاحب هذه الحصانة إلى تمويل تنظيمات إرهابية والعمل على الاخلال بأمن الدولة داخليًا فهنا يجب أن تتنحى هذه الحصانة جانبًا وأن تتخذ الإجراءات القانونية قبل هذا الذى يرتكب هذه الجريمة التى تروع المجتمع كله. التحرك على محورين ويضيف المستشار فتحى أن التحرك يكون على محورين باتخاذ كافة الإجراءات القانونية وتحرك وزارة الخارجية نحو اتخاذ خطوات دبلوماسية سواء بقطع العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدولة التى يرتكب ممثلها هذه الجريمة والذى يفترض فيه أنه جاء ليوطد العلاقات الودية بين الدولتين لا ليروع مجتمعنا ويساعد جماعات إرهابية على نشر الفوضى والجريمة داخل المجتمع. والأمثلة لدينا كثيرة عالميًا. وأعتقد أنه ليس هناك دولة مهما بلغت من الحفاظ على مبادئ القانون الدولى تقبل على مجتمعها أن يروع وتقبل أن يكون الممثلون الدبلوماسيون لدول أخرى فى أراضيها ممولين أو مساعدين على ارتكاب جرائم فى حق الدولة وتروع مجتمعها ومواطنيها. يرى المستشار محسن هيكل رئيس محكمة الاستئناف بالإسكندرية أن وجود الإرهاب فى الحقائب الدبلوماسية كان سببا رئيسيًا فى طرد السفير التركى من القاهرة، وهنا أؤكد أن هناك خطوات يجب على الحكومة المصرية أن تتخذها حتى تكون حكومة جدية فى مكافحة الإرهاب، يجب أن تتبع الآتى: أولا تجفيف منابع الإرهاب ويكون ذلك بمراقبة السفارات التى تمثل حكومات لها مواقف معادية ومعلنة ضد الثورة الشعبية المصرية التى قامت فى 30 يونيو، وعلى سبيل المثال السفارة القطرية التى تمول وتدعم كافة الحركات والتنظيمات المعادية للثورة والتى تثير الفوضى فى المجتمع المصرى وتتخذ من مقرها الدبلوماسى مكانا ومأوى للمطلوبين أمنيا وتقوم بتوفير المال لمباشرة نشاطها الإجرامى وحسنا فعلت الحكومة المصرية بطرد السفير التركى لضلوعه فى نشاطات معادية لمصر وشعب مصر بعد أن تم رصد اتصالات مشبوهة بين السفير التركى وقيادات من الإخوان وحركات 6 أبريل ومن يسمون أنفسهم بالليبراليين والاشتراكيين الثوريين، أما النقطة الثانية فتتمثل فى أنه لابد من إعلان الإخوان جماعة إرهابية حتى تستطيع أجهزة الدولة أن تجفف تمويلها المادى والمعنوى، وكذلك حركة 6 أبريل والتى ظهرت بصورة جلية لا تخفى على أحد من أنها الوجه الآخر لجماعة المحظورة، كذلك يجب على جهات القضاء أن تقوم بالتحقيق الفورى مع الرئيس المعزول مرسى باعتباره هو المسئول الرئيسى عن انتشار ظاهرة الإرهاب فى مصر بعد أن أصدر عفوا رئاسيا عن رموز الإرهاب وإخراجهم من السجون وبعد أن شجع على دخول إرهابىّ تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية التكفيرية والتى اتخذت من أرض سيناء مأوى لها، فهذه الجماعات التى دعمها مرسى وأفرج عن قياداتها من السجون المصرية هى التى تحاول نشرالإرهاب فى ربوع مصر وهو المسئول الأول عن ذلك، ويجب على أسر الشهداء الذين سقطوا فى العمليات الإرهابية أن يدّعوا مدنيا فى تلك التحقيقات ضد الرئيس المعزول مرسى باعتباره الداعم الأول لهؤلاء الإرهابيين. ويضيف أن من حق سلطات الدولة المصرية إذا كانت هناك قرائن وأدلة قوية بأن هذه الحقائب الدبلوماسية تستخدم فى نقل وتمويل العمليات الإرهابية داخل البلد أو فى نقل وثائق وخطط أو أموال تهدد الأمن القومى، فمن حق السلطات المصرية أن تفحص وتتأكد من محتوى هذه الحقائب، لأن أمن البلاد لا يحول بين تطبيق الدبلوماسية أيا كان مسماها والإجراءات التى تحمى الأمن القومى للدولة، وهناك دول كثيرة حينما كان يتوافر لها من الأدلة ما يؤكد أن بعض السفارات تأوى إرهابيين أو أشخاصًا يعملون من أجل زعزعة الأمن والاستقرار داخل البلاد كانت تقوم بمهاجمة تلك السفارات وتفتيشها واعتقال من بداخلها، فأمن البلاد تتضاءل أمامه الحصانات الدبلوماسية ولنا فى ذلك أمثلة كثيرة، فالولاياتالمتحدةالأمريكية وهى التى تنادى بالحريات ومراعاة حقوق الإنسان حينما تستشعر أن ثمة خطر ما يهدد أمنها القومى لا تتوانى فى مكافحته والقضاء عليه أيا كان مصدره أو موقعه داخل الولاياتالمتحدة أو خارجيا حتى وصل بها الأمر أنها ألقت القبض على رئيس إحدى الدول فى أمريكا اللاتينية باعتبار أنه يمارس نشاطًا يهدد الأمن القومى الأمريكى (وهو نوريجا رئيس بنما) ومازالت الولاياتالمتحدة تمارس هذه الأعمال والممارسات على مستوى الأشخاص والدول لحماية الأمن القومى الأمريكى. الأمن القومى للبلاد ويؤكد المستشار هيكل أنه إذا كانت الحصانة الدبلوماسية غطاء يستظل به الإرهاب من أجل زعزعة أمن البلاد القومى فلا حصانة ولا دبلوماسية إذ أن الأمن القومى يعلو على كل شىء وعلى كل اعتبار ودائما فإن الدول التى لاتتهاون فى أمنها القومى وتضرب بيد من حديد علىكل من يهدد أمنها واستقرارها تحظى باحترام المجتمع الدولى حتى لو تجاوزت المعايير المنظمة لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية. ويرى المستشار أحمد يسرى النجار المحامى بالنقض والفقيه القانونى أن اتفاقية فيينا لعام 1961 نظمت أوضاع الدبلوماسيين وذلك تمشيًا مع أحكام القانون الدولى ضمانًا لحصانة البعثة الدبلوماسية ومقراتها وأمن المراسلات والحقائب الدبلوماسية. ويضيف أنه على أساس ذلك فإن شخصية المندوب الدبلوماسى تعتبر مصونة فلا يجوز حبس الدبلوماسيين أو اعتقالهم إذ ينبغى أن يتمتعوا بالحصانة الكاملة من المحاكمة الجنائية فى الدولة التى تستقبلهم مع عدم الاخلال بحق الدولة المرسلة فى المحاكمة القضائية للمبعوث الدبلوماسى. ومن المتفق عليه قانونًا أنه يتعين على الدولة المرسلة التاكد من موافقة الدولة المستقبلة على رئيس البعثة المقترح وبصورة مماثلة يجوز للدولة المستقبلة فى أى وقت أن تعتبر أى شخص بالبعثة الدبلوماسية شخصًا غير مرغوب فيه ومن ثم تحصل على حق يرضى هذا الشخص. ويؤكد يسرى أنه تبيّن أن كثيرًا من الدول تستخدم بعثاتها الدبلوماسية فى أنشطة التجسس تحت الغطاء الدبلوماسى وهو مايهدد الأمن القومى للبلد المستقبل للبعثة. ومن ثم فإنه لايمكن التسليم بأن الحصانات والامتيازات الممنوحة للمبعوثين والدبلوماسيين تحول أو تمنع حق الدولة فى حماية أمنها القومى والوطنى إذ أن هذه الحصانات يجوز ألا تصل إلى حد استخدامها واستغلالها فى تهديد أمن الدولة المستقبلة للبعثة الدبلوماسية وبذلك يمكن القول بأن الحصانات والامتيازات الدبلوماسية. إنما هى حصانة مقيدة بمقتضيات الأمن القومى والوطنى للدولة صاحبة الإقليم وأنها قد تضطر إلى التجاوز عن الالتزام بالقواعد الدولية التى تطلق العنان للحصانات والامتيازات الدبلوماسية دون ضابط. ويضيف أن القانون الدولى يعطى الدولة صاحبة الإقليم الحق فى الحفاظ على أمنها وسلامتها مستندة فى ذلك إلى نظرية السيادة التى تفرض هذه الحقيقة وهو ما أكده واقع العمل الدولى الذى يشير إلى أن الدول تميل إلى تقديم مقتضيات أمنها الوطنى على أى اعتبارات أخرى. ويضيف أنه من القضايا الشهيرة المتعلقة بانتهاك القوانين الدبلوماسية أزمة رهائن إيران التى حدثت عام 1979 وأيضا، اطلاق النار على شرطية بريطانية من السفارة الليبية فى لندن عام 1984 وكذلك اكتشاف وجود وزير نيجيرى سابقه فى صندوق دبلوماسى بمطار سنتانسين بإنجلترا عام 1984. ورغم اعتماد الأممالمتحدة لاتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية فانه فى الحالات الاستثناية يجوز اعتقال الدبلوماسيين أو احتجازهم على أساس الدفاع عن النفس أو من أجل حماية الحياة الإنسانية. ويؤكد أنه لما كان للحقائب الدبلوماسية حصانة وحماية وكان أمن الدولة القومى والوطنى يتعرض للأخطار خاصة فى الظروف الاستثنائية التى تمر بها مصر فإن للدولة إذا ما ثار الشك الجدى المستند إلى دليل معقول بوجود أشياء ممنوعة داخل الحقيبة الدبلوماسية استخدام الأجهزة الالكترونية أو الكلاب المدربة للتأكد من خلو الحقيبة الدبلوماسية من المواد الممنوعة. اتفاقية فيينا ويؤكد المستشار إسماعيل البسيونى رئيس محكمة الاستئناف ورئيس نادى قضاة الإسكندرية السابق أنه بالنسبة للحقائب الدبلوماسية فإن الذى ينظم هذه العلاقات هو اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الصادرة عام 1961 وهى تسرى على الدول الموقعة عليها ومصر واحدة من أولى الدول التى وقعت عليها فى العالم. ويضيف أن المادة 24 من هذه الاتفاقية تعطى حصانة للمحفوظات ووثائق البعثة الدبلوماسية فى كل وقت والمادة 27 منها أيضًا تنص على أن لهذه الوثائق حرمة وأيضًا المراسلات والحقائب الدبلوماسية ولا يجوز فتح أو حجز الحقيبة الدبلوماسية ويجب أن تحمل علامات خارجية ظاهرة تبين طبيعتها بأنها تتبع سفارة دولة معينة. ويجب أن يكون لدى حامل هذه الحقيبة الدبلوماسية مستند رسمى يثبت صفته الدبلوماسية ولا يجوز إخضاعه لأى نوع من أنواع القبض والحجز التى تنص عليها المادة 29 من هذه الاتفاقية. ويضيف أن المادة 36 من هذه الاتفاقية تتضمن إعفاء الممثل الدبلوماسى من تفتيش أمتعته الشخصية إلا إذا وجدت أسباب قوية تدعو إلى الاعتقاد بأنها تحوى أشياء لا تمنح عنها الاعفاءات أو أصنافاً محظور استيرادها وفى هذه الحالة لايجوز إجراء الكشف على الحقيبة الدبلوماسية إلا بحضوره شخصياً أومن ينيبه. ويضيف أن الاتفاقية تنص أيضاً على أنه لايجوز فتح الحقيبة أو تفتيشها ولكن يجوز للسلطات إذا ساورها الشك فى محتواها لوجود دلائل على احتوائها على ممنوعات كالأسلحة أو القنابل أو المفرقعات أو المخدرات أو الأموال (لو كانت مثل الأموال المهربة ذات المبالغ الكبيرة) ويتم ذلك بعد استئذان وزارة الخارجية ومن جانب رجال الجمارك أو الأمن والتى تقوم باخطار السفارة المختصة والتى ترسل مندوبها لحضور عملية فتح الحقائب. تهريب الخمور ويتذكر المستشار إسماعيل أنه حينما كان يعمل رئيساً لنيابة ميناء الأسكندرية بنيابة غرب الأسكندرية الكلية وكنا نحقق فى قضايا الميناء البحرى حينما كان العاملون ينقلون الحقائب الدبلوماسية اكتشفوا أن هناك خمورًا أثناء نقل أثاث خاص بهذه السفارة الأفريقية إلا أن زجاجات الخمور كسرت أثناء عمليات الشحن والنقل وتفريغ الكونتنرات فى الميناء واكتشفنا أن موظفى هذه السفارة يقومون بتهريب الويسكى والخمور ويقومون ببيع هذه الزجاجات هروبًا من الجمارك المفروضة.