أنه فى بلد قديم.. تاريخه عريق.. وعمره مديد.. ونهره طويل.. وبحوره كثيرة، وفيه قصر للحكم كلما دخله حاكم أصابته لعننته فخرج منه مقتولا أو مسموما أو معزولا أو مخلوعا . هذا البلد اسمه مصر وهذا حال قصر الحكم أو الرئاسة الذى لم يخرج منه آمنا إلا أقل القليل وتعددت فى ذلك الأسباب ولكن اللعنة واحدة و هذا ليس بجديد على هذا القصر فمنذ قديم الأزل تصيب لعنته الحكام بالشقاء والأحزان، وعندما نقلب دفاتر التاريخ منذ حكم الفراعنة وإلى اليوم نتحقق من هذا، وما ذكره القرآن الكريم عن نهاية فرعون مرورا بحكام عصر البطالمة ثم الرومان إلى أن جاء الحكم العثمانى الذى قضى على المماليك كان هذا حال كرسى الحكم فى مصر. وفى العصر الحديث لم يسلم محمد نجيب أول رئيس لمصر من لعنة القصر فمات فى عزلته، ثم أثيرت الشبهات حول وفاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولم يسلم السادات من أيدى ارهاب الغدر وأخيرا وليس أخرا أصابت اللعنة مبارك بعد ثلاثين عامًا من الحكم وجاء مرسى لتصيبه اللعنة مبكرا بعد عام واحد فقط من الحكم ويظهر مثل قرينه مبارك خلف القضبان ولكن الأخير كان تأثير الصدمة عليه كبير ولم يتعلم من كل هذا التاريخ فظهر فى المحاكمة مضطرب نفسيا غير مدرك للواقع ومتغيراته متمسكا فقط بالشرعيه وهذا ربما لأن عقله مازال لم يستوعب ما حدث، فماذا يخبء القصر من لعنات؟ ربما يكون هناك حقا لعنة.. فما هى حقيقة هذه اللعنة؟ فى رأيى أنها متمثلة فى احقاد واطماع الخارج والداخل ولكن هذا ليس كل الأمر فالغباء السياسى و سوء الإدارة عامل آخر وهذا ما وقع فيه بالأخص آخر رئيسين وهما مبارك و مرسى فقد غرهم زهو السلطة واعتمدا على الأهل والعشيرة، اذا ما هو الحل للتخلص من هذه اللعنة؟ الحل ليس سهلا ولا ينتهى بعرس ديمقراطى وطوابير طويلة أمام صناديق الانتخاب ولكن الأهم هو الوصول إلى عقد اجتماعى وميثاق شرف بين الحاكم و المحكوم والأهم أن يدرك أى من كان الرئيس القادم أن عليه أن يحصن نفسه من هذه اللعنة بحب الشعب ورضاه عنه وهذا يحتاج إلى تغيير حقيقى فى مفاهيم الحكم فى مصر وأن يدرك أنه عندما يتصارع الأغنياء يموت الفقراء وهذا حال الصراع على السلطة فى مصر و لكن أتوقع أن الفقراء سيرفضون يوما الموت من أجل صعاليك السلطة وستنفجر يوما ثورة جياع فكفى صراع على الكراسى قبل أن تنفجر ثورة لن تترك من ورائها إلا الخراب .