بمجرد أن تطأ قدماك حرم الجامعات المصرية تشاهد فى وجوه شباب الجامعات القلق والوجوع، بعد أن كان المجتمع الجامعى يضرب به المثل فى الانضباط وسيادة الأعراف والتقاليد الجامعية، والتى حازت درجة العالمية فى المنطقة العربية وأفريقيا والشرق الأوسط وقد أكد الخبراء على أحقية الطلاب ممارسة العمل السياسى بشروط. بينما رفض البعض ممارسة العنف بكل صورة، ومهما كانت الأسباب وطالبوا بتثقيف الطلبة سياسيا حتى يستطيعوا ممارسة العمل السياسى بشكل صحيح.. ولن يأتى ذلك إلا بمشاركة رموز العمل السياسى للطلاب من خلال المناقشات المتبادلة لتصحيح الأفكار والمفاهيم المغلوطة فى البداية قال د. ماجد نجم نائب رئيس جامعة حلوان أرحب بالممارسة السياسية داخل الجامعة لكن مع توجيهها التوجية السليم الذى يكون له مردود ليس على الجامعة فقط. إنما على المجتمع المحيط وبذلك نستطيع أن نصقل خبرات ومهارات هؤلاء الطلاب خلال سنوات الدراسة سياسيا بمنهجية صحيحة تعود بالنفع عليهم وبالتالى على المجتمع. وأضاف: لا خلاف على ممارسة الحياة السياسية داخل الجامعة ولكن بعيدا عن الممارسة الحزبية. موضحا أن التثقيف السياسي يعنى إطلاع الطالب وتوعيته بكافة قضايا مجتمعه مشيرا إلى أن التثقيف لا يأتى إلا بدعوة ممن هم فى مجال العمل السياسى والرموز المصرية فى كافة المجالات المختلفة. وأكد نجم أنه لا إقصاء لأحد من طلاب جماعة الإخوان المسلمين فى ممارستهم للأنشطة الطلابية لأن ذلك حق لهم فالشباب الجامعى أيًا كان الفصيل الذى ينتمى إليه يحتاج إلى حوار هادئ وهذا دور أساتذة الجامعة فى احتواء عنف واندفاع الشباب ليس فقط بالحوار، إنما من خلال الأنشطة المختلفة والتثقيف الصحيح، مؤكدا أن التظاهر حق مكفول لكل شخص ولكن بشرط الحفاظ على شروط الدعوات له وكيفية تنفيذه وقال: يجب أن نتعلم من «أم الديمقراطية» بريطانيا أن التظاهر له آليات محددة المعالم أن يعلن عنه قبل موعده. وقال الدكتور الشحات إبراهيم: الشباب هم عماد المستقبل وخاصة شباب الجامعات الذين ينمون ثقافيا وسياسيا ولا يتحقق ذلك بدون وجود مكان يسع الرأى والرأى الآخر. فالممارسة السياسة داخل الجامعة حق لكل طالب ما لم ينادى لعمل حزبى أو يتبنى آراء سياسية تدعو لفصيل أو اتجاه معين، مضيفا: الاتحادات الطلابية مازالت قائمه بكل أعضائها ولم تجر حتى الآن انتخابات وكل طالب بالجامعة له الأحقيه فى المشاركة بالأنشطة فى إطار السياق والشرعية وإذا خالف ذلك يعاقب. وأشار عميد كلية الحقوق جامعة الزقازيق نبيل حلمى: إلى أن التعبير عن الرأى من الحقوق الأساسية للإنسان لكن هناك شرط وجود ضوابط أساسية أهمها أن يكون هذا التعبير بطريقة سلمية ويتم الإعلان عن المظاهرة أو الاعتصام لسلطات الدولة ليس فقط لحماية الآخرين ولكن أيضا لحماية المتظاهرين من أشكال العنف حتى لا تعطل الطرق العامة وألا تكون الهتافات خارجة وإذا خرجت عن هذه الضوابط فتعد غير سلمية وأصبحت جريمة يعاقب عليها القانون وفقا للقواعد المحلية والدولية. وأكد حلمى أن الممارسة السياسية بشكلها الحالى القائم على الاستقطاب ممنوعة داخل الجامعات لكى نتجنب أى خلافات بين الطلاب وأكدت د. إقبال السمالوطى عميد المعهد العالى للخدمة الاجتماعية سابقا أن حرية التعبير عن الرأى داخل الجامعات يجب أن تمارس فى إطار مشروع حتى لا يتحول الهدف التعليمى والتربوى فى الجامعة إلى أهداف سياسية وبالتالى إحداث عنف وفوضى وشغب داخل الجامعات، لذا فلابد أن يكون لهذه التظاهرات ميادين مخصصة خارج إطار المدن وبناء على إطار لائحة تنظمها مؤكدة أن الحرية لابد أن تكون فى إطار محدد وليس مطلقة. وأشارت السمالوطى إلى أن المواطنين الذين لديهم قناعة بفكر الإخوان ولم يتورطوا فى جرائم مخالفة للقانون من حقه كمواطن مصرى أن يمارس حريته ونشاطه داخل الجامعة ولكن فى إطار قواعد محددة. إنما حرمانهم من ممارسة الأنشطة الطلابية يزيد من احتقانهم وعملهم فى «الخفاء» وسيضاعف من أعمال العنف لذلك فمن الضرورى زيادة فرص مشاركتهم فى الأنشطة ومناقشتهم بالحجة. وحذر د. ممدوح دسوقى وكيل المعهد العالى للخدمة الاجتماعية لشئون التعليم والطلاب بكفر الشيخ من اندساس بعض الطلبة من ذوى الأفكار المتطرفة بين الطلاب. موضحا أن الدولة لا تستطيع تحمل النفقات الباهظة نتيجة التظاهر داخل الحرم الجامعى الذى صرف عليه ملايين الجنيهات من قبل. ودعت د.نجوى المسيرى خبير تربوى وزير التعليم العالى لإصدار قرار فورى بمنع التظاهر داخل الحرم الجامعى باعتباره منارة للعلم فقط ومن يريد أن يتظاهر فليتظاهر خارج الجامعة. وأكدت خبيرة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية سوسن الفايد أن يكون هناك أنشطة وانتخابات طلابية، يمكن للشباب من خلالها تفريغ طاقتهم وإشباع رغباتهم دون استقطاب مطالبة بوجود قنوات اتصال مفتوحة للتواصل بين طلاب مع كل القيادات حتى يتحقق الطابع الديمقراطي لكى يستطيع أن يخرج طاقته حسب اتجاهاته وميوله الذى يريدها. وأوضح د. نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد العربى لحقوق الإنسان أن ما يحدث فى مصر الآن ليس ممارسات سياسية أو التعبيرعن وجهات نظر. إنما أعمال من العنف مدللا على ذلك بالاعتداء على د.على جمعة مفتى الجمهورية السابق داخل الحرم الجامعى حال مناقشة رسالة علمية مما يعد تعبيرا عن العنف وممارسة الكراهية مطالبا قادة ورؤساء الجامعات وضع ضوابط ومعايير محددة لمنع أشكال العنف التى تحدث داخل الجامعات لأنه مازالت هناك أياد من بعض أفراد جماعة الإخوان المسلمين تعبث بأمن البلاد. كانت محظورة قال د. إبراهيم أحمد إبراهيم الرئيس الأسبق لقسم القانون الدولى بجامعة عين شمس إن الممارسة السياسية بصفة عامة كانت محظورة لسنوات طويلة ليس فقط داخل الجامعات بل على المستوى العام وعندما قامت ثورتى 25 يناير و30 يونيو أصبح من حق الشعب التمتع بما تتمتع به الشعوب المتقدمة وطلاب الجامعات كغيرهم من المواطنين لابد أن يكون لهم دور فى الممارسة السياسة وليس من المعقول أن تمنع مشاركتهم فى ممارسة الحياة السياسة طوال حياتهم الجامعية. غير أن هناك مشكلة كبيرة فى مصر أن الجميع يطالب بحقوقه دون أن يعرف ما هى واجباته وما حدود هذه الحقوق فليس معنى ممارسة الطالب لحقه فى المشاركة فى الحياة السياسية داخل الحرم الجامعى بطريقة يمكن أن تعوق الدراسة وتؤدى بدورها إلى عدم إمكانية القيام بالوظيفة الأساسية للجامعة. وأكد أن التظاهر داخل الجامعات إحدى وسائل التعبير عن الرأى ويجب أن يكون فى إطار الحدود المشروعة التى لا تهدد الكيان الجامعى حتى لا يعيق حركة الطلاب والعاملين داخل الجامعة. وأوضح أن تمتع الأمن المدنى داخل الحرم الجامعى ب «الضبطية القضائية» ليس من شأنه الإضرار بحقوق الطلاب لكن يحافظ على الأمن كونها تمارس فى حدود القانون. وقال د. طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الانقسام السياسى الذى يحدث فى مصر الآن ألقى بآثاره على الجامعات لمواجهة هذه الأزمة يجب أن تكون هناك ضوابط جامعية وليست ضوابط قضائية ولابد أن تفّعل لجان التأديب والضوابط من كل كلية وجامعة لأن كل جامعة لها أسلوب عملها. وأوضح فهمى أن الضبطية القضائية عندما أثيرت خلال الفترة الماضية ترك المجلس الأعلى للجامعات الحرية لكل جامعة تقرر وفقا لأوضاعها وتم الاتفاق على شبه تجميد للضبطية القضائية. وهنا لابد من طرح البديل هل سيكون أمنًا إداريًا من داخل الجامعات أو عودة حرس الجامعة وهو مستبعد بحكم قضائى؟. وبالتالى فالمشكلة فى توفير الأمن داخل الجامعة وتم اقتراح توفيرعربات أمن من الجيش والشرطة أمام الجامعات الرئيسية وهذا ليس حلًا لأن المشكلة فى أسوار الجامعة وليس خارجها وعودة الحرس الجامعى لا يصح بحكم قضائى وأمر مرفوض شكلا ومضمونا من قبل أعضاء هيئة التدريس والطلاب أنفسهم والبديل هو توفير أمن إدارى من الجامعات والكليات أو شركات أمن خاصة تمارس هذه العملية داخل الجامعة من خلال ضوابط معينة دون أن يمس الطالب المخالف إلا فى أضيق نطاق وإشراف من كليته. ورأى عاطف لبيب النجمى خبير قانونى أن الحرم الجامعى منذ نشأته وهو المدرسة الحقيقية لتخريج السياسى وأثبتت التجربة أن أفضل السياسيين أكثرهم علما وفائدة وخبرة للمجتمع هم من كانوا يمارسون العمل السياسى بالجامعة ومن ثم فممارسة العمل السياسى داخل الجامعة حق أصيل للطالب الجامعة ويجب ألا يغرر بنا ويقال إنها محراب للعلم فقط لأنه حتى مع هذه المقولة الجامعة مدرسة يتعلم فيها الطالب مختلف العلوم والفنون مثل فن التعامل مع الآخرين والحوار البنّاء وفن العلاقات الاجتماعية واحترام الآخر ودعا النجمى إلى ضرورة وضع قوانين صارمة بمعنى أنه عندما تقوم الجماعات الإسلامية بتحريم نوع من الأنشطة بعنف فيجب أن تعامل بكل حزم من قبل الجامعة. وأكد عضو اللجنة البرلمانية لحزب المؤتمر عبد الله حسن: أنه من المفترض أن طالب الجامعة أعلى فكرا وأكثر قدرة على التجاوب فهو مدرك أن «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية». مشيرا إلى أن اشتباكات طلاب الجامعة مع بعضهم البعض مقابل الاختلاف فى الرأى كارثة قال يجب أن يكون الشباب أكثر ترابطا فى الفكر ويدركوا أن بينهم أطياف مشتركة. مؤكدا أنه عار على الجامعات المصرية أن يتشابك الطلبة فيها بالأيدى لاختلافهم فى الرأى. أضاف: إذا أردنا أن يمارس الطلاب العمل السياسى فى الجامعات فعلينا أن نبدأ من دور الحضانة وينتهى بالجامعات بمعنى أن يكون بدور الحضانة كتيبات صغيرة ويكون هناك حصة لتعليم الأطفال كيفية قبول الآخر «كيف تختلف وأكون صديقك» فى اختلاف العقائد ويشير المحلل القانونى ونائب رئيس حزب الوفد بهاء الدين ابو شقة: كل فرد له حق التعبير عن رأيه وفقا للمبادئ الدستورية، وأن يمارس حقة السياسى لكى يكون لديه وعى سواء فى المدرسة أو فى الجامعة حتى بالنسبة للصانع فى صنعته. وأوضح أن الإنسان أصبح يمارس السياسة تلقائيا من خلال وسائل الإعلام سواء مقروء أو مسموع أو مرئى، وأكد أن هناك فرقًا بين ممارسة الحق فى التعبير عن الرأى وتنظيم ممارسة هذا الحق بما لا يسئ للدولة وهذه هى الديمقراطية ولكن أن تتحول الجامعات إلى ساحة للقتال بالأسلحة فهذا أمر محظور. تبدأ بمشادات كلامية يقول حسام الدين محمد طالب بكلية التجارة إن الأحداث السياسية الراهنة أثرت بشكل كبير على العام الدراسى الحالى فلم يعد أحد يتحدث إلا على الأحداث الراهنة هذا بالإضافة إلى أن هناك الكثير من أصدقائنا شاركوا فيها وأصبح يتحدث عن تجربته ويتحمس لها ومن هنا تأتى المشكلة التى قد تنتهى إلى مشادات كلامية. بينما تقول سارة السيد طالبة بكلية الإعلام أصبحنا نخاف من حضور المحاضرات بعد الأحداث الغريبة التى تحدث داخل الجامعات بالإضافة إلى الشائعات التى أصبحنا نسمعها يوميًا عن وجود أسلحة بيضاء ومشادات دائمة بين طلبة المؤيدين لمرسى والعسكر فبعض أصدقائنا طالبهم أهاليهم من الأمتناع عن العام الدراسى الحالى وتعويضه العام القادم. ووصف أحمد الجامع طالب بكلية التجارة جامعة عين شمس ومن شهود العيان للأحداث الأخيرة أننى رأيت الأسلحة البيضاء بعينى والاستعانة بالحجر لضرب زملائنا فالأمر أصبح ساحة لبعض طلبة الإخوان ليجتذبوا الشباب لأفكارهم السياسية والتى أدت فى النهاية إلى توقف الدراسة نهائيًا والتى لا نعلم متى تعود مرة أخرى. وقال شوقى توفيق طالب بكلية التجارة الآن تجد المدرجات عبارة عن حلقات نقاشية وتجد بضع الطلبة يقبلون عليك ويحملون منشورات أو نشرات ورقية تحمل أفكارهم وقد يجلس معك ساعة كاملة يحاول أن يشرح لك وجهة نظره سواء كانت صحيحة أو خاظئة وحى لو أبديت عدم اهتمامك يستمر فى نقاشه.