شموع السبوع تضىء بين أيادى جموع الأطفال.. صوت (الهون) النحاسى راح يرتفع ويرتفع للتنبيه والتأكيد على المولود كى يسمع كلام أمه.. صوت زغاريد النساء يزداد شيئا فشيئا.. امتدت يد الأم لكى تأخذ منى مولودها الذى ما إن يشعر بتبادل الأيدى حتى يصرخ معترضا.. رافضا ذلك بشدة وجدتنى تارة أراقب الأم النافس (الشبعانة) وهى تخطو خطواتها السبع، وعلى وجهها ابتسامة -مصنوعة- صفراء فاقع لونها لا تسر الناظرين، وتارة ثانية أنظر إلى مولودها الذى لم يزل يصرخ بين يديها، وتارة ثالثة إلى بطنى الجائعة/ العطشى فى ألم وصمت.. -بطنك أرض بور لا تصلح للزراعة قط.. راحت تخترق أذنى آخر مقولة لزوجى قبل أن يغادر البيت متجها إلى بيت الزوجية الجديد.. -استوب.. زفت .. زفت قالها المخرج فى غضب متجها نحو الممثلة الأم، تلك الممثلة التى فرضت عليه من قبل المنتج، وراح يقول فى قرف شديد وضيق أشد: -يا فنانة إنت تؤدين دور الأم.. أم تحمل وليدها للمرة الأولى.. أم تحمل وليدها الذى انتظرته لسنوات طويلة، وما تفعلينه الآن ليس فيه لهفة أو شوق، رغم أنك فى الحقيقة أم.. أم لأربعة أولاد.. -كلاكيت عاشر مرة.. عاد المولود إلى حضنى فسكت بكاؤه على الفور.. رحنا نتبادل النظرات فيما بيننا فى صمت، بينما أصابعى تعانق أصابعه فى حوار شخصى لا يعرف ترجمته غيرنا.. قررت أن أرفع صوتى معترضة.. قررت أن أصرخ فى وجه المخرج الغاضب؛ لأقول له أرجوك اختبرنى.. واختبر فىَّ دور الأم أرجوك أن تبدل الأدوار هى تأتى مكانى هنا كى تأخذ دور (الداية) وأنا آخذ دورها ولو لمرة واحدة، فأنت الوحيد القادر على مساعدتى لكى أخلع عنى ثوب الأرض البور حتى وإن كان تمثيلا، فى اللحظة التى فتحت فيها فمى، وقرر لسانى التحرر.. التحرك منعتنى يد الممثلة الأم الممتدة نحوى، وجدتنى ألملم جراحى وحزنى راسمة ابتسامة وأنا أعطيها مولودها/ مولودى الذى عاد لصراخه، وعدت أتكىء على حائط صبرى، وأنا أنظر فى شوق ولهفة إلى المولود الصارخ تارة، وتارة ثانية إلى المخرج الغاضب لعله يشعر بى ويقرر تبادل الأدوار.