رسميًا بعد الزيادة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 21-6-2025 قبل على البنوك    لا توجد أسباب لرفع الأسعار.. وزير التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من كافة السلع آمن    فنادق الغردقة تبدأ الموسم الصيفي بإشغالات مرتفعة من السياحة الداخلية والأجنبية    محافظ الغربية يوجه برفع كفاءة الخدمات والتصدي للتعديات    السيسي يؤكد لرئيس إيران أهمية وقف إطلاق النار والتوصل لحل سلمي مُستدام للأزمة    مبابى أبرز الغائبين عن قائمة ريال مدريد ضد باتشوكا فى كأس العالم للأندية    خبير: إسرائيل ضعيفة وهشة بدون دعم أمريكا.. وإيران اخترقت منظومتها الدفاعية    مسؤول في حزب الله: مقتل الحارس الشخصي ل«حسن نصر الله» في ضربة إسرائيلية على إيران    كأس العالم للأندية.. إمام عاشور يبدأ رحلة عودته للقاهرة بعد الاطمئنان على الجراحة    السعودية تنافس على استضافة كأس العالم للأندية 2029    مواقع التواصل عن انهيار العقارات : فساد محليات ورشاوى وتمرير مخالفات البناء    الأحد.. بدء تلقي تظلمات الشهادة الإعدادية بالمنيا (آخر موعد للتقديم)    السجن المشدد ل12 متهما والبراءة ل24 آخرين في قضيتي الهجرة غير الشرعية بالمنيا    باحث في الأمن الإقليمي: ضربات إسرائيل لإيران مقدمة لحرب أكبر ونطاق أوسع    أخت سعاد حسني في ذكرى وفاتها: «حملها مكانش بيكمل.. وتمنت تكون أما وتخدم ولادها»    يسرا اللوزي تدافع عن شخصية رباب في «لام شمسية»: التعبير كان بالصمت مش بالكلام    روبي في ليلة استثنائية بافتتاح"موازين".. وتعلن عن مفاجأة جديدة    بسمة تطلب الطلاق.. نهاية مثيرة لأحداث الحلقة السادسة من "فات الميعاد"    تعرف على أحدث أعمال خالد الصاوي    محافظ الدقهلية: 1483 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بميت العز مركز ميت غمر    خلاف الملاك والمستأجرين لا يزال قائما رغم تعديل الحكومة قانون الإيجار القديم    الملتقى العلمي لقسم الصحافة ب«إعلام القاهرة» يناقش التعليم الصحفي في العصر الرقمي    الفريق أسامة ربيع:"تعاملنا بشكل فوري واحترافي مع حادث جنوح سفينة الغطس RED ZED1"    أنهى حياته بسبب علبة سجائر.. تجديد حبس متهم بقتل صديقه وإلقاء جثته بالشارع في سفاجا    خوفًا من شقيق زوجها.. أم تلقي بنفسها ورضيعتها من شرفة المنزل بدار السلام بسوهاج    الأرصاد: بدأنا فصل الصيف فلكيا وذروة الحر ستكون خلال شهري يوليو وأغسطس    دُفن بالبقيع حسب وصيته.. وفاة حاج من قنا أثناء أداء مناسك الحج بالسعودية    عراقجي: الشعب الإيراني يتمتع بأعلى درجات التماسك والتضامن الوطني    مصر تطلق حملة دولية إلكترونية للترويج لسياحة اليخوت    معاً نحو مستقبل دوائي ذكي ومستدام.. صحة المنوفية تقيم مؤتمر لأهمية الدواء    إمام عاشور يغادر معسكر الأهلى ويستعد للعودة إلى القاهرة    رسميًا.. نوتنجهام فورست يجدد عقد سانتو حتى 2028    مؤمن سليمان يقود الشرطة لحصد الدوري العراقي    إدراج جامعة بدر في تصنيف التايمز لعام 2025 لمساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    وزير الصحة يتفقد مستشفى مدينة نصر للتأمين الصحي ويوجه بزيادة القوى البشرية    جامعة سوهاج تحدد 15 سبتمبر المقبل لتسلم «مستشفى الجراحات التخصصية»    يسرا ومصطفى شعبان في طليعة نجوم الفن العائدين.. هل سيكون النجاح حليفهم؟    «للرجال أيضًا إجازة وضع».. إجازات قانون العمل الجديد تصل ل45 يومًا | تعرف عليها    "يمين في أول شمال" في أول لياليه على مسرح السلام.. صور    «امتحانات في عزّ النار».. كيفية تهيئة المناخ المناسب للطلاب؟    وزير العمل ومحافظ كفر الشيخ يمنحان خريجات البرامج التدريبية 11 ماكينة خياطة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم اتمنى القرب منك سيدى ودون فراق?!    إيران تُعيد الاتصال بالإنترنت العالمي بعد انقطاع واسع    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفي والإعلامى (4)    تجديد حبس 4 أشخاص بتهمة خطف شاب بسبب خلافات بينهم على معاملات مالية    نقابة المحامين توضح إرشادات يجب اتباعها خلال استطلاع الرأي بشأن رسوم التقاضي    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء    الرئيس السيسى وملك البحرين: التصعيد الجارى بالمنطقة يرتبط بشكل أساسى باستمرار العدوان على غزة.. إنفوجراف    طب قصر العيني" تعتمد تقليص المناهج وتطلق برنامج بكالوريوس الطب بالجامعة الأهلية العام المقبل    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    تردد قنوات MBC مصر 2 الناقلة لمباريات كأس العالم للأندية مباشر.. (اضبطها الآن)    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    تعرف على مصروفات المدارس لجميع المراحل بالعام الدراسي الجديد 2025/2026    الرئيس الأمريكى يعلن توقيع إتفاق سلام بين رواندا والكونغو    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    تركي آل الشيخ يكشف سبب إقامة "نزال القرن" في لاس فيجاس وليس في السعودية    «نشرة أخبار الأهلي من أمريكا».. أجواء حزينة وتمسك ببصيص الأمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنت الحلال إيمان القدوسى
نشر في المصريون يوم 26 - 01 - 2012

أكتب إليكم من شرفة شقتى المشمسة فى الحى الشعبى البسيط الذى بدأت فيه يومًا رحلة الكفاح ودارت دورة الأطماع والطموح حتى ألقت بى مرة أخرى عند نقطة الصفر، فى يدى خطابه الأخير لى أقرؤه وأعيده حتى حفظته هذا الخطاب، الذى كان كلمة السر التى قلبت عالمى كله رأسا على عقب، أرفع رأسى وأتنفس بعمق وأحمد ربى على كل حال، والغريب أننى فعلا لا أشعر بأى غضاضة وكأننى أتمثل كلام المتصوفة دع نفسك دائما فى جانب وتأمل منه رحلة الحياة.
وها أنا أتأملها، تحت بيتى رجل صعيدى يبيع الخضار والفاكهة على عربة يد وبعده بقليل عربة فول يتحلق حولها بعض الشباب يأكلون بشهية ويتبادلون النكات وأخبار السياسة والبرلمان فى بساطة أبناء البلد ومن الداخل تأتينى أصوات التنظيف الذى تقوم به قريبتى الماهرة القوية التى أدرت لها ظهرى أيام عزى، ولكنها أجدع منى وأفضل فلم تفعل مثلى وعرفت كيف تصنع المعروف لأهله.
فى أول شريط العمر كنت معلمة متميزة وزوجة سعيدة تزوجت محاميًا ذائع الصيت بعد قصة حب ومرت الأيام بنجاحات متتالية فى مجال العمل لكل منا ومزيد من الحب والتفاهم والسعادة التى شهدتها هذه الشقة البسيطة، ولكن مرور الأعوام كان يحمل تساؤلا مريرا لماذا لم يأت الأطفال؟
كان السؤال يؤرق زوجى أكثر منى لا أدرى لماذا، ولكنه بدأ يكتئب وتخبو روحه المرحة وحماسه وخاصة بعد أن أثبتت التحاليل أن هناك مشكلة صحية لديه، لا أستطيع إحصاء المرات التى أكدت له فيها أن هذا الأمر لا يعنينى وأن السعادة لا تتوقف عند شرط وأذكر له كل ما قيل عن الرضا بقضاء الله وقدره، ولكنه كان يغرق فى مشكلته يومًا بعد يوم.
انتقلنا إلى الفيلا التى بناها زوجى فى إحدى المدن الجديدة وقتها وارتقينا أيضًا إلى مستوى أعلى فى كل شىء، كان لابد من وجود حارس للفيلا وخادمة تساعد فى أعمال النظافة، اخترت عاملة نظافة لدى فى المدرسة وانتقلت هى وزوجها وأبناؤها الأربعة وبنينا لهم دارًا خاصة فى حديقة الفيلا وتداخلت بيننا الخيوط وخاصة أن المنطقة معزولة، كان زوجها يقوم بمهام الحارس والجناينى، وهى بأعمال التنظيف وعلا نجم زوجى فى سماء مهنته وصار مقصدًا للأهل والمعارف فى حوائجهم التى كان يسعى فيها قدر استطاعته ويضيق ويتهرب أحيانًا.
ذات ليلة أفزعتنا أصوات الاستغاثة فهرعنا إلى دارهم، وجدنا الرجل ينهال ضربًا على زوجته وكان السبب أنها حملت مجددًا بعد أن أكدت له أنها تستعمل وسيلة مضمونة لمنع الحمل، فوجئت بزوجى يقول: سوف أريحكم من عناء الطفل القادم سوف أتبناه.
ناقشته قليلا فى هذا القرار فأنا لا أحب التبنى وأفضل أن يرضى كل منا بحاله الذى قدره الله عليه، ولكن أمام تعلقه بالبنت الوليدة لم أتكلم وقد قال لى والبشر يملأ وجهه يكفى أنها بنت حلال نعرف أهلها ولها أب تنتسب إليه.
بعد ذلك صارت (ليلى) محور حياته ومصدر سعادته ومضت السنوات متسارعة والغريب أن والديها وإخوتها لم يكونوا يعيرونها أى اهتمام وكأنهم يخشون أن نعيدها إليهم، بعد وصول (ليلى) لمرحلة المراهقة بدأت المشكلة فى أثناء قيامها بدعوة زميلاتها على حفل عيد ميلادها فى منزل والدها المحامى الشهير، فقد ردت إحدى البنات (ليس والدك أنت بنت البواب والدليل اسمك) وتشاجرت (ليلى) معها وعادت للبيت كأنها فتاة أخرى، صارت مضطربة مشتتة تعامل زوجى بحب مفتعل وتعاملنى بجفاء وعندما أتحدث مع أمها تنهرنى قائلة (لا تكلميها هكذا، لقد كبر سنها ولم تعد تحتمل الخدمة) ثم تقوم هى بالصراخ فى وجه أمها لأقل خطأ.
تكلمت مع زوجى بخصوصها وقلت له آن الأوان لإعادة هذه الفتاة لأسرتها لمصلحتها ولتنمو نفسيتها بشكل طبيعى ولكنه قال: نكمل جميلنا معها حتى تتخرج وتتزوج، على مشارف الجامعة صارت العلاقات فى بيتنا ملتبسة وغير مفهومة وغاية فى التعقيد، الفتاة تزداد تسلطًا واضطرابًا ويزداد ضعف زوجى أمامها ولأول مرة تظهر نوايا الاستغلال والانتهازية فى سلوك والديها، بتشجيع من زوجى التحقت (ليلى) بكلية الحقوق وبدأ يدربها فى مكتبه منذ السنة الأولى، توفى زوجى بعد مرض قصير وفوجئت بحجم المأساة بعد وفاته.
لقد كتب الفيلا باسم (ليلى) بيع وشراء والعقد مسجل وقانونى ونقل لها عقد إيجار مكتبه ولم يترك لى سوى معاشه وشقتنا القديمة وبعض الأوهام سجلها فى خطاب مغلق يقول (عذرا حبيبة عمرى ورفيقتى، كان لابد أن أؤمن مستقبل الفتاة التى أنارت عالمى فكتبت لها كل شىء، أما أنت يا زهرة حياتى فقد تركت لك ابنتنا ليلى وهى بنت حلال وسوف ترعاك وتقوم على خدمتك لأنك أمها الحقيقية التى ربت ورعت وستظل إقامتك معها فى الفيلا وحين يسعى أحفادك بين يديك وتشعرين بقلب الأم بالرضا والطمأنينة سوف تشكريننى على هديتى لك).
ولكنى لم أشكره ولم أقل إلا سامحه الله وغفر له إساءته البالغة وسوء تصرفه، فقد أظهرت الفتاة جحودا ونكرانا لا يصدق، لا أريد تذكر تلك الفترة ولا استعادة ألفاظها الجارحة ونظراتها المتنمرة وهى تقول فى تحد (أنا صاحبة البيت وأنت مجرد ضيفة غير مرغوب فيها، فهمت؟) كانت هذه مجرد بداية وزاد التطاول والبجاحة وأخيرًا فهمت وتركت لها بيتى لأحافظ على كرامتى قبل أن تتجرأ على طردى شر طردة، وخاصة أنها تزوجت محاميا وصوليا يعمل لديها بالمكتب وصار هو المحرك الرئيسى لأفعالها.
الحمد لله لدى معاشى ومعاش زوجى وبعض المصاغ وقد أخذت معى غرفتى ومتعلقاتى وعدت من حيث بدأت، ولم أجد من يساندنى ويخدمنى سوى أهلى وأقاربى الذين تباعدت عنهم من قبل، أما بنت الحلال فقد فتحت الفيلا لأهلها وبدأت مبكرًا المشاحنات بينها وبين زوجها، يبدو أنه مثلها ابن حلال أيضًا، سامحك الله وغفر لك يا زوجى.
الرد
سبحان الله أغلب مشاكلنا من صنع أيدينا وكل منا يسعى للمفقود ولا يقنع بنعم الله عليه، مسألة التبنى هذه شائكة للغاية فتلك الفتاة كانت لا تعرف لنفسها هوية محددة فهى ليست كإخوتها ابنة الخادمة والبواب وتكيفت حياتها على ذلك، كما أنه خلاف للمظاهر كل الحقائق تقول إنها ليست ابنة المحامى الشهير ومديرة المدرسة إذن فمن تكون؟
سؤال الهوية هذا سؤال أساسى فى بناء وتكوين الشخصية وهذه الفتاة لم تتمكن من معرفة حقيقة نفسها وظل الازدواج فى هويتها يمزقها، فهى تارة تصرخ فى وجه الخادمة وتارة تدافع عنها لأنها تتذكر فجأة أنها أمها، وهى تعاملك بجفاء لأنها قرأت مشاعرك الرافضة والمتحفظة تجاهها منذ البداية بخلاف زوجك الذى أغرقها بحبه وحنانه.
بنت الحلال ليست فقط من ولدت نتيجة لعلاقة شرعية بين والديها ولكنها أيضًا من نمت فى جو أسرى طبيعى متماسك وصحى حافظ على نقاء فطرتها وساهم فى إنشاء علاقات سوية معهم ورويت بماء المحبة والحنان، أما (ليلى) فهى طفلة بائسة تم انتزاعها من تربتها وغرست فى تربة أخرى غير ملائمة وعندما أدركت ما حولها اكتشفت أن لها اثنين من الآباء أحدهما تفخر به ولا تنتسب إليه والثانى لا يشرفها وتشفق عليه وأن لها اثنين من الأمهات إحداهما تتوجس منها ولا يصفو لها قلبها والثانية لم يعد فى قلبها ما تمنحه أصلا، تمزقت نفس الفتاة وتوحشت وكان ما كان.
الحمد لله أن لك أهلا وشقة ومعاشا ولعل شقة الحى الشعبى بدفئه وتواصل أهله تكون هى الأنسب فى ظروفك، ولا أدرى ما هو موقف زوجك الراحل من الناحية الشرعية فى حرمانه لورثته الحقيقيين من الميراث وإعطائه لفتاة لا تمت له بصلة، لم يفرض الله سبحانه وتعالى فرضا إلا لحكمة والمواريث بالذات يندم من خالفها فلنتركها كما قدرها رب العالمين ولا نتحايل عليها بعقود البيع الوهمية التى تحرم من وعدهم الله بالميراث وتمنحه لمن لا يستحقه.
غفر الله لزوجك وربط على قلبك ورزقك حسن الخاتمة ولايملأ عين ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.