تعانى مصر من الانفلات الأمنى الذى تزايد على نحو غير مسبوق منذ هروب عدد من المساجين عقب ثورة 25 يناير، وعلى الرغم من تصدى الشرطة بكل جهودها للخارجين على القانون إلا أن بعض المخضرمين فى الإجرام يتحايلون للهروب من العقوبة، لذا أحال مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى أخيرا عددا من مشاريع القانون وتعديلات على قانون العقوبات بهدف تغليظ العقوبات ضد من يقاوم رجال الشرطة والعصابات التى تهاجم المواطنين والتى تعتدى على مأمورى الضبط، وضد الذين يعطلون حركة الطرق والسكة الحديد عمدا..عدد من الخبراء أجابوا عن التساؤلات المثارة حول إمكانية ردع هذه القوانين للمجرمين والخارجين عن القانون. صباح الأحد الماضى أصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد عامر جاد حكمها بمعاقبة خمسة متهمين فى أحداث اقتحام قصر الاتحادية والاعتداء على رجال الشرطة والمعتصمين بالسجن ما بين خمس سنوات وعامين حيث تمت معاقبة كل من محمود أحمد عطية وشهرته «محمود المظلوم» وعمر عبد الدايم بالسجن خمس سنوات وتغريمهما 500 جنيه ومعاقبة كل من عنتر بخيت بطيش وشهرته «البرنس» وعمر أحمد عبد الحميد وشهرته «السويدى» ورجب عبد الستار محمد محمود بالسجن عامين وقضت المحكمة بالبراءة لكل من محمد السيد محمد إبراهيم وشهرته أيمن جمال ومحمد محفوظ وشهرته «كمبورة» ووائل عبد الحميد تمام ومن بين المتهمين كل من محمود أحمد عطية «هارب» وعمرو علاء «هارب» ووائل عبد الحميد «هارب» وذكرت المحكمة فى حيثياتها أنه ثبت فى عقيدتها واطمأن ضميرها بعد الاطلاع على أوراق القضية بأن المتهم الأول والثامن المقضى بسجنهما خمس سنوات ثبت حيازتهما لسلاح وذخائر عبارة عن سلاح نارى خرطوش أما المتهمان الصادر ضدهما الحكم بالحبس سنتين فتأكد للمحاكمة قيامهما بمقاومة السلطات والاعتداء على شرطة السياحة والإتلاف العمدى للممتلكات العامة والخاصة وأضافت المحكمة أنها استبعدت وصف الشروع فى قتل المجنى عليه الضابط عبد الله السيسى وذلك لعدم توافر نية قتله لدى المتهمين. وكانت النيابة العامة نسبت للمتهمين جميعا تهمة الاعتداء على رجال الشرطة المكلفين بحراسة قصر الاتحادية الرئاسى خلال الأحداث التى وقعت فى 12 يناير الماضى. وعن تغليظ العقوبات أحال مجلس الوزراء فى اجتماعه الأخير مشروع قانون لتغليظ العقوبات على المعتدين على المواطنين وأبناء الشرطة إلى اللجنة التشريعية حيث يتضمن التشريع الجديد تعديل خمس مواد من قانون العقوبات ويستهدف المشروع حماية رجل الشرطة أثناء تأدية واجبه فى تحقيق الرسالة الأمنية ووقف نزيف الدماء ومنع ترويع المواطنين بالحد من الأعمال الإجرامية للخارجين على القانون والإرهابيين . ويعاقب المشروع بالإعدام كل من شكل عصابة هاجمت مجموعة من الأشخاص أو قاومت رجال الشرطة بالسلاح ويقضى النص الحالى المراد تعديله بالعقوبة نفسها لمن شكل عصابة هاجمت طائفة من السكان . وأكد مصدر أمنى أن التعديل يشمل مجموعة من الأشخاص بدلا من طائفة من السكان يستوعب كل من تهاجمهم العناصر المسلحة دون تحديد طائفة معينة وفقا للعرق أو الدين أو المكان الجغرافى فيكفى أن يكونوا مجموعة من الأشخاص تجمعهم تصنيفات عرقية ودينية وجغرافية مختلفة ويتضمن المشروع معاقبة أفراد التشكيل العصابى بالسجن المؤبد. وينص المشروع على تعديل الفقرة الأولى من المادة 131 الخاصة بالإهانة بالإشارة أو بالقول أو التهديد بسبب وظيفة مأمور الضبط القضائى لتصبح العقوبة الحبس مدة لا تقل عن عامين أو غرامة لاتتجاوز عشرة آلاف جنيه بدلا من الحبس مدة 6 أشهر أو غرامة 200 جنيه ويقضى بتغليظ العقوبات فى المادة 136 الخاصة بالتعدى على رجل الضبط أو مقاومة بالقوة والعنف لتصبح الحبس الوجوبى مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وغرامة لاتقل عن 20 ألف جنيه بدلا من الحبس مدة لاتزيد على 6 أشهر أو غرامة لا تتجاوز 200 جنيه وتهدف التعديلات إلى تغليظ العقوبات بالمادة 137 الخاصة بضرب مأمور الضبط القضائى أو إصابته بجروح دون استخدام أسلحة لتصبح الحبس الوجوبى مدة لا تقل عن 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه بدلا من الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة 200 جنيه وفى حالة استخدام السلاح الأبيض أو النارى أو القطع الخشبية أو المعدنية أو حدوث إصابة تصبح العقوبة الحبس الوجوبى مدة لاتقل عن 10 سنوات وغرامة لا تقل عن 60 ألف جنيه. وأكد المصدر أن المشروع المقترح يستهدف السيطرة على الانفلات الأخلاقى الذى يعانيه الشارع المصرى حيث وافق مجلس الوزراء على إحالته إلى اللجنة التشريعية للحد من ظاهرة الاعتداء المسلح على ضباط الشرطة خاصة مع ازدياد أعداد الشهداء من أبناء وضباط وأفراد الشرطة. لكن ماذا يقول خبراء الأمن وضباط الشرطة والقيادات أنفسهم ؟! بداية يؤكد اللواء عبد الموجود لطفى مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة أن المطلوب فى الفترة الحالية لإعادة الأمن للوطن والمواطن هو تنمية روح التعاون بين المواطن ورجال الشرطة وأن نطوى صفحة الماضى وأن تتولد عقيدة لدى المواطن أن الثورة بسطت أفكارها على جميع المواطنين وهيئات ومؤسسات الدولة بما فيها جهاز الشرطة وأنه يسود العلاقة نوع من الثقة المتبادلة وعدم الإذعان لكل من يحاول الوقيعة بين المواطن وجهاز الشرطة ويضيف أن لابد أن يعلم المواطن أن حفظ الأمن ليس مسئولية الشرطة وحدها بل يجب عليه أن يتخلى عن دوره السلبى فى مكافحة الجريمة ليصبح دوره إيجابيا فى منع الجريمة وضبطها وبأن ينصح كل من يخالف القانون، أما فى ضبط الجريمة هو مساعدة الشرطة حال ضبطها المجرم أو تزويدها بالمعلومات التى تساعد على الضبط.. تغليظ العقوبات ويؤكد اللواء صلاح عكاشة مساعد أول وزير الداخلية لقطاع غرب الدلتا أن إعادة الأمن للمواطن يأتى بإصدار تشريع قوى وتغليظ العقوبة فى حالة التعدى على رجال الشرطة أو المنشآت أو قطع الطرق وتشديد العقوبة أيضا فى جرائم السلاح والبلطجة بالإضافة إلى التعاون بين المواطن ورجل الشرطة وإعادة الثقة المفقودة. ويضيف أيضا أن الأمن سلعة مكلفة ولها نتائج إيجابية مطالبا بسرعة تسليح رجال الشرطة بأحدث الأسلحة لمواجهة الخارجين على القانون و إعادة بناء المنشآت التى تم إتلافها أيضا والمركبات التى تم سرقتها لابد من إحلال غيرها بالمركبات الحديثة وأيضا إدخال الأجهزة الحديثة ووسائل الإتصال بين رجال الشرطة حتى يؤدى رجال الأمن دورهم ورسالتهم فى سرعة ودون بطء وأيضا تحديث وسائل نقل الجنود والضباط . ويضيف اللواء عكاشة أنه لابد من تجديد مركبات وسيارات الشرطة حتى تقوم الشرطة بكامل دورها فما تم إتلافه وحرقه خلال الثورة 50 % من قوة هذه المركبات وأيضا إصلاح وترميم المبانى الشرطية من نقاط وأقسام ومراكز الشرطة ومبانى السجون التى تم تدميرها أو حرقها حيث إن هناك مراكز شرطة أو أقسامًا تعمل فى مراكز شباب أو مبانٍ أخرى انتظارا لعمليات البناء والترميم والإصلاح . ويضيف أن الظروف الأمنية تقتضى السرعة فى إنجاز هذه الأمور والأهم من هذا أن تعود الثقة المتبادلة والاحترام بين المواطن ورجل الشرطة . ويرى اللواء أمين عز الدين مساعد الوزير مدير أمن الإسكندرية أن الأمن شعور نفسى لابد أن يشعر به الموطن عن طريق نشر الأكمنة المرورية فى مداخل ومخارج المدن والطرق ومن أجل ذلك أنشأنا فى الإسكندرية 6 تمركزات متحركة على الطرق الصحراوية والدولية والدائرية والتعاون الأمنى مع المواطنين عن طريق نشر أرقام سيارات الشرطة المتواجدة فى التمركزات والأكمنة ومن أجل ذلك تم الإعلان ونشر أرقام تليفونات الشرطة على الطرق السريعة ومحور التعمير والطرق الدولية وتم نشر عدد من المدرعات الحديثة بجوار التمركزات ونشرنا دوريات الإغاثة الأمنية والقيام بحملات أمنية حيث أعدنا 280 سيارة ملاكى كانت مسروقة خلال 4 أيام فقط فى حملات الذراع البحرى فى سيدى كرير بجوار منطقة العرب وقمنا بشن 4 حملات وتم ضبط كبار تجار المخدرات وأسلحة نارية آلية وقمنا بحملات على منطقتى العامرية وبرج العرب حيث تم ضبط مدافع جرينوف كان مهرباً إلى منطقة الصعيد. ويضيف اللواء عز الدين أنه تم ربط غرفة العمليات بالشوارع والتأمين ونشر الكاميرات فى الشوارع والميادين والمحاور الرئيسية أيضًا ونشر سيارات الانقاذ النهرى على الكورنيش والحماية المدنية وإدخال 29 موتوسيكل نجدة فى الخدمة بالمناطق المزدحمة لفحص البلاغات. ويضيف خالد العزازى أن إعادة الثقة بين المواطن ورجل الأمن تأتى عن طريق التفاعل الأمنى مع المواطنين وأن يسود الاحترام المتبادل تلك العلاقة حتى يؤدى رجل الشرطة دوره باحترام وثقة متبادلة بين الطرفين ليس بالكلام فقط ولكن بالممارسة الفعلية والتعاون بين الطرفين. إعادة الثقة يرى اللواء العنانى حمودة مساعد الوزير مدير أمن مطروح أن إعادة الأمن مسئولية مشتركة بين رجال الأمن والمواطنين، ورجل الأمن الذى يقدم تضحياته يوميًا ومعاركه مع المجرمين والخارجين على القانون يحتاج دائمًا إلى دعم من المواطنين وهذا الدعم معنوى ونفسى لمساندته فى أداء رسالته لتحقيق الأمن للوطن والمواطن. ويؤكد أن الغالبية العظمى من المواطنين يساندون ويدعمون رجال الشرطة حتى قامت الشرطة من كبوتها التى لحقت بها عقب أحداث 25 يناير. ويضيف أن جهاز الشرطة يحتاج دائمًا إلى مساندة المواطنين وقد لمسنا فى مطروح مساندة العواقل والعمد والمشايخ والشرفاء من أهالى مطروح لرجال الشرطة فى أداء عملهم لمطاردة المهربين والمجرمين وتم نشر الخدمات الأمنية على الطرق السريعة والصحراوية وعلى الشواطىء ولذلك نجد أن الشواطىء فى مطروح مكتملة العدد نتيجة إحساس المواطنين بوجود الأمن وانتشار رجال الشرطة وأدائهم لعملهم بتعاون مع المواطنين. ويؤكد اللواء العنانى أنه عندما يجد المواطن بيته الثانى فى قسم الشرطة ستكون استجابته ورد فعله بتعاون كبير مع الشرطة. تكامل المنظومة يرى اللواء ممدوح كدوانى محافظ سوهاج السابق ومساعد أول وزير الداخلية الأسبق أن تغليظ العقوبة فى حد ذاته ليس الحد الفاصل فى وقف الجرائم والسيطرة عليها والمثل الواضح على ذلك عقوبة المخدرات مازالت الجريمة مستمرة ومنتشرة فهى تعطى للقاضى حق إصدار الحكم بالإعدام فى جريمة تجارة وتهريب المخدرات ومع ذلك فجريمة تجارة المخدرات وتهريبها لم تتوقف ولم تنخفض بل زادت، وثانيها: أن رجل الأمن يعمل فى إطار منظومة متكاملة يعتبر المواطن أحد التروس المهمة فى المنظومة الشرطية وأجهزتها فهو المجنى عليه فى أى واقعة أو حادثة أو جريمة وفى الوقت نفسه هو الشاهد الأول فى القضية ولأن رجل الشرطة يجمع المعلومات من الشهود والمجنى عليهم ويقوم بهيكلة القضية التى أمامه من خلال الشهود والمجنى عليهم ويقدمها ككتلة واحدة للنيابة، بالإضافة إلى الأدلة الأخرى التى تؤيد الواقعة فى حد ذاتها والنيابة تتولى تطبيق المواد القانونية فى هذه القضية. ويضيف أنه إذا اختلت هذه المنظومة ولم تكن هناك ثقة ما بين رجل الأمن (الشرطة) والمواطن والنيابة فإن الميزان سوف يختل ولا تكون هناك نتيجة حاسمة وملموسة والنتيجة الأفضل تكون بتوافر الثقة بين أطراف هذه المنظومة وهى المواطن ورجل الشرطة والنيابة كطرف ثالث يطبق القانون. ويضيف أن إعادة الثقة تأتى من الطرفين فرجل الشرطة عليه دور مهم ليوضح للمواطن ما هو دوره والخدمات التى يؤديها من أجل المواطنين سواء كانت خدمات ملموسة أو غير ملموسة ولابد من إيجاد تقارب واتصال ما بين جهاز الشرطة والمواطنين وهذا من خلال دور الإعلام والعلاقات ونشر الوعى الأمنى والدور المرورى للمواطن والتوعية المرورية والمشاركة الإيجابية للمواطنين فى حل المشاكل المرورية والمساهمة الإيجابية فى حل المشاكل الأمنية. ويضيف اللواء كدوانى أنه منذ عدة سنوات كان المواطن وحتى الطالب فى مدرسته يساهم فى يوم فى الشهر مثل اليوم المرورى فى كل محافظة لاعطائه جرعة فى الوعى المرورى والتوعية المرورية فى الشوارع وكيفية المساهمة فى حلها. ويضيف أن الدور الإعلامى يأتى بعد ذلك فى تخفيف حدة المواجهة أو النقد الموجه للشرطة لأن هناك أخطاء فى أى مجال موجودة فى كافة أجهزة وقطاعات الدولة وهى أخطاء فردية لابد من معالجتها فى الإطار الفردى وليس ضمن منظومة الوزارة ككل وفى إطار الهدف البناء. ويؤكد اللواء كدوانى أن تغليظ العقوبة يمكن أن يحد من وقوع الجرائم ولكن اكتمال هذه المنظومة الأمنية هو الأهم فهو الذى سيؤدى إلى إنجاز الدور الأمنى لرجل الشرطة وإحساس المواطن بالأمن وفرض الأمن على المواطن، وبذلك يسود الأمن على الوطن ككل فى جميع المجالات. إعادة جسور الثقة ويرى اللواء عصام عصفور مساعد أول وزير الداخلية السابق والخبير الأمنى فى مجال الأمن السياسى والجنائى أن إعادة الثقة بين رجل الشرطة والمواطن هى أساس المعادلة والظهور برجل الشرطة بشكل آخر بحيث يتعامل مع المواطن بأنه يؤدى خدمة للمواطن وإعادة جسور الثقة بالواقع العملى ما بين المواطن ورجل الشرطة وهذا سيظهر فى الأيام القادمة. ويؤكد أن إعلان الوزير محمد إبراهيم إعادة جسر الثقة بين المواطن ورجل الشرطة لابد أن يتحول إلى واقع وليس شعارًا فقط حتى يشعر المواطن المصرى بأن هذا الشعار لم يعد كلامًا فقط بل واقعا أيضًا يترجم فى الشارع المصرى ومن خلال تصرفات رجال الشرطة مع المواطنين وإشعار المواطن بأن رجال الشرطة فى خدمتهم وأنهم يتواجدون من أجل خدمة المواطن فقط وأداء رسالتهم التى يحملونها فى أداء الرسالة الأمنية للوطن والمواطنين. ويضيف اللواء عصفور أن السياسة الأمنية تغيرت كثيرًا عن السابق ولابد للمواطن أن يشعر بهذا التغيير من خلال الواقع العملى وتغيير سلوك رجل الشرطة وأيضًا التغيير الإيجابى فى سلوك المواطن ليعود التعاون الإيجابى بين المواطن ورجل الشرطة فى الشارع وفى المواقع الأمنية التى يؤدى فيها رجل الشرطة الخدمات الجماهيرية للمواطنين.