مشروع «قانون السلطة القضائية» الذى تقدمت به الهيئة البرلمانية لحزب الوسط فى مجلس الشورى لمناقشته وإقراره، فجّر موجة من الغضب داخل مؤسسة القضاء بكل هيئاتها اعتراضاً على ما وصفه رجال القضاء بأن المشروع ما هو إلا تصفية حسابات سياسية وتعدٍٍٍ من السلطة التنفيذية والتشريعية على حدود السلطة القضائية. وما بين هذا الصراع الذى تفجر يقف الشارع المصرى يراقب بقلق أركان دولته التى تهتز، ويسأل: هل مشروع القانون الذى فجر هذا الجدل والصخب يصب بالفعل فى مصلحة إرساء دعائم دولة القانون وتطهير مؤسسات الدولة من بقايا الفاسدين من العهد الماضى.. أم أنه بالفعل صراع سياسى يستهدف فيه كل طرف تصفية خصومه من الطرف الآخر؟!د. جمال القليوبى أستاذ للطاقة والبترول بالجامعة الأمريكية وفى حديثه ل أكتوبر افتتح كلامه بأن قال: 90% من إنتاج البترول يذهب إلى قطاع الكهرباء بالإضافة إلى المتطلبات الأخرى مثل السيارات والمنازل والمصانع والمزارعين مما أدى إلى إنهاك القطاع وعدم قدرته على تلبية كافة الاحتياجات وطالب القليوبى بإعادة هيكلة منظومة الطاقة والدعم فى مصر كما طالب بالبحث فى الفترة القادمة عن شركات بترول استكشافية أجنبية لجذب استثمارات جديدة لمصر، عن هذه القضايا وغيرها، تحدث القليوبى ل «أكتوبر» خلال السطور القادمة. * بداية هل كان هناك أزمة بترول حقيقية فى مصر؟ ** نعم، وهى لم تكن وليدة هذه الأيام فهى موجودة بالفعل من أكثر من 15 سنة حيث كانت الدولة تنتج عام 1997 مليونًا ونصف المليون برميل زيت خام، تراجعت هذه المعدلات الآن لتصل إلى نصف مليون برميل فقط، وهو إنتاج لا يكفى المتطلبات اليومية، وقد زاد الأمر سوءًا نتيجة الظروف التى تمر بها البلاد من تدهور اقتصادى حاد عكس الظروف قبل الثورة ، فكان هناك نوع من الهدوء الاقتصادى بالإضافة إلى جودة العلاقات الخارجية ووجود احتياطى نقدى كاف، وهى أسباب كانت كافية لعدم تفاقم تلك الأزمة، فكانت تحدث اتصالات من النظام السابق، بدول خارجية، تأتى بالمواد البترولية، وبذلك لا تظهر أزمات فى الوقت الذى كان إنتاج الزيت الخام يتراجع سنة بعد الأخرى. * هل هذا يعنى أننا أمام خطر فى حالة نضوب الإنتاج المحلى من الخام ؟ ** نعم نحن أمام خطر كبير و سيواجه قطاع البترول أزمة حقيقية فى حالة نضوب الإنتاج المحلى من الخام خلال السنوات المقبلة لعدم وجود بدائل. * لكننا ما زلنا نصدر الغاز لإسرائيل فكيف يستمر ذلك ونحن نواجه تلك الأزمة؟ ** صفقة الغاز مع إسرئيل مازالت لغزًا عصيا على الفهم خاصة أنها تمت فى عهد الدكتور حمدى البمبى وزير البترول الأسبق الذى كان من أشد المعارضين للصفقة وأقيل من الوزارة بسببها وكان الرئيس السابق يراهن على خروج البمبى من الوزارة صامتا لأن هذه الصفقة كانت لمصلحة الرئيس السابق شخصيًا وقد طلبت من الدكتور حمدى البمبى أن يكشف الستار عن تلك الصفقة المشبوهة لكنه رفض وكان ذلك عام 1998 مع العلم أن الفاسدين من أتباع النظام السابق زعموا تلقيه رشوة من خلال مدير مكتبه وهو مانوه له سامح فهمى وزير البترول الأسبق فى أكثر من مناسبة على الرغم مما عرف عن مدى نظافة يد الدكتور حمدى البمبى ووطنيته المشهودة. * كيف كانت تتم تلك الصفقات فى السابق؟ ** كان قطاع البترول منذ تولى سامح فهمى الوزير الأسبق غامضًا ومغلقًا على نفسه بسبب اختيار النظام السابق الوزراء بمنطق الولاء للرئاسة فقط مع توافر مبدأ السمع والطاعة كشرط أساسى حتى لا يتم عزله أو اتهامه فى أمانته، ومثال ذلك كيف تولىسامح فهمى الوزارة وهو كيميائى وفى عهده لم يعلم أحد شيئًا عن الاتفاقيات التى أبرمت مع الشركات الأجنبية والتى كان يتم تمريرها دون عرض على مجلس الشعب. * ما السبب فى انخفاض إنتاج مصر من الخام؟ ** عدة أسباب وراء ذلك الانخفاض، أهمها افتقاد الوزارة للرؤية الاستراتيجية المستقبلية وأن الوزارة لا تولى اهتمامًا يذكر بالتوسع فى عمليات التنقيب والاستكشاف، كون معظم قيادات الوزارة مجرد موظفين ، عكس الشركات الأجنبية التى تعتمد على الشباب والمعيار الوحيد فى توليهم مناصبهم الكفاءة . * كيف يمكن حل أزمة الوقود فى مصر دون اللجوء إلى الاستيراد؟ ** فى البداية عن طريق إعادة هيكلة قطاع البترول بإجراء دراسات عن نسب الاحتياطى المؤكد من الخام، ومعرفة مدى نضوبه مع دراسات جاهزة للتطبيق فى حالة حدوث ذلك من خلال متخصصين فى حقول البترول وليس مجرد خبرات فنية جاءت من خلال التدرج الوظيفى بالقطاع الحكومى بالإضافة إلى دعوة كل الخبراء لتنظيم ورش عمل عاجلة للوقوف على حلول علمية وسريعة تتم الاستعانة فيها بخبراتهم العلمية مع إعادة التركيز على الصحراء الغربية وطرح قضية الألغام الموجودة بها عالميًا لإزالتها واستغلال المناطق الخطرة منها فى البحث عن الزيت الخام، كما ينبغى زيادة الاستثمارات المصرية البترولية فى دول أفريقيا المتوقع وجود احتياطى نفطى بها مثل الكونغو والنيجر والسودان، مع العلم أن الشركات الأجنبية أخذت نصيبًا من الاحتياطى الأفريقى الذى لم يكن مطروحًا على الساحة منذ خمس سنوات فقط بسسب دراسات شركة( شل واس موبيل) وهو مايتطلب إيجاد منهجية فى اتخاذ القرار بالنسبة للمسئولين بالقطاع وإنشاء أكاديمية خاصة بدءًا من المرحلة الثانوية حتى التخرج لخلق جيل جديد متدرب على أحدث التقنيات والوسائل العالمية فى عمليات الحفر والإنتاج، ويتم تسويق هؤلاء الخريجين عالميًا لندرة العمالة الجيدة التى تستطيع تحمل الطقس هناك. * بين الحين والآخر تظهر أيضًا مشكلة أنبوبة البوتاجاز فما هى الأسباب؟ ** تظهر مشكلة أنبوبة البوتاجاز لأن إنتاج الدولة من البوتاجاز يتجاوز من 25 إلى 30 % من الاستهلاك المحلى والباقى يتم استيراده من الخارج فى حين أنه يمكننا أن نكتفى ذاتيًا من خلال إنتاج البوتاجاز من مجمع الغازات فى الصحراء الغربية الذى كان ينتج حوالى 280 ألف طن ومجمع بورسعيد الذى ينتج حوالى 330 ألف طن للبوتاجاز.