نائب محافظ كفر الشيخ يشيد بدور المدرسة الرسمية الدولية في بناء جيل المستقبل    نقيب المحامين يحذر من القرارات الفردية في التصعيد بشأن أزمة الرسوم القضائية    اجتماع موسع بين مستثمري العاشر وشركة الكهرباء لبحث أزمة الانقطاعات والفواتير    أحمد فارس: التحالف الإعلامي المصري الصيني ضرورة لصناعة مستقبل مشترك أكثر تأثيرًا وتوازنًا    «درّبته في 2023».. من هو الأمريكي الذى يقول إنه حوّل أحمد الشرع من «جهادي» إلى «رئيس»؟    تشكيل مانشستر سيتي.. مرموش وهالاند يقودان الهجوم أمام بورنموث    النحاس والشناوي يحضران احتفالية الأهلي تحت سفح الأهرامات    بسبب ممارسة الشذوذ.. الإعدام شنقًا لقاتلا صديقهما في الإسكندرية    رانيا ياسين: «إيلون ماسك عايز يعمل فيلم على المريخ.. وإحنا ماسكين في جواب سعاد وحليم»    سفير فرنسا يزور نادي الصيد بالإسكندرية لتعزيز التعاون في مجالي البيئة والثقافة (صور)    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب (فيديو)    وزير الصحة من جنيف: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي لبناء مستقبل صحي لأفريقيا    توقيع بروتوكول تعاون لتشغيل مبنى السلطان حسين بالإسكندرية وتحويله إلى مركز للعرض المتحفي والفني    بسمة نبيل تنضم إلى فريق عمل فيلم بنات فاتن    الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان    هربوا من الحر فاحتضنتهم الترعة.. نهاية مأساوية لثلاثة أطفال غرقوا بقرية درين في نبروه بالدقهلية    محافظ الإسكندرية: السيسي وجّه بإحياء «أبومينا».. والتطوير يشهد إشادة من اليونسكو    أسماء بنات قوية.. تحمل في معانيها الهيبة والشجاعة    الخطيب يقود حملة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بالقليوبية    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للمنطقة الغربية    وزير الصحة: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الصحية من أجل مستقبل أفضل    الإسكان: تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7 غدا ومميزات المبادرة    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    أول رد من بيراميدز على تصريحات سويلم بشأن التلويح بخصم 6 نقاط    اتحاد الكرة يستقر على تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات    لتجنب الإصابات.. الزمالك يعيد صيانة ملاعب الناشئين بمقر النادي    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    لابورتا: لامين يامال مشروع نجم مختلف عن ميسي    بآلة حادّة.. شاب يقتل والدته جنوبي قنا    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    مشاهدة مباراة الأهلي والزمالك بث مباشر اليوم في نصف نهائي دوري سوبر السلة    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    حكومة بلجيكا تتفق على موقفها بشأن الوضع في قطاع غزة    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس بتسعة أصابع! (2 - 2).. ومن جاور السعيد يسعد
نشر في أكتوبر يوم 19 - 05 - 2013

فى التاريخ الحديث لكوكب الأرض اشتهرت امبراطوريتان استعماريتان هما الامبراطورية الإنجليزية ونظيرتها الفرنسية ولا يعرف كثيرون أنه سبقتهما امبراطورية عالمية أخرى كانت أطول عمرا وربما أكثر وحشية وشراسة فى إبادة شعوب وقبائل واستعمار أراضيها.. هذه هى الامبراطورية البرتغالية التى استعمرت أراضى 53 دولة من الدول التى تطالعك أسماؤها على خريطة العالم الآن.
وفى سنة المنتصف تماما من القرن السادس عشر (1550) خرج الأمير البرتغالى بيدرو الفاريز كابرال.. بجنوده واحتل أرضا فى أمريكا الجنوبية تنبت فيها شجرة معروفة باسم «باو برازيل» وترجمتها: خشب البرازيل.. وفيما بعد تمت إبادة السكان الأصليين فى هذه الأرض وحل محلهم برتغاليون وعبيد تم استجلابهم من أفريقيا قبل أن يلغى الرق تماما عام 1888 ويتم إعلان البرازيل جمهورية فى العام التالى..
ولعل هذا يفسر هذا التباين الشديد فى لون بشرة وعيون الذين تراهم فى مدرجات كرة القدم اللعبة التى تتسيدها البرازيل، وفى المدرجات يمكن أن ترى راقصى السامبا ذوى الملامح الأفريقية والبشرة السوداء إلى جانب الشقراوات ذوات العيون الزرقاء.. يهزون قلب العالم طربا على نغمات السامبا والرومبا.(1)
الحاضر يستدعى التاريخ.. والتاريخ يخبرنا من الذى يسكن أرض البرازيل الحالية ويخبرنا أيضا من الذى حكم هذا الشعب وحقق به ومعه هذه المعجزة التى أدهشت العالم..
نحن نتكلم عن السنوات العشر الأولى من القرن الواحد والعشرين ومدخلنا إلى السياسات الأشخاص الذين قادوا التجربة، ومن بين الأشخاص تكون الأضواء مسلطة دائما على الزعيم أو القائد أو الرئيس أو المدير.. وفى حالة الرئيس البرازيلى السابق لويس إيناسيو لولا داسيلفا تحققت على الأقل صفتان من صفقات الأربع السابقة هما الرئيس والمدير.. وهو رئيس مدنى منتخب من الشعب وهو موظف اختاره وعينه الشعب ليدير الدولة خلال مدة محددة وقد نجح فى مهمته التى كانت شبه مستحيلة لأنه موهوب فى فن الإدارة ولأنه وطنى كان يحلم ببلاده وشعبه أكثر سعادة، وأقل فقرا وأمراضا والأهم من كل ما سبق أنه لم يكن مصابا بأمراض الزعامة ولا ديكتاتوريتها.
وعندما استلم داسيلفا مقاليد الحكم فى يناير من عام 2003 كان الاقتصاد البرازيلى يعانى بشدة من التضخم وديون الدولة الخارجية والداخلية تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وانخفاض معدلات النمو هذه الكوارث التى وضعت البلاد على شفا الإفلاس وخلقت ما يعرف بأزمة عدم الثقة، ليس فقط أزمة عدم ثقة للبرازيليين فى اقتصاد بلادهم، ولكن أيضا عدم ثقة المؤسسات الدولية التى تدير وتتحكم فى اقتصاديات دول العالم النامى.
واقتصاد متدهور لابد أن يخلق أزمات اجتماعية خطيرة عنوانها غياب العدالة الاجتماعية وتفاصيلها جوع وبطالة وجيوش من الفقراء التى لابد أن تتجه إلى الجريمة والاتجار فى المحرمات بحثا عن المال وربما فقط للبقاء على قيد الحياة.
(2)
وجاء إلى الحكم رئيس قادم من صفوف اليسار الاشتراكى هل تعرفون معنى هذا؟.. معناه أن رجال الأعمال والأموال لابد أن يصابوا بالرعب لكن داسيلفا خالف كل التوقعات وقدم نموذجا جديدا لرئيس يسارى يشجع رؤوس الأموال والاستثمارات الخاصة ويفهم جيدا أن لأصحاب هذه الاستثمارات مطالب ومصالح لكنه لم ينس الفقراء وسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة ما بين عشش الصفيح وناطحات السحاب.
(3)
فى دراسة عنوانها: «تجربة النمو الاقتصادى البرازيلى صادرة عن مركز الأهرام للدراسات»، رصدت الباحثة أمل مختار خطوات تحقيق المعجزة البرازيلية فى التنمية والاقتصاد.. وحددتها فى 7 خطوات كانت الخطوة الأولى فيها تنفيذ برنامج للتقشف، هذا البرنامج الذى كان الرئيس السابق لداسيلفا قد بدأه وجاء الأخير ليمضى فيه قدما وهو يتحدث إلى الشعب ويصارحهم بحقيقة الأزمة وحجمها، والخطوة الثانية تمثلت فى تغيير سياسات الإقراض للمستثمرين البرازيليين الصغار وتخفيض الفائدة عليه من 13.75% إلى 8.75% وهو ما أدى إلى زيادة المشروعات الصغيرة وتوفير فرص عمل ودفع مستوى الطاقة الإنتاجية والنمو وباقى الخطوات كانت التوسع فى الزراعة واستخراج النفط والمعادن والتوسع فى الصناعة وتنشيط قطاع السياحة وتلى ذلك اقتحام مشكلة الفقر من خلال الإعانات الاجتماعية..
وتقول الباحثة «وفى قلب هذا الجانب هو سياسة الإعانة البرازيلية المعروفة ب (بولسا فاميليا) وهو برنامج بدأ منذ منتصف التسعينيات قبل وصول لولا للحكم ولكنه استمر فى متابعة هذا البرنامج ويعود له الفضل فى توسيع نطاق المنفعة فى هذا المشروع.
الخطوة الأخيرة فى تفاصيل خطة داسيلفا الاقتصادية لتحقيق النمو كانت التوجه نحو التكتلات الاقتصادية والمشهور فيها هو انضمام البرازيل لدول البريكس (BRICS) هذه التسمية التى تشكلها الحروف الأولى اللاتينية للدول الخمسة الأعضاء فى هذا التكتل: البرازيل وروسيا والهند والصين.. وأخيرا جنوب أفريقيا.
وقبل أن تنضم البرازيل لهذه النمور العالمية الصاعدة كانت منخرطة منذ التسعينيات من القرن العشرين فى منظمة (الميروكسور) وهى بمثابة سوق مشتركة لدول جنوب أمريكا اللاتينية: الأرجنتين وباراجواى وأوروجواى وبالطبع معها البرازيل، وانضم لها فى عضوية غير كاملة فنزويلا وبوليفيا والميروكسور تعد اليوم رابع قوة اقتصادية على مستوى العالم.
باختصار فقد استطاع الرئيس ذو التسعة أصابع أن يعيد الثقة فى الاقتصاد البرازيلى، فلما عادت الثقة زادت الاستثمارات والإنتاج، وهذا بدوره أدى إلى زيادة فرص العمل ورفع دخل المواطن البرازيلى وتحسن مستوى معيشته، وكذا معيشة الطبقات الفقيرة.. وهو ما أدى بدوره إلى زيادة الطلب والقدرة على الشراء وازدهار المشروعات التجارية.. معادلة هرمية تتحقق صعودا وهبوطا معلق عليها لافتة: «من جاور السعيد.. يسعد»..
(4)
واليوم عدد من دول أمريكا اللاتينية وفى قلبها البرازيل تفلتت من قبضة العولمة والغرب ولم تعد لقمة طرية تستطيع أن تبتلعها أمريكا ولم تصل حتى إلى «زورها» لا اقتصاديا ولا سياسيا، من هنا حاربت أمريكا- ومازالت- تجربة البرازيل فى الاقتصاد وتجربة الرئيس الفنزويلى الراحل شافيز فى السياسة ومازالت الحروب مستمرة.. فقد أخرجوا للرئيس داسيلفا قضية قديمة اتهمت فيها إدارته باستغلال الأموال العامة بغرض الحصول على دعم سياسى وأدين عدد من شركاء ومساعدى داسيلفا السياسيين، لكن الرجل لم يلحق أى اتهام، كان ذلك عام 2004 وعلى الرغم من ذلك فقد انتخب البرازيليون دا سيلفا لفترة رئاسة ثانية وكانوا يريدونه لمدة ثالثة وربما رابعة لكنه رفض أن تتغير مواد الدستور ليتاح له الترشح من جديد لمنصب رئيس الجمهورية.. وخرج مرفوع الرأس مصابا بمرض السرطان فى الحنجرة سعيدا.. أما الشعب البرازيلى فلم يعكر صفو سعادته إلا أن رئيسه المحبوب نصير الفقراء وبطلهم سوف يغادر سدة الحكم.
ومازالت وسائل الإعلام والمبديا الغربية تعيد إنتاج قضية داسيلفا لأنها لم تنس أن هذا الرئيس خرج عن طوع الغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.