"الوطنية للانتخابات" تحقق في صحة فيديو متداول بالغربية بشأن توجيه الناخبين    جامعة الإسكندرية تستقبل رئيس قسم الهندسة الحيوية بجامعة لويفل الأمريكية    زيلينسكي: روسيا تستعد لمواصلة الحرب في 2026    خاص| محلل سياسي من غزة: اتفاق وقف إطلاق النار على المحك بسبب خروفات الاحتلال المستمرة    انطلاق مباراة ريال مدريد أمام تالافيرا في كأس ملك إسبانيا    شيكو بانزا يتسبب في إيقاف قيد الزمالك السابع| تفاصيل    ضحايا الأسفلت مصرع شاب وإصابة 9 فى حوادث طرق    ماذا حدث داخل الشقة فجرًا؟| تفاصيل جديدة حول وفاة نيفين مندور    96 شمعة لأول تلميذة لمصطفى أمين فى شارع الصحافة    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    رسميًا.. إنتر ميامى يجدد عقد لويس سواريز حتى نهاية موسم 2026    حكومة نتنياهو تجتمع غدا لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    وزير الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتميز للفائزين بمدينة بني سويف الجديدة    نتنياهو يعلن رسميًا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر بمبلغ فلكي    السلاح يضيف 7 ميداليات جديدة لمصر في دورة الألعاب الإفريقية للشباب    الرقابة المالية توافق على التأسيس والترخيص ل 6 شركات بأنشطة صندوق الاستثمار العقاري    وكيل تعليم القاهرة في جولة ميدانية بمدرسة الشهيد طيار محمد جمال الدين    31 ديسمبر النطق بالحكم فى الاستئناف على براءة المتهمين بقضية مسن السويس    السعودية تلغي المدفوعات على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية    عرض حفلات الأوسكار على يوتيوب بدءا من عام 2029    رسالة مفاجئة من ياسر جلال لمصطفى أبو سريع بعد انفصاله عن زوجته    نجوم الفن فى عزاء إيمان إمام شقيقة الزعيم أرملة مصطفى متولى    رئيس إذاعه القرآن الكريم السابق: القرآن بأصوات المصريين هبة باقية ليوم الدين    إطلاق حملة لدعم الأشقاء فى غزة خلال الشتاء ضمن جهود التحالف الوطنى    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    "جبران" يلتقي وزيرة العمل الإيطالية لتعزيز التعاون المشترك    حين تغرق الأحلام..!    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب أتوبيس على الطريق الأوسطي بالشرقية    حبس عامل مؤبدًا لارتكابه جريمة قتل ثأرية في قنا    القبض على شخص جمع بطاقات شخصية من ناخبين بالقنطرة غرب    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح الدورة العاشرة لملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    اليونيفيل: التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    سعر طن حديد التسليح اليوم الأربعاء 17 ديسمبر في مصر    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    الدخان أخطر من النار.. تحذيرات لتفادى حرائق المنازل بعد مصرع نيفين مندور    شادي محمد: حسام حسن قدم مباراة فنية كبيرة أمام نيجيريا.. وكلنا في ضهر منتخب مصر    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس بتسعة أصابع! (1 - 2)
نشر في أكتوبر يوم 12 - 05 - 2013

بقلب حنون فى رهافة قلب الطيور وعقل جبار وتسعة أصابع فى كفين صنع لويس إيناسيو داسيلفا معجزة البرازيل ومعجزته الخاصة.
داسيلفا الرئيس البرازيلى السابق وصفة غريبة على رؤساء العالم الثالث لكنها الحقيقة فقد غادر صانع المعجزات مختارا راغبا كرسى الحكم ولم يمنح أذنيه لبطانة السوء ولا حتى للملايين التى أحبته وأطلقت عليه بطل الفقراء ونصير المحرومين، ومنذ ثلاثين شهرًا تقريبًا يسكن قصر الرئاسة البرازيلى مطمئنا من ثورات الغضب والجوع امرأة فى تجربة أيضًا غريبة على دول العالم الثالث.. اسمها ديلما فانا روسيف ابنة مهاجر بلغارى وقادمة من صفوف اليسار تستكمل معجزة سابقها ومعلمها وقدوتها داسيلفا.. وهى التى استقبلت رئيسنا د. مرسى الذى ذهب بالتأكيد إلى هذه البلاد البعيدة ليستطلع عن قرب هذه المعجزة التى صنعها رئيس بتسعة أصابع وشعب قرر ألا ينتحر أو يدع غيره ينحره. (1)
فى سنوات التغييب العمدى والمختار السابقة التى عشناها - واستهلكت جيلا وألقت ببذورها المسمومة فى تربة جيل آخر على الأقل - أشياء كثيرة كانت تحدث لنا فجأة ومعارف كثيرة كانت غائبة عن أذهاننا - بسبب الغياب - صرنا نكتشفها فجأة على الرغم من أنها كانت تمر وتمضى أو تتكون وتتكدس مثل الخلايا السرطانية أمام أعيننا فلا نعير لها الانتباه الكافى، على سبيل المثال غابت مصر - مبارك عن أفريقيا وتثاقلت خطواتها الدبلوماسية فسمحت لقدم الاستعمار السوداء أن تتقدم وتسكن قلب أفريقيا وتنشئ أكبر قاعدة عسكرية لها هى قاعدة «أفريكوم» وهى ليست فقط قاعدة للطائرات والدبابات والجنود الأمريكية ولكنها أيضًا مستشفى للمرضى المدنيين الأفارقة وكنيسة للتبشير ومركز لتوفير المعلومات للمستثمرين ورجال الأعمال البيض وقاعدة نهب غربية جديدة للبترول الذى تفجر فى منطقة القرن الأفريقى وأهم وأخطر من كل ما سبق عامل تهديد للأمن القومى المصرى.
ليست أمريكا فقط، إسرائيل أيضًا تمددت فى المنطقة ووثقت علاقاتها بدول حوض النيل حتى صارت حليفًا استراتيجيًا بالنسبة لإثيوبيا التى يأتينا منها 85% من مياه النيل وراحت تبنى السدود على النيل لإثيوبيا وكينيا والكونغو ورواندا وتعقد مع هذه الدول تحالفات أمنية واستخباراتية وتبيع لها السلاح وتبعث برجالها لتدريب الأفارقة عليه أو تضمن للنظم الأفريقية المهددة الاستقرار والاستمرار فى الحكم من خلال شركات ومرتزقة الأمن الخاص، تستغل كل شىء وأى شىء لقد تعلمت درسًا مهمًا من حرب 73 مع مصر وهى ألا تدع أحدًا غيرها يتحكم فى مدخل البحر الأحمر من الجنوب فيخنق بحريتها ويهدد غواصاتها، هذا هو العمق الاستراتيجى الذى يسمح لإسرائيل بمنع مرور السلاح المهرب إلى فلسطين ونقطة الارتكاز التى تبدأ منها الهجوم على إيران فى حرب قادمة أو منتظرة وورقة ضغط على مصر من خلال التحكم فى مياه النيل وفوق كل ما سبق لمن تترك إسرائيل ثروات أفريقيا المعدنية - الماس والذهب واليورانيوم - تذهب؟ هذا هو السؤال الذى لم يسأله المسئولون المصريون لأنفسهم منذ سنوات عديدة كانوا مشغولين فيها بالتفاوض على قروض صندوق النقد والبنك الدوليين.
(2)
أردت أن أكتب عن معجزة الشفاء البرازيلية فوجدتنى أسترسل فى وصف حالة المرض المصرية، التى لم تعد تحتمل مسكنات ولكن تحتاج إلى جراحة عاجلة تبدأ من رأس الدولة، مصر تنتظر بطلها وموعودها تمامًا مثلما كانت تنتظره البرازيل ووهبته لها السماء بدايات الألفية الثانية فى شخص الرئيس والمدير ذى الأصابع التسعة الذى كانت تكفيه ثمانى سنوات من الحكم ليصعد بالبرازيل من القاع إلى القمة وينقل معه ملايين من الفقراء صعودا فى هرم الطبقات ليعيدوا بناء الطبقة المتوسطة العمود الفقرى الذى يشد عود الشعوب ويضمن نجاح تجارب النهضة فى البلدان الطامعة لتحقيقها.
نهاية 2002 وصل داسيلفا إلى مقعد الرئاسة من خلال انتخابات حرة ونزيهة منحه فيها 60% من البرازيليين أصواتهم، والمعنى أن قريب من نصف البرازيليين لم يختاروه لكن 60% من الأصوات هى نسبة كافية لشعب عانى طويلا ومريرا من حكم الجنرالات، وما بين حجتى داسيلفا والحكم الديكتاتورى كانت هناك مرحلة انتقالية لم تزد على 15 عامًا تولى فيها الحكم رؤساء مدنيون لكنهم لم يستطيعوا أن يعالجوا جراح البرازيل التى خلفها رجال الحكم الديكتاتورى وحكوماتهم التى راهنت على الغرب وعلى النموذج الرأسمالى وتبنت الدفاع عن مصالح رجال الأعمال واصحاب الشركات وتوجهاتهم، وتجاهلت بالتبعية الفقراء ومن فى حكمهم، واقترضت بالتأكيد من مؤسسات الغرب المالية حتى أغرقت البرازيل فى الديون وفوائدها إلى حد الوقوف على حافة الانهيار (هل يذكرك هذا بشىء يخص التجربة المصرية؟!).
(3)
وعلى نفس النهج الاقتصادى مضى رؤساء البرازيل المدنيون الذين خلفوا الجنرالات فى الحكم يجذبون الدولة والشعب إلى القاع، وفى هذه الفترة التى امتدت من منتصف الثمانينيات من القرن العشرين وحتى مطلع القرن الحالى ارتفع الدين الخارجى للبرازيل إلى 250 مليار دولار وزاد الدين الداخلى تسعة أضعاف بعد أن طرحت حكومة الرئيس السابق مباشرة على داسيلفا هذا الدين إلى سندات مرتفعة الفوائد فهجر المستثمرون العمل وذهبوا يتاجرون فى هذه السندات.
وبينما كانت البرازيل تترنح اقتصاديًا ظهر - كالعادة - البنك الدولى يداعب أحلام يقظتها بقرض مشروط قدره 30 مليار دولار، أما الشرط فكان معرفة التوجهات السياسية للرئيس البرازيلى القادم عبر الانتخابات التى كان مقررا لها عام 2002 والتى جاءت ب «داسيلفا» رئيسا للبلاد.
(4)
لأسرة فقيرة كانت تسكن الشمال الشرقى من البرازيل ولد داسيلفا، وانتقل مع أمه بحثًا عن زوجها الذى هجرها إلى مدينة ساوباولو وعمره لم يتجاوز شهرًا، وفى أفقر أحياء المدينة عاش داسيلفا طفولته وشبابه وتوقف تحصيله التعليمى عند السنة الخامسة من التعليم الأساسى بسبب الفقر لينزل الطفل إلى معترك الحياة مبكرًا جدًا، وينتقل بين مهن بسيطة ويتعرض فى عمر التاسعة عشر لحادث يفقد على إثره أصبعه الخنصر بسبب إهمال مالك المصنع له ولغيره ويكون هذا الحادث سببًا لاندفاعه فى العمل النقابى دفاعًا عن حقوق العمال، ثم تكوينه بعد ذلك هو ومجموعة من المثقفين والسياسيين لأول حزب عمالى يسارى عام 1980 وانخراطه بشدة فى العمل السياسى واعتقاله وسجنه لأكثر من مرة وخوضه لعديد من الانتخابات الحزبية والرئاسية وبجانبه النجاح له حتى استطاع عام 2002 النجاح فى الانتخابات والوصول للحكم.
سيرة كفاح مغرية على الحكى لكنها مثل قصص كثيرة متشابهة وجديدها هو هذا التحول المذهل الذى استطاع داسيلفا الرئيس أن يحدثه فى اقتصاد بلاده، وذلك من خلال برنامج وخطة مكونة من عدد من الخطوات بدأت بفرض برنامج للتقشف تساعده سياسة مكاشفة ووضوح للشعب ودعوته للمشاركة فى الخروج من الأزمة بالصبر والتحمل.
كانت هذه هى البداية أما النهاية فكانت سعيدة مثل نهايات الأفلام المصرية فى زمن الفن الجميل وما بين البداية والنهاية تفاصيل أخرى فانتظرونا فى حلقة قادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.