تتمتع اليمن بموقع جغرافى مميز فى جنوب شبه الجزيره العربية تحدها السعودية من الشمال وعمان من الشرق وتمتلك أكثر من 200 جزيرة على البحر الأحمر، مما ساعدها فى الحفاظ على جزء كبير من عراقتها وتقاليدها العربية الأصيلة التى لم يستطع أحد اختراقها حتى الآن، ولكنها لم تستطع الحفاظ على وحدة نسيج المجتمع وازداد غليان الفتنة الطائفية فى شوارع صنعاء وسط غالبية من السُنة تصل إلى 70% مقابل 30% فقط من الأقلية الشيعية، وكان عام 1990 شاهداً على آخر لمحة تاريخية للوحدة اليمنية، بعد أن أفسدتها أطماع الرئيس اليمنى المخلوع عبد الله صالح بعد حكم مستبد شبيه بحكم مبارك لمصر استمر ثلاثة وثلاثين عاماً بأكملها قضاها فى نهب وتهميش موظفيه وتجاهل حقوق المدنيين والعسكريين. ويرى البعض أن الشعب اليمنى بإمكانه التغلب على الفتنة الطائفية خصوصًا بعد رحيل عبد الله صالح، إلا أنه لا يستطيع التغلب على المؤامرة الخارجية التى تحاك ضده من جانب أمريكا وإيران وإسرائيل، فلم يكن الربيع العربى السبب وراء تفكك وحدة اليمن الوطنية كما يتصورالبعض، فقد مهد لها عبد الله صالح قبل رحيله حيث اشتعلت النزاعات الطائفية والقبلية وأظهرت معها المطامع السياسية الداخلية إضافة إلى المطامع الخارجية من جانب أمريكا وإيران. ولم تعد النزاعات الأهلية بين الحكومة اليمنية السنية الإسلامية وجماعات الحوثيين الشيعية الزيدية المنتمية إلى المذهب الاثنى عشرية الإمامية الإيرانية هى المشكلة الطائفية التى تعانى منها اليمن الآن، فقد تطور الوضع عما كان عليه وتحولت اليمن إلى «كعكة» تتقاسمها مطامع القوى السياسية المحيطة بها وظهرت الأطراف الخفية الحقيقية للفتنة الطائفية، التى تزعمتها إيران محاكاة لما يحدث الآن فى سوريا ولبنان والعراق، يتبعها الثورة المضادة التى تسعى إلى إعادة الرئيس اليمنى المخلوع عبد الله صالح، كما جاء فى موقع يمن نيوز اليمنى ونيويورك تايمز الأمريكى اللذين أكدا أن الشارع اليمنى مازال محتقنًا بآلاف المحتجين كما أن الاقتصاد اليمنى فى أزمة حقيقية يؤكد عليها الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى من حين لآخر، وأن من يقف وراء هذا الوضع الشائك أقارب الرئيس السابق الذين يخططون منذ خلعهم من مناصبهم فى الحكم لاسترجاع سلطتهم فى البلاد مره أخرى، بارتداء قناع الثورة اليمنية وتبنى نهجاً جديداً فى تصريحاتهم على أنهم يقفون جميعاً بجانب الشعب اليمنى دون رفع لواء الإسلاميين على البلاد مؤكدين أن صالح سيعود من جديد لتحقيق هذا الغرض. ومن الصعب تجاهل السياسة الإيرانية التى تعمل لسنوات لاستغلال الشيعة فى البلدان الإسلامية، لتهديد سلامهم وأمنهم فى عقر دارهم، استناداً إلى السياسة الإيرانية القائمة على تعزيز القوى الطائفية والشعور الدينى للاستفادة من هذه البلدان لاختراق الآخرين سياسياً ومخابراتياً ما يؤكد أن الحرب الداخلية الطائفية فى اليمن ليست سوى نتيجة لذلك التدخل الإيرانى، وهذا ما أشاعته الصحف السعودية خلال الفترة الماضية مؤكدة أن إيران هى الطرف الذى يشجع على الإرهاب والصراعات العرقية فى الدول العربية ومن بينها اليمن ومصر وسوريا. فإيران لديها نفس النوع من الإرهاب والطائفية الذى يمتلكهما اليمن الذى أصيب بعدوى مرض الفتنة الطائفية من إيران التى ساعد على انتشارها تنظيم القاعدة الذى وضعته إيران لتعميق الفتنة بين الشعب اليمنى، حيث أصبح يلجأ إليه عدد كبير من الشباب اليمنى للتطوع فيه والقيام بعمليات انتحارية ساهم بها زيادة فجوة الفقر وتفاقم الأزمة الاقتصادية كما جاء على لسان الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى. وتسعى حكومة هادى الآن لزرع آمال الدفع إلى الأمام ومكافحة الفتنة الطائفية وحل قضية المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الإنتقالية من أجل بناء دولة وحكم عادل، ولكن اليمنيين مقيدون بسلاسل بقفلين قفل الأزمة الاقتصادية إذ إن حله سيساعد على تحقيق انتقال سلمى بتفادى أى حروب أهلية قادمة، وقفل آخر يسمى الحوثيين الشيعيين خدام المصالح الإيرانية باليمن ومساندى تنظيم القاعدة، الذين ارتدى معظمهم قناع الثورة ودخلوا فى صراع أمام أصحاب الثورة المضادة كمحاولة منهم باتباعهم أسلوب الجاهلية زيادة الفتنة والانقلاب والفساد وخداع وتضليل الرأى العام بزعمهم تغيير استراتيجياتهم ودخولهم ومشاركتهم فى مؤتمر الحوار الوطنى الشامل الذى أجرى مؤخراً فى سبيل الدفع بعجلة الإصلاح باليمن الأمر الذى ينافى مبادئهم كجماعة متشددة دينياً لا تزال خارج سيطرة الدولة وتسعى إلى إسقاط اليمن بنشر طائفية إيران بداخلها وفرض سياسة الصوت الواحد الأمر الذى زاد من حدة قلق المجتمع الدولى، فمازالت عمليات التخريب مستمرة منذ الثورة والتى فوتت على اليمن أكثر من أربعة مليارات دولار ومازال جنود الجيش اليمنى يتساقطون على يد عناصر من القاعدة، فضلًا عن عمليات تهريب الأسلحة من إيران إلى متمردى اليمن ومن اليمن إلى ميليشيات الصومال، كما أن الأمن الغذائى فى اليمن فى انحدار كل يوم وهناك أكثر من 800 طفل يموتون بعد معاناة طويلة من سوء التغذية وأصبح اليمنيون فى حاجة إلى إنقاذ فورى من قبل المجتمع الدولى لمعالجة الوضع الإنسانى المتدهور فى البلاد.