تحاول مصر ذاكرة الإبداع الإنسانى فى العالم القديم و الحديث استعادة دورها المتجدد بعودة صالون القاهرة للفنون التشكيلية و الذى انطلق أواخر شهر مارس الماضى ويستمر حتى الثلث الأخير من شهر إبريل الجارى بقصر الفنون بدار الأوبرا المصرية ويعد الصالون أحد أهم نوافذ الإطلاع على القيم الجمالية التى تربط الماضى لتنطلق للانفتاح على العالم. كما يعد الصالون هو النشاط الفنى الأول الذى جمع فنانى مصر عبر 56 دورة، حيث أقيم لأول مرة عام 1919 وقد كان عام 1920 من أهم أعوام الفنون التشكيلية حيث أسست الجمعية المصرية للفنون الجميلة وأقيم على أثرها صالون القاهرة السنوى تحت رعاية الأميرة سميحة حسين، ثم أقيم فى عام 1922م وكان لهذا العام أهمية خاصة، حيث أقيم الصالون من قبل فؤاد عبدالملك الذى أنشأ دار الفنون والصنائع التى أنفقت ماليا على الصالون فى حين أسندت سكرتارية المعرض للفنان راغب عياد والذى عرض فيه سبعة وعشرون فنانا مصريا وخمسة عشر من الأجانب لوحاتهم ثم رأى عبد الملك حماية الصالون بكيان مؤسسى يصونه فأسس جمعية محبى الفنون التى أنشئت فى نفس العام بدعم الأمير يوسف كمال. ولم يقف نشاط الجمعية عند تنظيم صالون القاهرة السنوى.. بل تعداه إلى إقامة كثير من المعارض الدولية للفنون الجميلة والتطبيقية وأخرى للتصوير الفوتوغرافى إلى جانب معارض فردية للفنانين المصريين والأجانب. يذكر أن الدورة الأخيرة لصالون القاهرة الخامس والخمسين أقيمت فى عام 1989م وكان يشارك به فنانون مصريون وفرنسيون ثم انقطع الصالون لمدة عشرين عاما. وجاءت فكرة إحياء الدورة السادسة والخمسين لصالون القاهرة رغبة فى استدعاء لحظات القوة من تاريخنا المعاصر وجاء الصالون مصاحبا لدراسات نقدية لمجموعة من خيرة الباحثين والنقاد المصريين والتى احتواها الكتاب (أجيال والإعلام.. صالون القاهرة للفنون الجميلة) لخلق جسر متين بين الجانبين النظرى والتطبيقى لصالح شباب الباحثين الراغبين فى معرفة تاريخ مصر الإبداعى والسياسى الحقيقى وقسم المعرض الى ثلاثة اجزاء:- الجزء الأول تم استعانته من متحف الفن المصرى الحديث وهو يحتوى على أهم التحف الفنية التى عرضت وتم إنتاجها خلال العقود الخمسة الأولى فى تاريخ الحركة التشكيلية المعاصرة واختيرت بعناية شديدة لتمثل التغيرات الاجتماعية والسياسية التى شهدتها مصر آنذاك أمثال أحمد صبرى وأحمد ماهر رائف وكامل مصطفى. أما الجزء الثانى فهو الدعوات التى وجهت لكبار الفنانين الذين عاصروا تلك الفترة فى الأربعينيات والخمسينيات والستينيات حتى الآن وذلك لتكريمهم وإعادة قراءة منتجهم الفنى ومدى تنوعهم فى الأفكار أمثال أحمد عبد الوهاب وأحمد مرسى ومصطفى عبد الوهاب وغيرهم. أما الجزء الثالث فهو طرح للمشاركة الحرة للفنانين ومنهم إبراهيم الدسوقى فهمى وأشرف عباس وكمال الفقى وناجى فريد وغيرهم. كما يقدم الصالون العديد من الندوات الفنية لمحبى الفن التشكيلى والتى تتحدث عن علاقة الفنون بقضايا الوطن وقضايا التجديد الفنى ومسيرة رواد الفنون التشكيلية فى مصر، ويستضيف الصالون فى ندواته العديد من رواد الفن التشكيلى على رأسهم الفنان عصمت داوستاشى، والناقد مكرم حنين، والناقد عز الدين نجيب وغيرهم. ويرأس الإدارة العليا للصالون د.شاكر عبد الحميد وزير الثقافة السابق ود.أحمد نوار رئيس جمعية محبى الفنون الجميلة ود.صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية.