ارتبطت كتابة آيات القرآن بصيانته وحفظه، والرسول صلى الله عليه وسلم كتب الوحى ليوثقه ويجعله مرجعًا لهداية المسلمين، إلا أننا وجدنا هذه الأيام من يستخدم هذه الآيات فى غير موضعها وبغير معناها فلا نكاد نجد محل عصير إلا ومكتوبا على جدرانه وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً رغم أن المقصود بهذا الشراب فى الآية شراب الجنة. ولا تجد محل فواكه إلا ومكتوباعلي وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ومكتبة مكتوبا عليها فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ كما ظهر مؤخرًا استخدام الآيات القرآنية على ملصقات المرشحين منها قوله تعالى: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ علاوة على كتابة آيات القرآن على المقابر أو الأوانى مما يعد امتهانًا وابتعادا عن مدلول هذه الآيات الكريمة وفى هذا يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر إن الله تعالى أراد لأتباعه أن يكون القرآن الكريم فى قلوبهم وعقولهم وسلوكياتهم ليكونوا قرآنًا يمشى على الأرض ولذلك لما سئلت السيدة عائشة عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم قالت كان خلقه القرآن أما جعل الآيات القرآنية كرنات للهواتف وفى المصاعد «الأسانسير» وعلى المكتب ونقوشا على المقابر والجدران فهذه الصور مضارها أكثر من منافعها لأنها تدل على تدين ساذج، وربما أدى إلى إهانة هذه الآيات، كما أن بعض المحلات يكتبون آيات لا صلة لها وهذا يعد امتهانًا لكتاب الله، فعلى سبيل المثال حينما يكتب من يزاول مهنة الحلاقة قوله تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ) ما علاقة هذه الآية بمهنة الحلاقة، وكذلك صاحب مطعم يكتب (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً) وهذا يعد إسفافًا ولذلك كرهه الفقهاء كراهة تحريمية على المقابر لأنها عرضة للاستهانة لأنه قد يتمسح بها حيوان، وهذه صور مرفوضة حيث قال تعالى ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً )فهذه الصور غير مباحة لذا ما عهد عن الصحابة رضوان الله عليهم كتابتهم على جدران أو مقابر وتكون مباحة فى حال وضعت على الصدر أو على كتاب معاهدات كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكتبها مثل صلح الحديبية أو على الكتب العلمية وكذلك فى الأوراق الرسمية التى يتم أرشفتها وحفظها. ويقول الله تعالى: (لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ) ،لأنه ليس تميمه تعلق ويتبرك بها دون قراءة أو تدبر، ويقول الدكتور عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق إن القرآن الكريم هو كلام الله وحبله المتين الذى تولى عز وجل حفظه فكتابته على المقابر وعلى جدران المساجد وعلى الحوائط هذا أمر غير جائز إلا إذا تعهده الإنسان بإزالة ما عليه من غبار وكان مصانًا، وكذلك كتابة (بسم الله الرحمن الرحيم) وهى آية من القرآن الكريم والدليل على ذلك أنها وردت فى صورة النمل) انه من سليمن وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) وإن كان البعض يعتبرها لافتتاح السور ويعترض على ذلك بأنها غير موجودة فى سورة التوبة، فإذا وقعت فى يد إنسان مكتوبة فعليه بحرقها وإما أن يدفن الرماد أو أن يلقيه فى ماء جار حفظًا وتعظيمًا لاسم الله تعالى،لأنه لا يجوز منع كتابة البسملة لأنه صلى الله عليه وسلم قال: «كل شىء لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر. فإذا ابتدأنا شعارا أو قصائد أو مراسلات بالبسملة فيجب أن تكون محل تقدير. وكما أنه من غير المستحب كتابة بعض الآيات القرآنية بقصد الحماية ليوضع تحت الوسائد والتبرك به أو أن نزين به البيوت والسيارات. ويقول الدكتور محمد عشماوى باحث بوزارة الأوقاف إن كتابة آيات أو أسماء الله الحسنى على أى آنية تستخدم أو لا تستخدم هو من باب العبث وعدم التكريم ومظهر من مظاهر امتهان القرآن الذى طلب الله تعالى من المسلمين تدبره حيث قال: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) لذا يجب التعامل مع القرآن من خلال ثلاثة أوجه أولها قراءته حيث امتدح الله عباده فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) ووجه النبى صلى الله عليه وسلمبقوله «اتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدًا». الوجه الثانى تدبره حيث قال الله تعالى (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) الوجه الثالث التعامل مع القرآن يكون بالعمل به وفى هذا يقول الله تعالى (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ). ولهذا كان مستقبل الأمة مرهون وهذه الأعمال والتى إن تحلى بها المسلمون لكان هذا فيه رفعة ومستقبل الأمة لذا لابد من توافر شروط عند كتابة آيات القرآن من توافر التكريم المطلوب للآية الكريمة وأن تكون هذه الكتابة لها غرض مهم، وإذا كانت من باب التذكير والوعظ وفى حال البسملة فيستحب نطقها شفاهة دون كتابتها فى حال التيقن