أنزل الله تعالي القرآن الكريم دستوراً كاملاً شاملاً للحياة التي يرتضيها من عباده الصالحين. يتخلق الفرد به مع ربه. ومع نفسه. ومع أهله. ومجتمعه. ومع البشرية كلها. ومع الكون بأجمعه: جماده وأحيائه. وسننه وظواهره ولذلك قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها في وصف خاتم الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه وسلم أنه: "كان خلقه القرآن" "رواه الإمام أحمد" ومن هنا كان أمر ربنا تبارك وتعالي إلي عباده الصالحين وهو الغني عن جميع خلقه بضرورة التمسك بكتابه العزيز: تلاوة وحفظاً. فهماً وتدبراً. حكماً وتشريعاً أخلاقاً وسلوكاً وتطبيقاً عملياً كاملاً في الحياة من أجل تحقيق السعادة في الدنيا والفوز بالنجاة في الآخرة. وهذه آيات القرآن الكريم تطرق أسماع الناس في كل حين آمرة بالتزام منهج الله الذي لا نجاح ولا فلاح ولا نجاة إلا بتطبيقه دستوراً كاملاً شاملاً لحياة الناس. ومن ذلك قول ربنا وقوله الحق: * "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدي للمتقين" "البقرة: 1.2" * "قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخري قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون" "الأنعام: 19" * ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً" "الإسراء: 9" * وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً" "الإسراء: 78" * وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً" "الإسراء: 82" * "طس تلك آيات القرآن وكتب مبين * هدي وبشري للمؤمنين *" "النمل: 1.2". * "لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون" "الحشر: 21" * "يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً *" "المزمل: 1 4". وقد حذر رسول الله صلي الله عليه وسلم من كارثة رفع القرآن الكريم من الأرض. ومن خطر انتزاعه من الذاكرة والقلوب في آخر الزمان. فمن رواية لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم علينا فقال: "يا أيها الناس. ما هذه الكتب التي تكتبونها؟ أكتاب غير كتاب الله؟! يوشك أن يغضب الله لكتابه فلا يدع ورقا ولا قلباً إلا أخذ منه" قلنا: يا رسول الله. فكيف بالمؤمنين والمؤمنات يومئذ؟ قال صلي الله عليه وسلم: "من أراد الله تعالي به خيراً أبقي في قلبه: لا إله إلا الله "رواه الإمام البخاري في المعجم الأوسط". وانطلاقاً من ذلك كله كان اهتمام علماء المسلمين بكتاب الله الكريم. فوضعوا له من العلوم ما ييسر فهمه. مثل العديد من كتب التفسير. وعلوم القراءات. وعلوم رسم القرآن. وتواريخ جمعه وكتابته. وفواتح سوره. والناسخ والمنسوخ منه. وأوجه الإعجاز المتعددة فيه وإعرابه وغرائب ألفاظه. والمحكم والمتشابه من آياته والمجمل والمفصل منه. وقصصه. والفرد والجمع فيه. وغير ذلك من القضايا المتعلقة بكتاب الله تعالي. حتي وضعت في علوم القرآن تصانيف عديدة تقدر بعشرات العلوم التي لم أرد الخوض فيها هنا. لأن لها مراجعها العديدة الخاصة بها. ولكن في عجالة سريعة أقول إن المقصود بالسورة القرآنية هو جزء من القرآن الكريم له ابتداء وانتهاء. واسم خاص أو عدد من الأسماء عرفت بالتوقيف من رسول الله صلي الله عليه وسلم وعدد سور القرآن الكريم مئة وأربع عشرة "114" سورة. وترتيب الآيات في السورة وترتيب السور في المصحف الشريف جاء بتوقيف من الله تعالي إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وأن ترتيبه ونظمه ثابت علي ما نظمه الله ورتبه عليه رسوله من آيات وسور. وأن الأمة ضبطت عنه نفس القراءات. وذات التلاوة وقد قام الصحابة الكرام بجمع القرآن الكريم بين دفتي المصحف الشريف كما أنزله الله تعالي علي رسوله . دون أن ينتقص مه أو يضاف إليه حرف واحد. فكتبوه كما سمعوه من رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي كان يلقن أصحابه ما نزل عليه من القرآن الكريم. علي الترتيب الموجود الآن في ملايين النسخ من المصاحف. وبتوقيف من جبريل عليه السلام لرسول الله صلي الله عليه وسلم وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب بعد آية كذا في سورة كذا وعلي ذلك فإن ترتيب السور ووضع الآيات في كل سورة إنما بالوحي من الله تعالي وقد حصل اليقين من النقل المتواتر بهذا الترتيب من تلاوة رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي أجمع عليه الصحابة الكرام. والمكي من القرآن الكريم هو ما نزل قبل الهجرة في مكة أو في ضواحيها. أو في الطريق إلي المدينة أثناء الهجرة. والمدني ما نزل بعد الهجرة في المدينةالمنورة أو في ضواحيها أو في الطريق إلي مكة أو بها أثناء عام الفتح أو عام حجة الوداع أو في خلال صلح الحديبية. والاستعاذة تقرأ خارج الصلاة سنة وذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلي أن البسملة آية من الفاتحة. ومن كل سورة عدا سورة "التوبة" وهذا في غير البسملة التي جاءت في الآية رقم "30" من سورة "النمل" فإنها جزء من آية باتفاق العلماء ويندب للقارئ بعد الفراغ من قراءة سورة الفاتحة أن يقول "آمين" مفصولة عن قراءة السورة بسكتة خفيفة. وهي ليست من القرآن الكريم ولذلك لا تكتب في المصحف.