هل كُتب على المصريين أن تظل أحلام الواحد منهم مؤجلة حتى يقضى أجله؟ كنا نسأل هذا السؤال قبل 25 يناير 2011 والآن نسأل هل مازلنا نملك رفاهية الحلم؟! لا تتعجل فى الإجابة بالنفى مهما كنت متشائم فالحلم ليس رفاهية وليس اختيارًا.. سواء أحلام اليقظة أو أحلام المنام، فالحلم وظيفة من وظائف النفس البشرية وليس هناك من بشر لا يحلم هذا على المستوى السيكولوجى أما على مستوى الواقع فالحلم هو الخيط الذى يربط المخلوقات البشرية بالحياة.. ومن هذا المنطق السابق كان هذا السؤال الذى وجهناه لشرائح سيئة وفئوية عديدة فى هذا التوقيت الذى شاعت فيه لغة اليأس والقنوط.. عزيزى المصرى: بماذا تحلم؟! مهندس حسن يونس وزير الكهرباء الأسبق : أتمنى توافق القوى السياسية قال حسن يونس وزير الكهرباء الأسبق أعتقد أنه يجب تصحيح الأخطاء التى ارتكبناها على مدى العامين الماضيين من الخلاف السياسى وسرعة الانتهاء من المرحلة الانتقالية لتحقيق أهداف الثورة عيش - حرية - عدالة اجتماعية مع وجود مبادئ إيجابية من أجل النهوض الاقتصادى. وأشار إلى أنه كلما امتدت المرحلة الانتقالية زاد الخلاف السياسى والعكس صحيح فيجب على جميع القوى السياسية التوافق من أجل مصر والبعد عن المصالح الشخصية ويأتى ذلك من خلال التجاذب بين أفكار المصريين والبعد عن مبدأ التنافر السياسى الذى يؤدى فى النهاية إلى تفريق المصريين وعدم تحقيق حلمهم. سويلم : أتمنى رئيسًا لكل المصريين عن أحلام وهموم الدرع الحامى للوطن وخط الدفاع الأول وهو الجندى المصرى يرى اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجى ومدير مركز الدراسات للقوات المسلحة أحلامه لمعشوقته مصر بأمانى الاستقرار فى أرجائها والمقترنة فى الفترة القادمة بإجراء انتخابات برلمانية نزيهة تمثل كافة أطياف الشعب خالية من أى شبهات تزوير يمكنها أن تزيد الوضع سوءا، وتعالى صوت المعارضة فى الداخل والخارج، متمنيا من الرئيس مرسى أن يكون رئيسا لكل المصريين ويهتم بمصلحة الوطن أولا وأخيرا. عم توفيق : مصر ترجع أمان زى زمان رغم أنها مهنة تكاد تكون انقرضت إلا أنه لايزال متمسك بها فهو لا يعرف غيرها، عم توفيق الأسيوطى «52 سنة» ماسح أحذية ورث المهنة أبا عن جد، أعطاه والده صندوق مسح الأحذية منذ أن كان عمره لايتجاوز أصابع اليدين وكأنه أعطاه صندوقا مليئًا بالذهب على حد وصف عم توفيق الذى يقول «الصندوق ده هو ورثى من أبويا الله يرحمه، هى دى تركته وهى دى ثروته، كان اسطى قد الدنيا شربنى الصنعة واللى بسببها أكلت الشهد وربيت العيال وجوزت البنات». ومع مرور الوقت تغير الحال وتبدلت الأوضاع وأصبح الدخل من مسح الأحذية قليل القليل بما لايكفى سداد احتياجات عم توفيق واحتياجات أسرته، ورغم ذلك يقول: «الشغلانة خلاص راح زمانها بس مقدرش أشتغل غيرها لأنى معرفش أعمل حاجة غيرها، ومقدرش أقعد فى البيت ممكن أموت»، عم توفيق تجده مع شروق الشمس وحتى غروبها على رصيف منطقة الإسعاف بوسط البلد، يجلس أمامه صندوقه وسيجارة مشتعلة لاتفارق يداه. ورغم وجهه الدائم فى العبوس فإنه شخصية متفائلة جدا فيقول عم توفيق: «أنا متفائل وأملى كبير فى ربنا يكون مستقبل البلد أحسن، ومصر مايتخفش عليها لأنها محروسة بأولياء الله الصالحين وببركة أهلها الطيبين اللى كل أمل لهم فى الدنيا يعيشوا فى سلام ويلاقوا الرزق الحلال ونفسى الناس اللى غاوية مشاكل دى تبطل مظاهرات وخناقات دول هيولعوا لنا فى بلدنا، عايزين البلد ترجع أمان زى زمان». الصريطى :أتمنى إقالة الحكومة من وجهة نظر الفنان المشكل للوجدان المجتمعى بفنه وإبداعه يقول سامح الصريطى إن الفن كغيره من مجالات المجتمع يعانى من الانهيار حيث تسير البلاد إلى الهاوية بشكل أكثر درامية ومأساوية من القصص الروائية فلم يعد التفاؤل واردا مع تردى الأوضاع والتجاوزات التى تتوالى من الحكومة التى لا تعبر عن الشعب واحتياجاته التى يموت ويتظاهر طالبا لها منذ عامين إلى الآن. ويضيف الصريطى أن على النظام تغيير الحكومة كمحاولة للخروج من عنق الزجاجة، وأضاف الصريطى أنه يتمنى أن يقدم المزيد من الأعمال الفنية الراقية ليشكل بصمة قوية بعد رحيله إلى العالم الآخر؛ وقال أن هدفة الأول والأخير فى الحياة هو عمله وفنه. الحاج متولى :أستّر بناتى واسفّر ولادى بره البلد مع طلعة كل فجر يؤدى صلاته ثم يخرج من منزله حاملا أدوات عمله الثقيلة «أجنه وأدوم وأصعة»، والتى مع كل سنة تزيد فى عمره تزيد ثقلا على كتفيه وتضيف على كاهله مزيدا من التعب والشقاء، فالحاج متولى إبراهيم «57 سنة» عامل تراحيل «فواعلى بلغة الكار»، ومع ثقل حمله يجد نفسه مضطرًا فى صباح كل يوم للسير مسافة تزيد على الكيلو متر حتى يصل إلى الطريق السريع «الأسفلت» ليبدأ معاناة أخرى فى انتظار موافقة إحدى سيارات النقل المتجهه إلى القاهرة لتنقله من مسقط رأسه قرية سمادون مركز أشمون محافظة المنوفية إلى العاصمة بنت المعز. «مقدرش أجى وأروح مواصلات امال ايه هيتبقى من يوميتى اروح بيه للعيال وامهم؟!، ومقدرش اسكن هنا اجيب ايجار المطرح منين؟!» هكذا يجد الحاج متولى نفسه مضطر لتوسل لأصحاب السيارات النقل، بل يصل به الأمر فى كثير من الاحيان إلى الركوب فى صندوق السياراة وتحمل مشاق السفر والظروف الجوية سواء حرارة الشمس المرتفعة أو البرودة القارصة فى سبيل الوصول إلى مكان أكل عيشه عند سور مستشفى الجلاء بوسط البلد. وبين أقرانه فى المهنة والذين أغلبهم من سن أبنائه تجده على الرصيف يجلس القرفصاء أو يأخد حجرا مقعدا له، تكسو وجهه تجاعيد وشقوق خطتها مرارة الفقر وصعوبة العيش، أمامه أدوات شغله يحتضنها كما تحتضن الأم وليدها خوفا عليها من السرقة فهى مصدر رزقه الوحيد ووسيلته للحصول على أكل عيشه، يتلفت يمينا ويسارا فى انتظار صاحب عمل أو مقاول أنفار يمنحه فرصة للعمل سواء فى البناء أو الهدم، ولكن أولاد كاره من الشباب يزاحموه ويحظون بتلك الفرص الشحيحة، فصاحب العمل متخوف من قدرته على العمل دون النظر إلى خبرته الطويلة، «أنا الحاج متولى عافى أوى وممكن أتجوز أربعة زى نور الشريف»،» بس ولاد الكلب دول مش سيبنى لى حاجة، ولما حد بيقع فى مشكلة يجى ياخد ماشورتى، بس هيعملوا لى ايه يا ابنى؟ ما الحياة بقت صعبة على الكل» بهذه الكلمات الساخرة الممزوجة بالحزن والأسى والمصاحبة بإبتسامة صفراء باهته يهون بها الحاج متولى على نفسه. وسريعا ما تراجعت واختفت ابتسامته هذه لصالح نبرات صوته التى يغلب عليها الحزن والحسرة ودموعه التى بدأت تغمر عينيه لتكشف مدى الخوف الذى بداخل الحاج متولى من المستقبل المظلم، فيتمتم قائلا:»الشغل شاحح والصحة راحت ومش طالب غير الستر ولو انه صعب فى بلدنا دى بس مش بعيد على ربنا»، ويتساءل متعجبا «هو احنا ليه مالناش نقابة زى نقابة المحامين دى، ليه مالناش تأمين ولا معاش، احنا بنشتغل يوم اه وعشرة لاء، انا اخر فلوس دخلت جيبى من شغلانة كانت من تلات أيام، احنا بنى أدمين برده وبنشتغل وبنكسب قوتنا من عرقنا وشقانا، وهو الريس مرسى مابيتكلمش غير على بتوع التكاتك؟! ياريته يجيب سيرتنا ولو مرة فى كلامه خليه يبص لحالنا شوية». «نفسى بس أستر بناتى واطمن عليهم قبل ما اموت واساعد العيلين فى السفر بره مصر لان بلدنا خلاص معدش ينفع نعيش فيها، ومش عايز حاجة من حد.. السؤال لغير الله مذلة» هكذا كانت أحلام الحاج متولى بسيطة وهكذا كان يؤمن، فهو لايطلب من الحكومة شىء فهو يراها تسكن كوكب أخر غير كوكب الأرض فيقول: حكومة ايه؟ هما دول عايشين معانا على الأرض أصلا دول باينهم من طينة تانية. د.صلاح يوسف وزير الزراعة الأسبق :أتمنى أن يسود العلم المجتمع أكد د. صلاح يوسف وزير الزراعة الأسبق أنه يجب أن يدرك الجميع أننا جمعيأ مصريون من أجل الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى على المدى البعيد والقريب. وقال يوسف إننى أتمنى أن يسود العلم المجتمع بوجود منظومة علمية يشرف عليها كبار العلماء من مختلف التخصصات والبعد عن البلطجة وكل مايؤدى إلى العنف والقضاء على سياسة التخوين لأن دم المصريين غال ولا فرق بين مسلم ومسيحى أو لبيرالى وإسلامى فنحن كلنا مصريون. وأضاف أن سبب البطالة هو سوء الإدارة وعدم الوقوف بجانب المستثمرين المصريين من قبل الحكومة والإصرار على عدم إنشاء مشاريع كبيرة أو صغيرة مشيراً إلى أن أغرب موقف تعرض له منذ قيام ثورة 25 يناير 2011 هو بداية الإحساس بالثورة يوم 11 فبراير 2011 والقضاء عليه فى نفس اليوم بسبب المطالب الفئوية مع الإصرار على مبدأ الكراهية بين المصريين وتجاهل المصلحة العامة من أجل الجلوس على الكرسى بداية من رئيس الحكومة مع عدم التفاؤل وإبعاد أهل الخبرة والاستعانة بأهل الثقة الذين لا يوجد عندهم خبرة فى أى شىء مؤكداً أن مصر لم تتغير إلا إذا تغيرت ثقافة شعبها وتكون هناك إدارة تغير وتصالح وطنى مع وجود قيادة حكيمة لأن الناس فاض بها من كل هذه الأحداث. عمرو محمود يس:بحلم بمصر ترجع بلد الأمن والأمان بلهجة ممزوجة بالحزن والحسرة عبر لنا الفنان الشاب عمرو محمود يس عن استيائه قائلا: «السينما فى الانعاش»، ومنتجو الدراما التليفزيونية غير قادرين على الإنتاج فى ظل الاوضاع الحالية، مضيفا أن هناك خطورة على وضع الفن الذى لعب دورا مهما فى معالجة آلام الشعب ومعاناته ورفع الوعى السياسى خلال السنوات السابقة حتى اندلعت الثورة المجيدة. وتسطر حالة من التشاؤم على الفنان الشاب وتظهر واضحة فى حديثه معنا فهو يرى أن الوضع الحالى لايدعو لأى تفائل وخاصة فى الشارع المصرى الذى غاب عنه الأمن وزادت فيه معاناه المواطن ماديا، ويضف عمرو بأن علاج تلك المشكلات فى العمل على استقرار البلاد والذى هو مسئولية مؤسسة الرئاسة، كما أكد أنه يتمنى كمواطن مصرى أن يعيش هو وأولاده فى أمن وأمان. أسامة هيكل وزير الإعلام السابق :أتمنى أن تتحقق مطالب الثورة «إن الدولة تمر بمرحلة حرجة وخطيرة للغاية» بهذه الكلمات استهل أسامة هيكل وزير الإعلام السابق حديثه الذى جاء مصاحبًا للأحداث وتمر بها البلاد للعديد من الخلافات السياسية نجم عنها التوتر المستمر بين أطياف الشعب. وأشار هيكل إلى أن البعض غير مدرك بأننا نرجع إلى الخلف.. وأضاف أن الأمر يحتاج من الجميع استيعاب هذه الأحداث والعمل على حلها بجانب الحكومة التى يجب أن يتعامل مع الأزمة الحالية بسرعة وجدية للقضاء عليها، لأنه من غير المعقول أن نعيش فى ظل هذه الظروف الصعبة التى لاتؤدى إلى أى تقدم بل الرجوع إلى الخلف.. وأكد هيكل عدم تحقيق مطالب الثورة وهى (عيش - حرية - عدالة اجتماعية) ولكن تحقق فقط أهم بند فيها وهو إسقاط النظام القديم فقط مع العلم أنه لم يتحقق سوى 20% من مطالب الثورة. د. هانى الناظر رئيس المركز القومى الأسبق:أتمنى أن يتحاور عقلاء الوطن «إصلاحات وخروج من الأزمة وتوافق وطنى بين مختلف القوى السياسية» شرط طرحه د. هانى الناظر رئيس المركز القومى للبحوث الأسبق لتعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. وطالب الناظر رئيس الجمهورية بإجراء حوار وطنى جاد يحضره عقلاء الوطن بصدق وأمانة لأن الأمور لا تنتهى إلا إذا تدخل أهل الخبرة السياسية الذين ليس لهم أى أطماع سياسية. استمرار المظاهرات سقوط النظام ولكن معناه انهيار الاقتصاد وتراجع العملة وانخفاض الاحتياطى القومى مشيراً إلى أنه لايتم ذلك إلا من خلال التنازل من أجل البقاء.. بقاء مصر للرجوع لدورها الريادى فى المنطقة. وأكد الناظر أن أغرب موقف فى المشهد السياسى هو تقاتل المصريين فى المقطم مع العلم أن الشعب المصرى شعب غير دموى يتميز بالسماحة. أمانى التونسى :أتمنى أن أنتهى من «حياة المطلقات» تقول أمانى التونسى وهى أصغر ناشرة فى الشرق الأوسط وصاحبة أول إذاعة للبنات فقط إنها تتمنى أن تنتهى من كتابة الجزء الثانى من كتابها «حياة المطلقات» هذا بالإضافة إلى أنها بدأت بالفعل فى كتابة كتاب باسم أنا بنت دقة قديمة وأشارت إلى أنها سعيدة بما حققته فى حياتها، كما أنها نجحت فى فتح فروع أخرى لمركز يوتيرن فى مصر والإمارات هذا المركز الذى يهتم بمعالجة الفتيات فقط من الإدمان. وقالت الكاتبة أمانى التونسى إننا نعيش الآن (أيام سودا)، كما وصفتها متمنية أن تتخلص مصر من المتأمرين وأن تتحسن الأحوال الاقتصادية فى البلد حتى يرجع إليه كل رجال الأعمال الشرفاء والذى هاجر عدد كبير منهم خارج البلاد، كما تمنت أمانى أن يكون رئيس الجمهورية رجلًا محبًا للوطن وأمينًا عليه. حسن : عايز أتجوز «ها ها ها ها» بضحكات عالية تملأ كافة جنبات المكان وجدناه يبدأ يومه، إنه «حسن عبد المنعم» الشهير ب «حسن كابو» ذلك الشاب الذى فى أواخر العقد الثانى من عمره، يقف أمام نصبة الشاى والقهوة بأحد المقاهى الشعبية المطلة على شارع شبرا، يتابع بنظرات متلهفة شاشة التليفزيون حيث برنامج «البرنامج»، يشارك زبائن القهوة نقاشهم السياسى الحاد، فالبعض يؤيد الإخوان والنظام الحاكم الحالى والبعض الآخر معارض له وبشدة، وبين هذا وذاك يقف حسن موقف المحايد، قائلا: «يا جماعة صلوا على النبى، السياسة دى لعنة هتخسرنا بعض، وهنموت بعض والناس اللى فوق هى المستفادة من كل ده»، يخبط حسن كف على كف مبتسما ومتابعا: «هم يبكى وهم يضحك». ويحاول حسن بكثرة ضحكاته التهوين على نفسه واخفاء ما بداخلها من مرارة وضيق، فعقب إنهائه مدة التجنيد بالجيش بعد حصوله على دبلوم صنايع قسم تكيف وتبريد، التحق بإحدى الشركات بمرتب 450 جنيها فى الشهر إلا أنه تم الاستغناء عنه عقب ثورة 25 يناير، ليعمل «قهوجى» ورغم أن هذا العمل هو حديث العهد به، ولم يمتهنه من قبل إلا أنه حل أزمة البطالة عنده ووفر له فرصة عمل ودخلًا مناسبًا، فهو يعمل لمدة 15 ساعة متواصلة من الساعة 9 صباحا حتى 12 مساء فى مقابل30 جنيهًا يوميا. «أبويا قالى التعليم حلو بس نسى يقولى أنه مش فى البلد دى» بهذه الكلمات سخر كابو من الفرق بين ما كان يتقاضاه نظير المهن التى درسها ومهنته الحالية، ومضيفا: «لو فضل حال البلد كده لما اجيب عيال مش علمهم، احسن لهم يتعلموا صنعه». وعن أحلامه يقول حسن: «أنا زى أى شاب عايز أتجوز وافتح بيت ويبقى عندى عيال، بس ازاى وكل واحدة أهلها يطلبوا شبكة بالشىء الفلانى اجيب منين؟ ده غير الشقة والعفش»، وبمرارة واضحة فى نبرة صوته وكلامه يتابع الشاب العشرين حديثه قائلا: «فين البلد اللى قالونا عليها وقت الانتخابات والفلوس والشغل اللى هيوفروهم؟! أنا لو تعبت ونمت فى البيت مش هاخد يوميتى ومش هعرف أكل وأصرف على نفسى، أنا بجهز ورقى علشان عايز أهج وأسافر بره البلد». عم كمال :نفسى نبطل مظاهرات كمال أبو المجد «64 سنة» بائع متجول تجده أمام أحد مداخل محطة مترو «محمد نجيب» بمنطقة وسط البلد يفترش بضاعته من «أقلام، كشافات إنارة، مواد لاصقة، ولاعات، مفكات، ريموتات رسيفرات وتليفزيونات وغيرها أشياء أخرى كثيرة» يجلس بجوارها شارد البال ممسكا بكوب من الشاى تصاحبه سيجارة يتخيل فى دخانها مستقبل وحياة أفضل له وللبلد. ويعود عم كمال بذاكرته قبل وقتنا الحاضر بثمانى سنوات، حيث كان يستيقظ من نومه مبكرا ليخرج من منزله متجها إلى عمله بإحدى شركات القطاع العام والتى بسبب خصخصتها أحيل إلى المعاش المبكر وتم تسريحه، ورغم ذلك فهو لايزال يستيقظ مبكرا كعادته بل أكثر من ذى قبل ليخرج من منزله متجها إلى مكان عمله الجديد حيث مداخل محطات المترو، «كان المرتب قليلا صحيح بس كان دخلًا ثابتًا والحياة كانت ماشية ومستورة، وفى يوم وليلة الدنيا اتقلبت واتغيرت وبقيت أنا ومجموعة من زمايلى فى الشارع» بهذه الكلمات الممزوجة بالحزن عم كمال أو «أبو رانيا» كما اعتادت تناديه الناس يتذكر آخر أيام له فى الوظيفة والتى تنقل بعدها فى عدة مهن مختلفة، ويتابع عم كمال قائلا: «بس ربك مابينساش عبيده، بيقطع من هنا ويوصل من هنا وأهى ماشية الحمد لله وجوزت البنتين وعايش مستور وراضى». إلحق البلدية _شرطة المرافق_ الشىء الوحيد الذى يخرج عم كمال عن صفائه النفسى وينغص عليه حياته ويضطره إلى لملمة أشيائه سريعا للهرب والاختفاء بها، فيقول:»بيكون يوم أسود لما تيجى البلدية، قبل الثورة كانوا بيخدوا البضاعة واللى يعترض ياخدوه معاها، دلوقتى الحال أحسن شوية بيطلبوا مننا نمشى وبيراعوا سنى الكبير» كما يتابع متعجبا «قبل ما المسئولين يطلبوا من البلدية تنزل حملة طب يوفروا لنا مطارح وأكشاك فى أماكن محترمة واحنا مش هنفرش فى الشارع»، مضيفا «احنا مش بلطجية ولا حرامية احنا ناس بتشتغل وبتسعى ورا أكل عيشها». ورغم ما مر به الرجل الستينى من صعوبات عديدة على مدار حياته الممتدة ورغم ما بخل به البلد عليه من كرامة فى العيش إلا أنه دائم الحب له،»بلدنا حلوة اوى بس احنا اللى وحشين اوى اوى كل واحد عايز مصلحة نفسه وبس، مع اننا لو اتحدنا هتبقى بلدنا احسن بلد وكل واحد هيحقق مصلحتة برده» وبهذه الكلمات البسيطة يفلسف ويختصر عم كمال معاناة الشارع السياسى فى مصر حاليا. وعند سؤاله ما الذى تحتاجه من الحكومة ومن البلد، تجده يفاجئك بكم كبير من الرضا النفسى والتفاؤل الذى هو جزء من شخصيته على حسب وصفه، قائلا: «بلدنا دلوقتى هى اللى محتاجه مننا مش العكس، نفسى نبطل مظاهرات شوية ونشتغل، زمان أيام نظام مبارك محدش كان يقدر يفتح «بقه»، لازم نصبر دلوقتى شوية، مصر رايحه للأحسن وهنكون من أفضل بلاد العالم، والريس مرسى عايزينه يشتغل ازاى فى الجو ده؟ سيبوا الراجل يركز شوية». البنهاوى :أتمنى أن يسمع المسئولون صوت معاناتنا! لا يوصف حال المعاق المصرى إلا بالمعاناة ما بين التهميش وعدم الاكتراث لخصوصية احتياجاته وحقوقه فى المجتمع كإنسان قبل أن يكون مواطنا، وكما يقول ماجد البنهاوى المعاق حركيا نعانى التجاهل الشديد فى كل جوانب حياتنا فلا مواصلات خاصة مجهزة ولا مساواة فى ممارسة حقوقنا السياسية فى المشاركة وتقلد المناصب فليس لنا صوت ولا يسمعنا أحد ولا مراعاة للمعاق فى المصالح الحكومية ومتاعب البيروقراطية التى لا تناسب قدرات المعاق ولا عدالة فى معاشات التضامن الاجتماعى، وكذلك التجاهل التام أثناء سن القوانين والقرارت الخاصة بنا فلا تناقش معنا وتقدم أى حلول لمشكلاتنا التى تعبنا من عرضها ومناقشتها فلا زادت نسبة ال 5% الخاصة بتعيين ذوى الإعاقة بالمصالح الحكومية ولا زيادة فى نسبة السكن الخاص بنا ولا اهتمام بدور رعاية المعاق وكفالة اليتيم المعاق وتعليمه وسبل دمجه فى المجتمع فلا سبيل لنا إلا المطالبات ومحاولة رفع أصواتنا ربما يسمعنا أحد المسئولين ليلبى لنا طلبا أو آخر وليس كما نحلم فى الحقيقة بالحياة الكريمة كأبسط حقوقنا الإنسانية. أبو عوف : أتمنى أن أموت فى مصر رغم مخاوفه من خطورة الفترة القادمة لايزال الفنان عزت أبو عوف محتفظا ببعض الأمل، فبعد أن عمت الفوضى مختلف جوانب الحياة حتى أصبح المجتمع يسير بقانون الغابة، فالقوى يأكل الضعيف، وكل هذا بسبب الفساد الذى استفحل من جراء طغيان النظام السابق الذى ترك البلاد خاويه على عروشها، ووسط كل هذا الظلام يرى أبو عوف نقطة ضوء من خلال ثقته فى الشعب المصرى وعزته وتاريخه الحافل بالعزيمة والاصرار ذلك الشعب الذى اعتاد صناعة التاريخ والتأثير فى الشعوب كما اعتاد التفرد والتميز. أما عزت أبو عوف الإنسان فقال إنه يعتز بمهنته ويعلم أن الفن هبة ورسالة عظيمة متمنيا أن يعيش فى مصر للأبد ولكن فى ظل اوضاع اقتصادية سليمة. أما إذا تدهور الوضع فيتمنى أن يموت خارج مصر وليس على أرضها حتى لا يعيش متحسرا. منى : عايزة أروح جنينة الحيوانات.. ووالدتها : أنا عايزة أروح السوق إذا كنت من مرتادى كورنيش النيل فإنك بالتأكيد قد صادفت فى احدى المرات «منى»، تلك الطفلة التى لم يتجاوز عمرها أصابع اليد الواحدة والتى تحت تأثير أشعة الشمس والارهاق والتعب الشديد قد أخذت من رصيف الكورنيش سريرا تضع جسدها الصغير النحيل عليه ووسادة تسند عليها رأسها، لتخلد فى نوم عميق هربا من واقعها المرير وعالمها القاسى الذى لم يهتم بطفولتها ولاينزعج ضميره من نظراتها الطفولية البريئة، فغرقت فى النوم بحثا عن عالم من الاحلام يكون رحيما بها ويلبى احتياجاتها القليلة البسيطة، وذلك دون أى اهتمام منها بضوضاء الشارع المكتظ بناسه وبسياراته التى لم تتوقف لحظة عن اصدار أصوات آلات تنبيهها المزعجة ولا عن اطلاق دخان عوادمها القاتلة. حاولت إيقاظها وبعد عدة محاولات أستيقظت، وبنصف وعى مستيقظ وآخر غارق فى النوم أجابتنى منى بأنها تأتى إلى هنا كل صباح مع والدتها إلى هذا المكان، وأشارت بإحدى أصابع يدها الصغيرة إلى سيدة بسيطة تجلس على نفس الرصيف، وأثناء ما كانت منى تقضم قطعة من البسكويت، قالت فى براءة شديدة وهى تغالب نومها وكأنها تحكى حلما تراه امام عينيها (عايزة أروح جنينة الحيوانات، عايزة أشوف «الغزالة» دى اللى رقبتها طويلة، بس «أما» بتقولى دى بفلوس كتير واحنا مش معانا). وعلى بعد عدة أمتار قليلة نجد سيدة قد تجاوزت العقد الرابع من عمرها وهى زينب «والدة منى» جالسة تضع يدها على خدها تسند بها رأسها المتعبه من حرارة الشمس وكثرة التفكير فقد تكالبت الهموم عليها، أمامها بعض من حبات اللب والترمس والفول السودانى، تنتظر من يشترى منها حتى تستطيع الحصول على قوت يومها قبل أن تعود إلى منزلها قبل «العتمة» على حد تعبيرها. زينب «44 سنة» هى أرملة منذ ثلاث سنوات تقريبا، والدة لثلاثة أبناء هبه «متزوجة»، محمد «صبى ميكانيكى» ومنى، وجميعهم اما تركوا التعليم أو لم يلتحقوا به من الأساس فلسان حالها يقول: «هو انا قادرة اكلهم علشان اعلمهم»، وكل ما تطلبه زينب من الدولة وتحلم به فى المستقبل هو «الستر» على حد تعبيرها، بل تجدها تمصمص شفتيها وتطلق العنان لخيالها قائلة: «نفسى أروح السوق والفلوس اللى معايا تكفى أجيب أكل للعيال، الأسعار بقت مولعة بقت نار يا بيه». والست زينب مثلها مثل الكثير من البسطاء الذين وصل بهم الأمر لكراهية الثورة فقد فاض بهم الكيل بسبب أحوال البلد الحالية، فبعد تنهيدة طويلة تدل على ما بداخلها من حرقة تتبعها بضحكة ساخرة قالت:»بلا ثورة بلا نيلة!!!، يا بيه انا كنت فرحانة بالثورة اوى واتحبست انا والعيال فى البيت مقدرتش أنزل اشتغل واستلفت من الجيران علشان أكلهم، كنت فاكرة ان البلد هتتعدل بس دى اتنيلت أكتر»، وبنبرة صوت يائسة تتابع الست زينب «ياريت أيام مبارك كانت دامت، على الاقل كنت عارفه أكل العيال». د. عثمان: أحلم بجامعات مصرية تصل للعالمية عن أحلام المعلم مربى الأجيال الذى يحمل على عاتقه مسؤلية تربية العقول كأمانه ورسالة يقول د. عثمان محمد عثمان أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة 6 أكتوبر أحلم بتطوير الجامعات المصرية بما يحقق لها العالمية والتفرد وذيادة ميزانية البحث العلمى بشكل أساسى ممنهج، وكذلك المنظومة التعليميه بشكل عام والتى عانت طويلا من التردى والانحدار بالإضافة لزيادة الأجور والمرتبات التى تحفظ كرامة ومكانة المعلم والباحث الذى يفترض أن يكون ناسكا فى محراب العلم وليس متاجرا له؛ أما مصر الغالية فتنحصر الآمال والطوماحات فى حلم الاستقرار الذى بات بعيدا أمنيا وسياسيا فى بلد كانت هى الأمن والامان، وكذلك أحوال المواطن المصرى الذى يشعر بالتعاسه وخيبه الأمل وتبدد أحلامه بعد أن سأل دم أبناءه هدرا وعلى الرغم من كل نحاول أن نرى المستقبل مشرقا بداية باجراء الانتخابات البرلمانيه القادمة التى يمكنها أن تعالج الكثير من المشكلات وتنعكس إيجابيا على المواطن فى الشارع.