فى ظل الأرقام القياسية التى تحققها القارة السمراء فى الانقلابات، لم يكن مستغربا أن تشهد دولة أفريقيا الوسطى انقلابا جديدا بعد أشهر قليلة من سلسلة انقلابات شهدتها بلدان أفريقية مجاورة، وذلك بعد أن أعلن زعيم متمردى سيليكا «ميشيل جوتوديا» نفسه رئيسا جديدا لأفريقيا الوسطى بعد يوم واحد من فرار الرئيس «فرانسوا بوزيزيه» وسيطرة المتمردين على العاصمة وقصر الرئاسة. وأعلن ميشيل بوصفه الزعيم الجديد للبلاد عن تعليق الدستور وأنه سيحكم بموجب مراسيم خلال الفترة الانتقالية فى البلاد وتعهد بتحمل مسئولية البلاد خلال هذه الفترة لمدة ثلاث سنوات طبقا لاتفاقات ليبرفيل. وقال المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية كريبان مبولى جومبا إن «ميشال جوتوديا» هو الرئيس الجديد وهو تحصيل حاصل والمعارضة تعترف به». واقتحم حوالى 5000 من مقاتلى السيليكا العاصمة بانجى بعد انهيار اتفاق ليبرفيل لاقتسام السلطة، وهم مجموعة من المتمردين ضمت أطيافا عدة من المعارضة ذات تناقضات سياسية لكنها متفقة على ضرورة الإطاحة بالرئيس فرانسوا بوزيزيه الذى أضاع كما يقولون كل الفرص بدءا من تطبيق الاتفاقيات التى وقعت عام 2007 و2012 والتى تقضى بدمج المتمردين فى المؤسسة العسكرية وإطلاق سراح السجناء السياسيين وإشراك المعارضة فى حكومة وحدة وطنية. وقد سعت الحركة لطمأنة الغرب بإعلانها احترام اتفاقات السلام الموقعة فى 11 يناير الماضى بين بوزيزيه والمعارضة والتى تقضى بوقف إطلاق النار مع تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقد أثار الانقلاب ردود أفعال دولية عديدة، حيث أدان الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كى مون الاستيلاء على السلطة فى أفريقيا الوسطى، ووصفه بأنه غير دستورى وطالب باستعادة النظام الدستورى فى البلاد، وأعلنت الأممالمتحدة أن عشرات الآلاف من السكان هربوا إلى جمهوريتى الكونغو والكاميرون ومن بقى بالبلاد يعانى من العصابات المسلحة وعصابات السلب والنهب التى تجوب الشوارع. وعلق الاتحاد الأفريقى أنشطة جمهورية أفريقيا الوسطى فى الاتحاد وفرض عليها عقوبات بما فى ذلك حظر السفر وتجميد أصول سبعة من كبار المسئولين فى جماعة سيليكا المتمردة إضافة إلى العزل التام للحكومة الجديدة. وحذرت الولاياتالمتحدة من أنها قد تجمد مساعدتها لجمهورية أفريقيا الوسطى البالغة 2,2 مليون دولار مطالبة قيادى سيليكا بتقديم تفسيرات لآثار الدمار التى خلفتها قواتها فى كل أنحاء البلاد خلال المعارك التى استمرت لعدة أشهر. ويأتى انقلاب أفريقيا الوسطى فى إطار سلسلة طويلة من الانقلابات التى شهدتها دول أفريقيا مؤخرا والتى كان الأحدث فيها الانقلابين الأخيرين فى غينيا ومالى العام الماضى حيث لم تكد تتعافى دولة افريقية من انقلاب حتى يجتاح بلد أخرى انقلاب جديد، وهو ما أكدته دراسة من أن أفريقيا حطمت الأرقام القياسية فى الانقلابات حيث زاد عددها عن 80 انقلابا فى 60 عاما. وفى اريتريا دخلت البلاد فى مرحلة فوضى خلال يناير الماضى بعد اقتحام مجموعة من المتمردين وزارة الإعلام فى محاولة منهم لتنفيذ انقلاب على الحكم القائم. ويرى معلقون أن المسألة تتعلق بالوقت فقط قبل أن تتكرر مثل هذه المحاولات للإطاحة بالرئيس «أسياسى أفورقى» الذى يحكم البلاد منذ أكثر من 20 عاما، كما عانت مالى من ثلاث انقلابات أحدثها انقلاب مارس 2012 الذى سهل على الإسلاميين المتشديين السيطرة على معظم شمال البلاد، وفى غينيا وقعت أربعة انقلابات أخرها 2012 والتى أطاحت برئيس البلاد المؤقت، كما شهدت بوركينا فاسو أربعة انقلابات كان آخرها حركة التمرد التى حدثت فى 2011 مما اضطر الرئيس للتنازل عن السلطة لساعات قبل أن يعيد سيطرته مرة أخرى، وكذلك محاولات جماعة «إل إم تو ثرى» قلب نظام الحكم فى الكونغو الديمقراطية.