أثارت دعوة بعض القوى السياسية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة حالة من اللغط فى الشارع المصرى، حيث يرى المؤيدون للمقاطعة أنها ستنزع غطاء الشرعية من البرلمان القادم، ومن ثم الرئيس وتيارات الإسلام السياسى التى تدعمه والموالين له. أما المعارضون لفكرة المقاطعة فيؤكدون أنها ستجر البلاد إلى مزيد من الفوضى والتى قد تتطور لتصبح صداما مسلحا بين المواطنين وبعضهم لتزيد من حالة الفوضى الأمنية التى تشهدها البلاد، كما أنها ستكبد الوطن مزيدا من الخسائر الاقتصادية والسياسية على الصعيد الدولى. ومن ناحية أخرى يرى البعض أن المعارضة لم تنجح حتى الآن فى تقديم بديل مقنع أو آلية أخرى - بخلاف الانتخابات - لممارسة الديمقراطية، ولا ترضى إلا برفع الأغطية الشرعية من جانبها فقط على باقى الخصوم السياسيين فى الحاضر والمستقبل وفى كل مناسبة - وبدون مناسبة - فهم حاضرون إعلاميًا فقط يتحدثون بلسان الأغلبية والشارع وطلبهم وهدفهم ما بين السطور والكلمات لا يخرج عن هدف واحد ومحدد هو (فيها.. لأخفيها) أو نحن فى السلطة أو الفوضى فى الشارع.. وعلى الرغم من ذلك فالتحقيق القادم يستطلع آراءهم ويثبتها كما هى إعمالًا بمبدأ الشفافية وترسيخًا للأداء المهنى. فى البداية يقول د. إسماعيل سعد أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة الإسكندرية إن الامتناع عن المشاركة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة،دليل على عدم وجود قاعدة شعبية مؤيدة للتيارات الليبرالية، وبالتالى فقد وجدت تلك الأخيرة أن المقاطعة هى الحل، فهى مازالت تحتاج الى وقت لتنظيم نفسها، بعكس التيارات الإسلامية خاصة الإخوان المسلمين فهم منظمون، ولهم القدرة على عمل دعاية جيدة. وجبهة الإنقاذ لابد أن يتوقف أعضاؤها عن الحديث فى الفضائيات وينزلوا الى الشارع ليصلوا إلى القاعدة الشعبية العريضة، لكن المشكلة أنهم يريدون الزعامة دون أن يكون لهم آليات لها، ويرفضون أن يكونوا تحت قيادة واحد منهم، وبالتالى مازالوا متمزقين، وقال: إذا تمكن السلفيون من التنظيم الجيد فسيكونون هم المعارضة الحقيقية للإخوان الذين تراجعت شعبيتهم بشكل ملحوظ، ولكن قدرتهم على التنظيم والتزام أعضائهم بالسمع والطاعة يعوض ذلك. وأضاف: بصفة عامة لا أوافق على دعوات المقاطعة للمشاركة او للتصويت، وأتوقع أن يتراجع التيار الليبرالى عن المقاطعة، لأن الفرصة الآن متاحة للمعارضة للعمل خاصة بعد هبوط أسهم الإخوان فى الشارع المصرى. المشاركة هى الحل ويقول د. طارق فهيم أمين عام حزب النور السلفى بالاسكندرية، أرفض المقاطعة، فالمشاركة هى الحل، فإذا كان الحرية والعدالة جاء بالصناديق فليخرج بالصناديق، أما من يريد المقاطعة خوفا من التزوير ومن وجود مفاصل الدولة فى ايدى الاخوان فأنا أرى أنها حجة غير موفقة للدعوة للامتناع، وعلى الجميع حماية الصناديق ومنع التزوير بكل الوسائل حتى يعرف الجميع حجمه السياسى، وأرى أنه على القوى الليبرالية المشاركة فى الانتخابات لأن الدعوة للمقاطعة ستكون فى غير صالح الوطن. ويضيف د. طارق فهيم قائلًا إن اخونة الدولة لها تأثير على الجهاز الإدارى والتنفيذى، وللأسف كل هؤلاء غير مؤهلين ويغيب عنهم عنصر الكفاءة بدليل ما يحدث فى الإسكندرية. أما عن العصيان المدنى كأحد طرق المقاطعة فلا نرحب به لأنه يضر مصالح الناس، وأعتقد أن الانتخابات البرلمانية القادمة ستعيد الخريطة السياسية فى مصر لوضعها الصحيح لذلك أرفض المقاطعة، وعن ضمانات نزاهة الانتخابات قال إن هناك رغبة قوية من المصريين لمنع التزوير وهذا هو الضمان الوحيد، أما القول بأن وزارات الداخلية والعدل والتنمية المحلية ستنحاز للحرية والعدالة فذلك يواجه بحماية الصناديق. ويقول د. يسرى حماد نائب رئيس حزب الوطن السلفى إن الحزب قرر أن يخوض الانتخابات المقبلة من خلال تحالف إسلامى يضم حزب الوطن والحزب الإسلامى وحزب البناء والتنمية وحزب الشيخ حازم أبو إسماعيل وهو تحالف اسلامى وطنى يضع نصب عينيه مصلحة الوطن وليس المصلحة الحزبية، وأتمنى أن يكون الحصان الأسود فى الانتخابات القادمة، وقال إن مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة يعد انتحارًا سياسيًا لمدة خمس سنوات قادمة، وإذا كانت التيارات الليبرالية تقول إنها تريد ضمانات لنزاهة الانتخابات فنحن أيضا نريد هذه الضمانات، ولكنى أرى أن الحل ليس فى تغيير الحكومة ولكن فى تكوين هيئة محايدة أو مفوضية لادارة الانتخابات، على أن تسميها القوى السياسية وتضم المفوضية شخصيات مقبولة اجتماعيا ولابد أن تكون شخصيات قضائية ممن لم يتلوثوا فى الفترة السابقة وألا يكونوا غير محسوبين على أى تيار سياسى. وأضاف قائلًا: حزبنا يتبنى مبدأ السلفية الوطنية القائمة على تقديم مصلحة الوطن على المصلحة الحزبية، ونتبنى كذلك سياسة تجميع أبناء الوطن الواحد وعدم الإقصاء لأى شخص لم يثبت عليه فساد. وأكد أن أى فصيل يتم اقصاؤه فى الانتخابات القادمة من خلال المقاطعة سيكون صوته فى الشارع بدلا من البرلمان وهو ما سيؤدى الى الانهيار السياسى والاقتصادى للبلد، فأى أشخاص أو أحزاب يتم إقصاؤها تتحول إلى قنابل موقوتة فى الشارع، ولابد أن نتحاور ونتقارب ونحقق المطالب المجتمعية على خلاف المطالب الحزبية، ولو كانت التيارات الليبرالية لها مطالب مشروعة لتخوض الانتخابات ويرى الشعب أن هذه المطالب مشروعة فلابد أن يتم الاستجابة لهذه المطالب، فلابد ان تخوض التيارات الليبرالية الانتخابات، ويخطئ من يظن أن هناك برلمانا فى العالم يعبر عن فصيل واحد إلا إذا كان برلمانًا بدولة شيوعية أو برلمانا مزورا، وحتى حزب البناء والتنمية بتركيا ورغم إنجازاته الواضحة إلا أنه لم يحصل إلا على 50% فقط من مقاعد البرلمان، متوقعًا أن تكون فرص حزب الحرية والعدالة فى الانتخابات المقبلة أقل مما سبق. ويضيف قائلا إن الحزب السياسى يتم تشكيله لخوض الانتخابات وهناك شخصيات فى الأحزاب اقوى من الحزب نفسه فإذا لم يخض الحزب الانتخابات فهذه الشخصيات ستبحث عن أى كيان آخر لتخوض الانتخابات من خلاله والحزب هو الخاسر فى هذه الحالة فهو سيفقد قواعده الشعبية. وأضاف: الكل سيخسر فى حالة مقاطعة التيار الليبرالى للانتخابات، فالوطن يحتاج إلى معارضة قوية محترمة داخل مجلس الشعب، ونحتاج أن يعبر الكل عن صوته داخل المجلس فقط. ابتزاز سياسى ويقول محمد أبو سمرة أمين عام الحزب الإسلامى الذراع السياسية لتنظيم الجهاد إن الحزب قرر خوض الانتخابات القادمة من خلال تحالف يضم أحزاب الوطن والبناء والتنمية وقائمة الشيخ حازم أبو إسماعيل، مؤكدًا أن الدعوات لمقاطعة الانتخابات التى تتم حاليا هى نوع من الابتزاز. وأضاف: أرى أنه لن يقاطع أحد، وسبق أن فشلت دعوات مقاطعة الاستفتاء، وأنا أتوقع مشاركة كافة الأحزاب ما عدا حزب الدستور نظرا لانخفاض شعبيته وللخلافات داخل الحزب. ويضيف قائلًا رغم أن من مصلحتنا أن تقاطع الأحزاب الليبرالية الانتخابات لأن المنافسة كلها فى هذه الحالة ستكون إسلامية ولكنى أتمنى مشاركة الاحزاب الليبرالية فى الانتخابات. أما عن قانون الانتخابات ومدى رضاء الحزب الاسلامى عنه فيقول لا يفرق معنا قانون الانتخابات ولا يمثل لنا أية مشكلة، فنحن سننافس على 29 مقعدا فقط على مستوى الجمهورية، كما أن تقسيم الدوائر أعطى فرصة أكبر للمنافسة فقد أضاف 60 مقعدًا إلى مجلس الشعب، ونحن واثقون بضعف التيار المنافس، ويضيف أن هناك ضمانات كافية فى وجهة نظره لنزاهة الانتخابات فهناك رقابة دولية ومندوبون للمرشحين وتقسيم للانتخابات على أربع مراحل، وقال إنه يتوقع مشاركة شعبية كبيرة نظرا لوجود الاسلاميين كما أن هناك ليبراليين أعلنوا المشاركة مثل أيمن نور. وعن توقعاته لنتيجة الانتخابات المقبلة فى حالة خوض المعارضة لها قال إن الاخوان المسلمين سينافسون على 30% فقط من المقاعد وحزب النور سينافس على 20%، والاحزاب الاسلامية ستنافس على 20%، وسيتبقى 30% يمكن أن تنافس عليها الأحزاب الليبرالية. وعن توقعاته لإمكانية نجاح دعوات مقاطعة التصويت فى الانتخابات وإمكانية حدوث ثورة ثانية لو سيطر التيار الاسلامى على البرلمان بأكمله قال لو كانت دعوات مقاطعة الاستفتاء ودعوات العصيان المدنى قد نجحت لنجحت دعوات مقاطعة الانتخابات البرلمانية، أما إمكانية قيام ثورة ثانية فالرجوع لجمال حمدان لمعرفة فلسفة ونفسية الشعب المصرى يقول إن ذلك لن يحدث فالشعب لن يتعرض لضغط أكثر من الثلاثين عاما الماضية ليقوم بثورة ثانية. على الجانب الآخر، يرى أبو العز الحريرى عضو مجلس الشعب السابق وعضو الهيئة العليا لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى أن الانتخابات البرلمانية القادمة لا يمكن أن يطلق عليها لقب انتخابات، فمن الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية هناك أزمات طاحنة، والناس لا تجد قوت يومها، والأمن فى حالة يرثى لها، وبالتالى لا يمكن عمل انتخابات حقيقية، كما لا يوجد وضع دستورى صحيح ولا حكومة محايدة، والمناخ الجماهيرى غير موات للانتخابات. وأضاف هناك جانب آخر وهو ضرورة أن يدرك المواطن لمن يدلى بصوته، فلابد من توافر الثقافة البرلمانية لدى المواطن لكى يفهم من هو المرشح الذى يعبر عنه، فهل هذا أمر قائم أم أن الجهل والفقر والمرض يتم استغلاله لعكس ذلك؟ وقال إن الوضع بشكل عام غير مريح، والبرلمان لو تم انتخابه رغم مقاطعة القوى الليبرالية فلن يستمر، وأنا خلال يومين سأطعن اما المحكمة الدستورية ضد قانون الانتخابات واعتقد انه سيتم الحكم ببطلان هذا القانون. القرار الصائب ويقول أحمد شعبان عضو جبهة الإنقاذ وعضو مجلس الشورى السابق عن حزب التجمع إن مجموعة أحزاب داخل جبهة الانقاذ اتخذت قرارا نهائيا بالمقاطعة لعشرات الأسباب، فالنظام فى واد والشعب فى واد آخر، والنظام لم يستجب لاى مطالب للقوى السياسية أو الشعبية، وقال إن الأحزاب التى اتخذت قرار المقاطعة هى التجمع والدستور والتحالف الشعبى الاشتراكى والتيار الشعبى، وهناك احتمال بتضامن آخرين. وأضاف فى ظل عدم وجود ضمانات لنزاهة الانتخابات، وفى ظل عدم وجود عقاب ولا تحقيق فى أية تجاوزات فاعتقد ان قرار المقاطعة هو القرار الصائب،خاصة أن هذه المقاطعة سترفع عنهم غطاء الشرعية فعندما يكون عدد الأصوات الانتخابية فى مصر 52 مليونا، وعندما يحضر الانتخابات 6 ملايين فقط، فهذا البرلمان لا يمثل الشعب وفيه استيلاء على السلطة، وللأسف فإن الدستور الجديد لا ينص على نسبة مئوية للحضور كشرط لصحة الانتخابات، وقال نحن نحتاج الى ضمانات لنزاهة الانتخابات أولها إقالة النائب العام لكى نتأكد من نزاهة التحقيق فى أى مظلمة، ولابد أن نجلس ونتوافق على تعديل مواد الدستور غير المتوافق عليها. وأضاف أن الانتخابات لو تمت فى ظل هذا المناخ وبدون مشاركة التيارات الليبرالية فإن المعارضة ستظل تتصاعد بقوة. انتحار سياسى وتقول سوزان ندا أمين عام حزب التحالف الشعبى الاشتراكى بالإسكندرية: ملتزمون فى الحزب بموقف جبهة الانقاذ الوطنى، مشيرة إلى أن إجراء الانتخابات حاليا بمثابة انتحار سياسى، فهناك ثلاث مدن فى حالة عصيان مدنى، وقانون انتخابات تم أقراره بدون توافق وطنى، ودماء اريقت، وكلها عوامل تجعل من المستحيل إجراء انتخابات فى هذا الوقت، وقد قدمنا قانونا متكاملا للانتخابات للحوار الوطنى وللأسف تم تجاهله، مشيرة إلى أن هناك اقصاء للمعارضة ولمطالب الشعب، ورغم ذلك هناك شىء اسمه شرعية الشارع وشرعية الميدان وشرعية الثورة، وكل ما نتمناه ان تتحقق مطالب الثورة. وتقول ندا: قرار مقاطعة الانتخابات ليس خوفا من الانتخابات لكن اعتراض على وجود كل هذه الأحداث والغليان بالشارع المصرى وتجاهلها من قبل الحكومة التى لا تعمل إلا من أجل عودة البرلمان فقط، وأضافت أنه على الرغم من أن مجلس الشورى سيطر عليه الإخوان بعد مقاطعة المواطنين لانتخابات الشورى إلا أننا نجد أن 90% من المعينين بالشورى موالون للإخوان المسلمين، مؤكدة أن دعوات مقاطعة الانتخابات ستؤتى ثمارها وستؤثر على قرارات القائمين بإدارة البلاد فى المرحلة القادمة. وتساءلت ندا أخيرًا كيف نمر بأزمة اقتصادية طاحنة ويتم استيراد غاز مسيل للدموع بملايين الدولارات واستيراد الزى المدرع للشرطة، ومع ذلك تنتشر البلطجة بهذا الشكل غير المسبوق. ويقول عماد نبوى أمين عام الحزب الشيوعى المصرى بالإسكندرية قررنا مقاطعة الانتخابات لعدم وجود ضمانات كافية لنزاهة الانتخابات، فكل الضمانات ضرب بها عرض الحائط ، سواء بتغيير الحكومة، أو الإشراف الدولى أو الرقابة أو تعديل قانون الانتخابات. وأضاف أننا ملتزمون فى النهاية بقرار جبهة الانقاذ الوطنى والجمعية الوطنية للتغيير ونحن عضو رئيسى بها، ولن نأتى على دماء أبنائنا فحق أبنائنا لم نقتص له بعد، ولا نستطيع أن نمنح شرعية لنظام تآكلت شرعيته. ويضيف قائلاً: الشعب مل من تكرار الحديث عن الاصلاحات دون تحقيق إنجاز ملموس على أرض الواقع، وهو ما ينذر بثورة عارمة من الشباب، تحول دون إجراء الانتخابات فى ظل تلك الحالة التى تمر بها البلاد من عدم استقرار.