أثار إعلان الرئيس الأمريكى باراك أوباما عن قرارات جديدة للحد من انتشار الأسلحة الشخصية جدلا واسعا فى الشارع الأمريكى بين مؤيد ومعارض، كما أشعل من جديد الحرب بين الديمقراطيين والمحافظين حول تعديل الدستور الأمريكى، وذلك عقب شهر ونصف الشهر على حادث مدرسة ساندى هوك الابتدائية بولاية كونيتيكت، والذى راح ضحيته 27 شخصا من بينهم 20 طفلا وطفلة نتيجة اطلاق «أدم بيتر لنزا» وابلا من الرصاص من سلاحه الشخصى، ومن قبله حادث كولورادو الذى أودى بحياة 12 شخصا داخل إحدى صالات السينما. وفى أعقاب اجتماعه مع أسر الضحايا فى البيت الأبيض وقع أوباما مباشرة على مرسوم ب 23 قرارا رئاسيا للحد من ظاهرة انتشار الأسلحة الشخصية، ومن أهمها حظر بيع بعض الأسلحة الهجومية التى تزيد سعة خزائنها على 10 طلقات، ومنع تداول أسلحة الجيش الأمريكى التى يستغنى عنها، بالإضافة لتبادل الهيئات الفيدرالية المعلومات حول من يتقدم للحصول على سلاح، وكذلك تشديد إجراءات الفحص والبحث الخاصة به وبطبيعته وسلوكياته، حيث تشير أحدث الدراسات إلى أن 40% من عمليات شراء الأسلحة والذخيرة تتم دون أى تدقيق مما يزيد من احتمالات وصولها لأيدى المجرمين، ومن لايسمح لهم القانون أو قدرتهم العقلية على حمل السلاح. وقد كشف أوباما أن تلك القرارات أعدت من قبل لجنة متخصصة برئاسة نائبه جون بايدن وذلك بناء على طلب منه شخصيا، بعد أن تلقى خطابات من بعض الأطفال تطالبه باتخاذ إجراءات أكثر صرامة فيما يتعلق بامتلاك الأسحلة الشخصية. وأكد الرئيس الأمريكى أنه سيسعى بكل ثقله لتنفيذ تلك المقترحات على أرض الواقع، كما ناشد أعضاء الكونجرس ضرورة مناقشة المقترحات سريعا مع تحكيم ضمائرهم وضرورة إعادة العمل بقانون حظر الأسلحة العسكرية الذى تم إلغاؤه عام 2004. وكانت مصادر من داخل البيت الأبيض أكدت نية الرئيس أوباما مطالبة الكونجرس بمبلغ 10 ملايين دولار ضمن ميزانية عام 2014 لإجراء أبحاث حول العلاقة بين العنف والأفلام السينمائية والتليفزيون، ومبلغ 4 مليارات دولار لمساعدة المجتمعات المحلية على نشر 15 ألف شرطى فى شوارع الولايات المختلفة، بالإضافة إلى توظيف ألف عنصر لحماية المدارس. وعن رأى الشارع الأمريكى، كشف مركز «بيو» للبحث والإحصاء أن 55% من الأمريكيين يؤيدون حظر الأسلحة الهجومية، وأن 54% يؤيدون الحظر على خزائن السلاح عالية القدرة، بينما أيد 58% تشديد الفحص على راغبى شراء الأسلحة، وأيد وزير الدفاع «ليون بانيتا» هو الآخر قرارات الحظر معربا عن اندهاشه تجاه احتياج المواطن العادى لخزائن سلاح بسعة أكثر من 10 طلقات وخاصة من النوع الخارق للدروع. وعقب الإعلان عن تلك القرارات، عارضته شركات تجارة السلاح وكذلك الجمعية الوطنية للأسلحة النارية «أن آر آى» التى لم تكتف بحشد معارضى أوباما وإقامة عدة وقفات احتجاجية بل أنتجت إعلانا وبثته للجمهور تحت عنوان «أوباما نخبوى منافق» تساءلت من خلاله: «هل أولاد الرئيس أهم من أولادكم؟» فى إشارة إلى أفراد الأمن المسلحين المحيطين بأسرة الرئيس. ومن جهة أخرى، أبدى عدد كبير من النواب الجمهوريين والمشرعين القانونيين رفضهم التام لها، معربين عن مخاوفهم من قمع السلطة الفيدرالية لحقوق السكان وحريات الولايات، رافضين فى الوقت ذاته المساس بالدستور الأمريكى الذى يكفل للمواطنين الحق فى حمل السلاح، حيث تنص المادة الثانية من وثيقة الحريات الأمريكية على «حق الشعب فى حمل السلاح والحفاظ عليه وهو حق لا ينتهك». وفيما أقرت ولاية نيويورك أول قانونا للحد من انتشار السلاح بعد موافقة الهيئة التشريعية بالولاية، أكد المراقبون صعوبة إقرار ذلك بشكل عام من قبل الكونجرس فى ظل سيطرة الجمهوريين عليه وكذلك الحال فى الولايات ذات الغالبية الجمهورية.