كان محمد أحمد جاد الطالب بكلية هندسة الاسكندرية أو «عبقرينو» كما يطلق عليه زملاؤه، هو أول طالب بجامعة الاسكندرية يدعوه مجلس الجامعة لتكريمه ولعرض إنجازاته بعد حصوله على خمس براءات اختراع، وقرر مجلس الجامعة وقتها دعم الشاب وتولى نفقات تسجيل اختراعاته على المستوى الدولى للحصول على براءات الاختراع وهو ماحدث بالفعل وحصل محمد على خمس براءات دولية،وبعد حوالى عامين من تكريمه ومنذ أيام قليلة حصل محمد على جائزة دولية من مؤسسةألمانية عن ابتكار جديد قدمه وشارك به فى مسابقة دولية أقامتها تلك المؤسسة وشارك فيها مئات المبتكرين من عدة دول بالعالم ،محمد هو بالفعل نموذج يفخر به كل مصرى،خاصة انه يعمل الآن بدون اى دعم من اية جهة إلا عائلته بعد أن توقفت جامعة الاسكندرية التى كرّمته وساندته فى البداية عن دعمه. *مسابقة.. ثم جائزة دولية ماهى التفاصيل؟ ** المسابقة هى مسابقة تنظمها جمعية G T Z وهى جمعية ألمانية تابعة للحكومة تعمل على دعم الابتكارات الخاصة بالبيئة، ولها أوجه تعاون مع الحكومة المصرية من خلال (البرنامج المصرى الالمانى لدعم القطاع الخاص) وهذه الجمعية لها فروع بمعظم دول العالم،وقد اعلنت الجمعية فى عام 2011 عن تنظيم مسابقة اسمها (زيرو اوارد)وذلك لدعم الابتكارات التى تفيد البيئة ،وقد عقدت اواخر عام 2012 المسابقة بمصر وألمانيا واثيوبيا،وشارك من مصر مائة متسابق تمت تصفيتهم الى ثلاثة كان الفائزون فيها هم المهندس ماهر حلمى وتامر الشيال وانا،وكنت قد تقدمت للمسابقة بابتكار عبارة عن تعديل فى اجهزة تكييف الهواء يرفع كفاءة الجهاز ويقلل استهلاك الكهرباء واعادة استخدام المياه الخارجة من جهاز التكييف لرفع كفاءة الجهاز ،كما فاز ثلاثة من المشاركين من كل من اثيوبيا وألمانيا،ثم اقامت لنا الجمعية الألمانية ورشة عمل بالقاهرة عن كيفية تقديم ابتكار مشترك من خلال تكوين فرق عمل يتكون كل فريق من متسابق مصرى ومتسابق المانى وثالث أثيوبى،واختار فريقى الابتكار الذى قدمته وأضفنا اليه كيفية استخدام المياه الخارجة من التكييف فى زراعة الأسطح. ثم كانت المرحلة التالية للمسابقة هى السفر الى المانيا فى ديسمبر الماضى بدعوة من الجمعية حيث كان المقرر ان نشارك فى ورش عمل داخل المانيا وقمنا بزيارة جامعات المانية ومعاملها ،ثم كانت المسابقة النهائية حيث قمنا بتنفيذ الابتكارأمام لجنة التحكيم بعد تقديم الدعم الفنى الكافى لنا،وكان هناك ثلاث جوائز للمسابقة وهى جائزة الابتكار وهى الجائزة الاعلى ،ثم جائزة التعاون ثم جائزة ريادة الاعمال،والحمد لله حصل فريقى على جائزة الابتكار ،وتم تكريمنا بألمانيا من العديد من الجهات بالاضافة الى قيام الجمعية بتقديم الدعم المادى لنا لتطبيق الابتكار وتنفيذه عمليا فى مصر وهى المرحلة القادمة. *كيف علمت بالمسابقة ؟ وكيف تعاملت معك جامعة الإسكندرية؟ ** علمت بالمسابقة عن طريق الفيس بوك،وتقدمت لها بشكل شخصى وليس عن طريق الجامعة ،اما عن رد فعل الجامعة بعد فوزى بالجائزة فلا شىء على الاطلاق!!فلا تكريم ولا حتى كلمة شكر رغم ان الجامعة تعلم بمشاركتى وبسفرى لألمانيا للمشاركة فى المسابقة لانى لم استطع الحصول على تصريح السفر الا بمساعدة الجامعة وموافقتها. * كنت اول طالب يستضيفه مجلس جامعة الاسكندرية لتكريمه على الاختراعات التى قدمها،فكيف كانت البداية؟؟ ** البداية كانت عشقى الشديد للسيارات وعملى مع والدى تاجر قطع الغيار والمعدات خلال الاجازات الدراسية، مما دفعنى لمحاولة تطوير فى بعض أجزاء السيارات بعمل نظام يقلل الحوادث ونظام يقلل التلوث، بعدما لاحظته من ارتفاع فى معدل الحوادث والتلوث. * وما هو أول ما توصلت إليه من اختراعاتك؟ ** كان أول ما فكرت فيه هو عمل محرك هجين يعمل بالبنزين أو السولار ونستطيع من خلاله أن نقلل استهلاك الوقود بنسبة 50% على الأقل ونقلل أيضا من تكلفة الوقود فالسولار أرخص من البنزين، كما يمكننا هذا الابتكار من تقليل العوادم بنسبة 35 %، ففى هذا المحرك نقوم بتقليل كثافة السولار ليحل محل البنزين كما أن عادم السولار أقل ضررا من عادم البنزين، وقد قمت بتصميم وتنفيذ هذا المحرك وأنا مازلت فى المرحلة الثانوية وساعدنى والدى بتوفير الخامات التى احتجتها، ولاختبار المحرك قمت بتجريبه على سيارة صغيرة كنت قد اشتريتها لأجرب فيها ما أقوم بتنفيذه من ابتكارات. * وكيف كنت تعلم طبيعة عمل المحركات فى هذه السن الصغيرة؟ ** أثناء المرحلة الثانوية كنت أدرس فى مدرسة ثانوية صناعية نظام السنوات الخمس وهو ما ساعدنى كثيرا فى فهم طبيعة عمل السيارات والمحركات. وقد قمت بعد ذلك بابتكار جهاز يمنع انقلاب السيارات فى حالة فقد السيارة لاتزانها وهو عبارة عن زوج من المساعدين تنزل تلقائيا إلى الأرض وتعيد للسيارة اتزانها وتمنعها من الانزلاق او الانقلاب وبالتالى تقلل من نسبة الحوادث. كما قمت أيضا بابتكار نظام لإطفاء حرائق السيارات ذاتيا دون تدخل من قائد السيارة وهذا النظام يعتمد على وجود إنذار داخلى بالسيارة يشعر بأى حريق ناتج عن سبب فى السيارة سواء كان ماسا كهربياً أو حريقاً داخل خزان الوقود أو حريقاً ناتجا عن ارتفاع حرارة السيارة أو لأى سبب آخر وفى حالة حدوث الحريق يتم الإطفاء ذاتيا دون الحاجة لفتح غطاء موتور السيارة والنظام يشمل نظام حماية لخزان الوقود حيث يتم فصله تلقائيا فى حالة الحريق الناتج عن سبب آخر غير خزان الوقود كما يشمل النظام حماية منطقة ركاب السيارة وإطفاء ذاتى أيضا لأى حريق يحدث بتلك المنطقة. بعد ذلك قمت بتصميم سيارة متعددة الأغراض يمكن استخدامها كأتوبيس لنقل الركاب و كسيارة لورى لنقل البضائع وذلك عن طريق نظام بسيط فى دقائق، وبذلك يمكن استخدام هذه السيارة عن طريق الشركات لنقل الموظفين فى الصباح ثم بعد ذلك تستخدم لنقل بضائع الشركة وفى نهاية يوم العمل تعمل مرة أخرى كأتوبيس لنقل الموظفين، وبذلك يمكن توفير أجور سائقين وتوفير مبالغ شراء السيارات وتوفير مساحة فى الجراجات، بعد ذلك قمت بابتكار واقى صدمات للسيارات يعمل تلقائيا عند حدوث أى تصادم ويمكنه امتصاص اى تصادم خلفى أو أمامى للسيارة ووقاية سائقها وعمل حماية أيضا للسيارات الصغيرة من النزول أسفل سيارات النقل المرتفعة فى أى حادث. * وهل هذه الابتكارات غير موجودة فى أية سيارة من السيارات الحديثة التى تصنع بالخارج؟ ** أحرص على متابعة كل جديد فى مجال السيارات من خلال الاطلاع على الكتب والأنترنت وكتالوجات السيارات ووجدت أن جهاز الإطفاء الذاتى موجود فى أحد أنواع السيارات الشهيرة لكنه لا يشمل الإطفاء فى حالة الماس الكهربائى وليس به حماية لمنطقة الركاب اما بقية الاختراعات فلم أجدها حتى الآن * هل حاولت أية جهة الاتصال بك لتبنى تنفيذ اختراعاتك؟ ** قمت بالاتصال بإحدى الشركات العالمية وأعجب المسئولون بها بأحد الابتكارات وقد تقوم الشركة بتنفيذه. * كيف قمت بتسجيل ابتكاراتك للحصول على براءة الاختراع؟ ** لم أكن أعلم اى شىء عن براءات الاختراع أو تسجيل الاختراعات لحمايتها وهى مشكلة تواجه الكثير من الشباب المصرى، حتى علمت بالمصادفة من أحد الأصدقاء وقمت بالفعل بتسجيل ابتكاراتى بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا وحصلت على براءات اختراع عن الابتكارات الخمسة التى توصلت اليها. * هل تم تكريمك من أية جهة مصرية؟ ** كنت قد شاركت بعد نهاية السنة الدراسية الأولى فى معرض يوم الهندسة المصرى وهو معرض يضم مشروعات التخرج لطلبة كليات الهندسة بجميع الجامعات المصرية ووافق المسئولون عن المعرض على مشاركتى رغم أننى لم أتخرج بعد وفى المعرض التقت د.هند حنفى رئيسة جامعة الأسكندرية السابقة بالمشاركين عن جامعة الأسكندرية وناقشتنا وتعرفت على مشاكلنا و قدمت لى بشكل شخصى الدعم وقررت ان تتحمل جامعة الاسكندرية تكلفة تسجيل الاختراعات على المستوى الدولى للحصول على براءات اختراع دولية وبالفعل هناك أربعة من الابتكارات حصلت على براءات الاختراع، وهى الجهاز مانع الانقلاب،ونظام الاطفاء الذاتى لحرائق السيارات،والسيارة متعددة الاغراض،والجهاز الواقى من الصدمات للسيارات، كما قررت كلية هندسة الاسكندرية تحمل نفقات قيامى بتنفيذ نماذج عملية للابتكارات، كما تلقيت دعوة كريمة من مجلس جامعة الأسكندرية لعرض ابتكاراتى امام مجلس الجامعة وهو يحدث لأول مرة فى تاريخ الجامعة وهو ما أعتبرة شرفاً كبيرًا لن أنساه طوال حياتى، ويضيف قائلا إن د.رشدى زهران نائب رئيس جامعة الاسكندرية سبق ان كرمنى مرتين مرة حين كان عميدا لكلية الهندسة عندما سجلت أول اختراع لى، والمرة الثانية وهو نائب رئيس الجامعة عندما حصلت على جائزة افضل اختراع على مستوى جامعات مصر فى مسابقة اقيمت بين طلبة الجامعات المصرية حيث منحنى زهران شهادة تقدير ومكافأة مالية،كما رشحتنى المهندسة نيفال نبيل مديرة الايداع الدولى والشئون القانونية بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا لعرض اعمالى امام المشاركين فى ورشة العمل التى نظمتها جامعة الدول العربية لتشجيع الابتكار والافكار بالدول العربية، ورحبت د.مها الشربينى مسئولة البحث العلمى بالجامعة العربية بمشاركتى وشاركت بالفعل وعرضت افكارى والحمد لله أنها نالت إعجاب المشاركين، وقد سافرت الى تركيا ضمن وفد اتحاد طلبة جامعة الاسكندرية الذى شارك فى مؤتمر ريادة الاعمال الذى اقيم فى تركيا وافتتحه رئيس الوزراء التركى ووزير الصناعة والتجارة هناك. * هل تدعمك الجامعة الى الآن؟ ** للاسف توقفت عن دعمى ولسبب غريب وهو انى فى احد اللقاءات التليفزيونية أشدت بدور رئيسة جامعة الاسكندرية السابقة فى دعمى ولم أشد بمسئولى مركز المنح والابتكار وربط الجامعة بالصناعة،وهذا فى الحقيقة شىء غريب،حتى انى طلبت مرة ان يوفروا لى معملا لأعمل به فلم يوافق احد،وطلبت دفع نفقات الحماية لبراءات الاختراع الدولية والتى من المفترض ان تدفع مرة اخرى بعد 33 شهرا من الحصول على براءة الاختراع فرفضت الجامعة، رغم وجود تعاقد بيننا ينص على ذلك،بل ان احدى شركات السيارات العاملة خاطبت مركز الابتكار والمنح بالجامعة لإرسال تفاصيل ابتكار من ابتكاراتى وطلبت الرد خلال ثلاثة ايام فرد عليهم المركز بعد خمسين يوما!!وبالطبع لم يكن لهذا الرد أية فائدة فالفرصة كانت قد انتهت لعدم احترام المواعيد،وللأسف ان الجامعة اعتبرتى ( أراجوز فى مسرح الجامعة) يستدعوننى عند زيارة اى وفد اجنبى للجامعة لأقدم عرضا على مسرح الجامعة ثم بعد ذلك لا شىء منى!! * كيف كنت تنفق على تنفيذ اختراعاتك؟ ** أنفقت مبالغ طائلة على الاختراعات التى قمت بتنفيذها وهذا بالطبع لم يكن من الممكن ان يحدث لولا المساعدة المادية من عائلتى او من عملى اثناء الأجازة الصيفية * هل واجهتك سخرية البعض؟ ** الحقيقة أن اسرتى شجعتنى كثيرا ووقفت بجانبى كثيرا لكنى فى نفس الوقت واجهت سخرية من جانب الكثير من المحيطين بى ورغم ذلك لم يصبنى ذلك بالإحباط وإنما شجعنى على الاستمرار لإثبت انى كنت على حق. * هل حاولت الحصول على تدريب فى أى مكان لصقل أفكارك؟ ** نعم حاولت وحصلت بالفعل على تدريب لمدة شهر فى شركة عالمية لصناعة السيارات فى فرعها بالقاهرة وهو ما أفادنى كثيرا وهناك تقابلت مع إحدى لجان المراقبة والإشراف بالشركة وعرضت عليهم مبتكراتى وأعجبتهم كثيرا. * ما هو حلمك؟ ** أحلم بأن أقوم بتصنيع سيارة مصرية مائة بالمائة،ففى مصر قاموا بتصنيع جميع أجزاء السيارات فيما عدا المحرك وحلمى وهدفى ان يكون مشروع تخرجى فى قسم الانتاج بكلية الهندسة ان اقوم من خلال الهندسة العكسية بتصنيع محرك سيارة مصرى بتصميم جديد تماما مع الاستفادة من التكنولوجيا الاجنبية المتقدمة طبعا،والمشكلة ان تصنيع هذا المحرك يتكلف مالا يقل عن 250 ألف جنيه ولا أعلم حتى الآن كيف سأقوم بتوفير التمويل الذى يفوق قدرتى المالية بمراحل، كما أحلم بإنشاء مصنع مصرى للسيارات وأن أقيم مركز تنمية لمساعدة المبتكرين والمخترعين لأن عددهم كبير جدا فى مصر ولا يجدون من يأخذ بيدهم،وأتمنى ان يعيد المسئولون النظر فى قرار رفع رسوم الحصول على براءة اختراع داخل مصر الى سبعة آلاف جنيه وهو مبلغ يفوق قدرت الكثيرين خاصة ان هناك الآلاف من العقول المصرية الجبارة التى تقف الامكانات المادية عائقا امام تقدمها وخروج ابتكاراتها للنور.