حذر المشاركون فى المؤتمر الدولى حول التضامن مع الأسرى الفلسطينيين والعرب فى سجون الاحتلال من مضى إسرائيل قدما فى انتهاكاتها بحق الأسرى والمعتقلين مهددين من مغبة هذا النهج الذى يتنافى مع القوانين والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية. وعقد المؤتمر الدولى للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين فى بغداد الأسبوع الماضى بمشاركة الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربى ونائب الرئيس العراقى ورئيس الوزراء العراقى نورى المالكى ورئيس الوزراء الفلسطينى سلام فياض وممثلى الأممالمتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامى ومجموعة من الأسرى المحررين وعلى رأسهم أقدم أسير فى فلسطين المعروف باسم أبو السكر والذى قضى فى سجون الاحتلال 27 عاما وأم ضياء الاغا ووزير شئون الأسرى عيسى قراقع. وأكد الرئيس العراقى جلال طالبانى فى كلمة وجهها إلى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بصفته رئيسًا للقمة العربية والتى ألقاها خضير الخزاعى نائب رئيس الجمهورية العراقية أن القضية الفلسطينية هى القضية المحورية بالنسبة للعرب منذ أكثر من ستة عقود معتبرا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة برفع تمثيل فلسطين إلى دولة بصفة مراقب فى المنظمة الدولية يعد خطوة مهمة على طريق تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأوضح طالبانى أن هذا الحضور المتنوع والمكثف لأعمال هذا المؤتمر يمثل برهانا ساطعا على رفض الرأى العام العالمى لكل الانتهاكات التى تمارسها إسرائيل ضد المواطن الفلسطينى وأن مايتعرض له الأسرى فى سجون الاحتلال يتنافى مع جميع الاتفاقيات الدولية والشرائع السماوية. وأشار طالبانى إلى أن العراق لن يألو جهدا لإيصال رسالة المؤتمر إلى كافة قادة الدول العربية والعالم لفضح الممارسات الإسرائيلية والعمل على إنهاء معاناة هؤلاء الأسرى معتبرا أن ماسيصدر عن المؤتمر من نتائج وتوصيات يتضمنها إعلان بغداد ستكون بداية لتحرك عربى على الساحة الدولية لإيصال صوت هؤلاء الأسرى إلى شعوب العالم. ومن جانبه، ألقى رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى كلمة بلاده أمام المؤتمر والتى أكد فيها أن احتضان العراق لهذا المؤتمر يعكس استمرار الاهتمام العراقى بالقضية الفلسطينية وإطلاق سراح أسرى الحرية. وقال إن هذا المؤتمر هو الأول من نوعه بعد الإنجاز التاريخى الذى تحقق فى الأممالمتحدة بحصول فلسطين على صفة دولة مراقب بالمنظمة الدولية بعد صبر وصمود طويل للشعب الفلسطينى، كما يأتى بعد الانتصار الذى حققته المقاومة الفلسطينية فى غزة ضد آلة الحرب الإسرائيلية وهو الانتصار الذى أعاد الثقة للشعب الفلسطينى فى نفسه. وأكد المالكى استعداد العراق للتحرك بقوة لحشد التأييد الدولى لفضح الممارسات البشعة لإسرائيل ضد الأسرى والمعتقلين بما يؤدى إلى مزيد من الضغوط الدولية عليها للالتزام باتفاقية جنيف بشأن معاملة الأسرى . وقال إن المتغيرات التى تشهدها الدول العربية حاليا تتطلب مراجعة شاملة لمنظومة العمل العربى المشترك لمواكبة هذه المتغيرات المتسارعة لتكون هذه المؤسسات ملبية لتطلعات الشعوب العربية، مشددًا على ضرورة تقديم الدعم للفلسطينيين فى الدول العربية والعالم حتى يتحقق حقهم فى العودة إلى وطنهم مؤكدا رفضه التام لأية إساءة تلحق بهم سواء فى العراق أو أى دولة عربية. وأضاف أننا فى العراق جادون لحل مشاكل الفلسطينيين وتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لهم بالتعاون مع السلطة الفلسطينية لخدمة قضيتهم التى لاتزال قضية العرب الأولى. ودعا المالكى المجتمع الدولى والعالم العربى إلى الضغط على إسرائيل حتى تلتزم بالمواثيق الدولية وحقوق الإنسان وتعهد بتعزيز مسيرة العمل العربى المشترك وتوطيد العلاقة بين الدول العربية ودولة فلسطين حتى تتم إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدسالشرقية وأكد على ضرورة احترام حق العودة ورفض الإساءة للشعب الفلسطينى بما فى ذلك الفلسطينيون المقيمون فى العراق أو أية دولة عربية، وأكد تصميم بغداد فى الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى ورفع الظلم والاستبداد والاحتلال مشيرًا إلى أن العراق عرف المعاناة فى عهد الاحتلال وسياسة الفرد الواحد والحزب الواحد. وأضاف أن العراق مازال يدفع ثمن القرارات الدولية المكبلة والمدمرة بسبب سياسات قام بها النظام السابق بعد الحرب مع إيران واحتلاله الكويت مما أدى لاحتلال العراق وأضاف المالكى أن ربيع فلسطينى بدا يلوح فى الأفق بعد عقود من الاحتلال الإسرائيلى البغيض. وألقى سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطينى، كلمة أكد فيها أن المؤتمر يعبر عن الضمير الإنسانى العالمى للتضامن مع أسرى الحرية بعد ترقية مكانة فلسطين فى الأممالمتحدة مؤكدا أنه لا يكاد يخلو بيت فلسطينى من اعتقال أحد أفراده. وكشف أن نحو 750 ألف فلسطينى وعربى دخلوا سجون إسرائيل منذ عام 67 بينهم 13 ألف امرأة و25 ألف طفل فى انتهاك فاضح لكل المواثيق والأعراف الدولية. وأوضح أنه لايزال هناك 4600 أسير فى سجون الاحتلال منهم 111 أسيرًا موجودًا من قبل توقيع اتفاق أوسلو 1993 وأقلهم قضى 19 عاما فى السجون وبعضهم أكثر من ربع قرن بخلاف الأطفال والمرضى. وطالب بتشكيل لجان طبية دولية لتقديم المساعدة الطبية لهؤلاء الأسرى واستصدار قرار عربى لدراسة الوضع القانونى لهؤلاء الأسرى حتى يمكن التحرك تجاههم أمام المحافل الدولية لنصرة قضيتهم محملا إسرائيل مسئولية حياة الأسرى المضربين عن الطعام فى سجون الاحتلال . من جانبه، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربى أن جرائم إسرائيل ضد الأسرى لن تمر دون محاسبة مشددا على أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم لان النظام الاساسى لمحكمة الجنايات الدولية يؤكد ذلك . وقال إنه سيأتى اليوم الذى ستتم فيه محاسبة مجرمى الحرب الإسرائيليين على ما اقترفوه من جرائم بحق أبناء الشعب الفلسطينى مؤكدا أن قضية الأسرى تمثل نموذجا حيا للصمود الفلسطينى أمام المحتل الغاصب . وأوضح أنه منذ عام 2000 اعتقلت إسرائيل 2000طفل فى انتهاك واضح للاتفاقية الدولية لحماية الطفل . وأكد العربى أنه لم يعد من الممكن المضى قدما فى سراب ما يسمى بعملية السلام المعطلة أو العودة لمائدة مفاوضات مفتوحة دون جدول زمنى محدد موضحا أن هذه العملية أثبتت فشلها فى تحقيق السلام وحل الصراع رغم طرح مبادرة عربية للسلام منذ عام 2002 . وشدد العربى على ضرورة إعادة تقويم شاملة من الجانب العربى لعملية السلام خاصة بعد حصول فلسطين على صفة مراقب بالأممالمتحدة وهذا يحتم على المجتمع الدولى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى مؤكدا أنه لاسلام ولا استقرار فى الشرق الأوسط دون حصول الشعب الفلسطينى على حقه الثابت فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف . وأولى العربى أهمية خاصة لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية باعتبارها توحد القرار الفلسطينى وتدعم المفاوض الفلسطينى فى المحافل المختلفة. وأيد العربى النداء الذى أطلقه رئيس الوزراء الفلسطينى سلام فياض خلال المؤتمر إلى المجتمع الدولى من أجل التحرك للإفراج الفورى عن كافة الأسرى والمعتقلين فى سجون الاحتلال . ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون كلمة للمؤتمر ألقاها ممثله مارتن جوبلر أكد فيها ضرورة العمل مع الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية من أجل إقرار السلم والأمن فى المنطقة والعمل مع جميع الفرقاء لتحقيق هذا الغرض . وأوضح أن الأممالمتحدة شهدت الشهر الماضى مبادرات كثيرة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية خاصة موضوع الاستيطان مؤكدا أهمية استمرارالعمل لحل كافة القضايا من خلال المفاوضات . كما وجه أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى كلمة إلى المؤتمر أكد فيها أن إسرائيل تتحدى إرادة المجتمع الدولى بمزيد من الاستيطان وانتهاك كافة معايير القانون الدولى الإنسانى فيما يتعلق بقضية الأسرى . وقال أوغلو: نحن نعمل مع الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية لإطلاق تحرك مشترك على الساحة الدولية لمساندة قضية الأسرى وضمان حريتهم وملاحقة إسرائيل على انتهاكاتها المتواصلة ورفضها استقبال أى لجنة لزيارة السجون . وعقب الجلسة الافتتاحية تفقد رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى ونظيره الفلسطينى سلام فياض والأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربى معرض الصور المقام على هامش المؤتمر والذى يجسد معاناة الأسرى الفلسطينيين وأسرهم . وأثناء الاستراحة.. كانت الأوضاع فى مصر هى موضوع الحديث المتداول بين الجميع، والذين أبدوا الرغبة والأمل فى استقرار مصر اليوم قبل الغد باعتبارها السند الحقيقى لكل الأمة العربية وبقوتها تقوى كل الشعوب العربية.