«الكارثة الكبرى».. هكذا وصف الرئيس الأمريكى باراك أوباما آثار إعصار «ساندى» الذى ضرب عددا من الولاياتالأمريكية أشهرها نيويورك ونيوجيرسى فى منتصف الأسبوع الماضى مخلفا خسائر كبرى فى المنشآت والأرواح, فضلا عن تأثيراته السلبية على الاقتصاد الأمريكى. وقدر بعض المراقبين الأضرار الناجمة عن الإعصار بما يزيد على 50 مليار دولار بعد أن توقفت شركات الطيران وشبكات المترو والمواصلات العامة والبورصة عن العمل إضافة إلى الحاجة إلى حوالى 10 أيام لإصلاح آثار الإعصار. وألغيت آلاف من رحلات الطيران منذ الأحد الماضى فى مطارات نيويورك ونيوجيرسى، إضافة إلى مطارات باقى الولاياتالأمريكية التى عاد بعضها إلى العمل بشكل محدود يوم الأربعاء الماضى. ورغم الجهود الحثيثة التى بذلتها الحكومة الأمريكية لمواجهة تداعيات الكارثة إلا أن نحو 6 ملايين شخص عانوا عدة أيام من انقطاع الكهرباء وخدمات الهاتف المحمول والإنترنت, فضلا عن عدم توافر مياه الشرب. وألغت نيويورك عرض الاحتفال بعيد العفاريت «الهالوين» فى الشوارع بسبب انقطاع الكهرباء وهى المرة الأولى التى يلغى فيها العرض منذ 39 عاما. وفى حصيلة غير نهائية, أفادت السلطات الأمريكية بأن 55 شخصا على الأقل لقوا مصرعهم جراء أضرار الإعصار، فيما لا يزال العشرات فى عداد المفقودين بعد أن أغرقت العاصفة أحياء ومنازل لم تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إليها خاصة فى نيوجيرسى ونيويورك، كما أن هناك عشرات آخرين عالقون فى مدن وقرى ساحلية لم يلتزم سكانها بأوامر الإخلاء التى أصدرتها الحكومات المحلية فتحولت لمناطق منكوبة. وعادت بورصة نيويورك إلى العمل بعدما أغلقت للمرة الأولى لمدة يومين متتاليين منذ عام 1888. كما عادت حركة المرور لشوارع نيويورك وإن لم تكن بشكلها المعتاد وبدون شبكة مترو الأنفاق والتى ستحتاج إلى ما لا يقل عن أسبوع لإصلاحها وعاد الموظفون إلى أعمالهم حتى تستمر الحياة. وعادت الحياة فى شوارع واشنطن بعد عودة الموظفين إلى أعمالهم، وعادت شبكة المترو إلى العمل من جديد أيضا نظرا لانخفاض حجم الأضرار التى أصابها . وعاد الكثير من المطارات إلى العمل مثل مطار كينيدى فى نيويورك، ولكن بحركة أقل من المعتاد. الإعصار الأكبر وكان الإعصار «ساندى» إحدى أكبر العواصف التى تضرب الولاياتالمتحدة على الإطلاق قد صل إلى اليابسة محملا بالرياح العاتية والأمطار الغزيرة إذ غمرت مياه الأمواج أجزاء كبيرة من مدينة نيويورك وتسببت فى وقف وسائل النقل العام وتعطيل حملة انتخابات الرئاسة. وتسببت العاصفة فى انقطاع الكهرباء عن نحو 8 ملايين شخص بعد أن ضرب الإعصار الشاطئ فى وقت متأخر يوم الاثنين الماضى قرب منتجع أتلانتيك سيتى فى ولاية نيوجيرسى وصدرت أوامر بإجلاء أكثر من مليون شخص فى أكثر من 10 ولايات, وهددت الثلوج الكثيفة المناطق الجبلية بعيدا عن الساحل، وهناك تجمعات سكانية ضخمة فى بالتيمور وفيلادلفيا وواشنطن العاصمة فى مسار العاصفة. وأغلقت أسواق الأوراق المالية الأمريكية لأول مرة منذ هجمات 11 سبتمبر 2011 وتوقفت الحكومة الاتحادية فى واشنطن عن العمل. وقالت شركة يورونكست التى تدير بورصة نيويورك إنه لم تلحق تلفيات بمقر البورصة بشكل يعوق عمليات التداول لكن لديها خطط فى حالة حدوث أى من تلك الخسائر. وجاء الإعصار مصحوبًا بأمطار غزيرة ورياح عاتية وصلت سرعتها إلى 130 كيلومترًا فى الساعة وموجات مد وجزر خطرة فيما يوصف بأنه إحدى أكبر وأعنف العواصف التى تهدد الساحل الشرقى فى السنوات الماضية وتمتد على مساحة ألف ميل، وفقًا لما ذكره المركز الوطنى للأعاصير, ووصل ارتفاع الموج إلى 11 قدمًا فى الجزء الجنوبى من منهاتن التى قطعت التيار الكهربائى للحيلولة دون تعرض شبكة مترو الإنفاق لأضرار بالغة. وأصيبت المدن الأمريكية الكبرى على طول الساحل الشرقى بحالة شلل مع توقف شبكات المواصلات عن العمل وإغلاق المطارات واضطرار ملايين الأمريكيين إلى البقاء فى منازلهم والتغيب عن العمل وإغلاق المدارس والجامعات, وأعلنت 9 ولايات أمريكية إضافة إلى العاصمة واشنطن حالة الطوارئ, وتم إغلاق المكاتب الحكومة الاتحادية يوم الثلاثاء الماضى. وفى نيويورك توقفت مظاهر الحياة بالمدينة التى تعج دائمًا بالحركة، وأصبح أكثر من 670 ألف نسمة فى المدينة بدون كهرباء. وأفاد المركز الوطنى للأعاصير بأن الأنفاق والشوارع فى المناطق المنخفضة من مدينة نيويورك ضربتها الفيضانات، بما فى ذلك موقع بناء مركز التجارة العالمى ومحطة توليد الكهرباء، وأمرت السلطات فى المدينة الآلاف من السكان بإخلاء مناطقهم بعد أن تصدعت وانهارت واجهة أحد المبانى فى حى تشيلسى، كاشفة محتويات الشقق ومفروشاتها أمام عوامل الطقس السيئ ومن بينها رياح تصل سرعتها إلى 130 كيلومترًا فى الساعة, وشوهدت السيارات فى المناطق المنخفضة فى نيويورك عائمة فى المياه التى تغمر الشوارع. واندلعت سلسلة من الحرائق الهائلة بحى «كوينز» الرئيسى فى مدينة «نيويورك» وأفادت شبكة «سى إن إن» الأمريكية بأن الحرائق أدت إلى انهيار ما يقرب من خمسين منزلا وإلحاق أضرار بالغة بعشرات المنازل الأخرى، فى حين أدت الفيضانات العارمة بنيويورك إلى إغراق العديد من المنازل والسيارات وحرمان عشرات الآلاف من الأشخاص من الكهرباء، كما فاض نهرا «إيست ريفر وهادسن ريفر» وغمرت المياه سبعة أنفاق مترو، فيما ضربت المدينة رياح عنيفة وأمطار غزيرة، واجتاحت السيول شوارع جنوب مانهاتن فى قطاع باتيرى بارك، وقسما من حى تشيلسى غربا وعددا من شوارع القطاع الشرقى وصولا إلى الجادة الثانية. وأعلن مدير هيئة مترو بوليتان ترانسبورتيشن، التى تدير قطارات الأنفاق أن مترو نيويورك عمره 108 سنوات، لكنه لم يسبق أن واجه كارثة مدمرة مثل إعصار «ساندى». وفى ولايتى نيويورك ونيوجيرسى توقف العمل فى ثلاثة مفاعلات نووية، بينما خفض مفاعلان آخران إنتاجهما بسبب ارتفاع مستوى المياه، حسبما أعلنت وزارة الطاقة. وكانت نيوجيرسى التى مر فيها الإعصار ساندى مساء الإثنين الماضى الأكثر تضررا من انقطاع الكهرباء إذ حرم 2,5 مليون شخص من التيار. وقال الحاكم الجمهورى كريس كريستى القريب من رومنى إن الأضرار على الساحل «تفوق الوصف»، لكنه أشاد أيضا بالأداء «الملفت» للرئيس أوباما. وفى دائرة برغن (نيوجيرسى) الواقعة على بعد كيلومترات من مدينة نيويورك انهار سد مهددا مئات الأشخاص مما دفع بالحرس الوطنى إلى تعبئة صفوفه مع أجهزة الإنقاذ. ورغم أن الإعصار «ساندى» ليس فى شدة الإعصار «كاترينا «الذى دمر» نيو أورليانز» عام 2005 فإنه تسبب فى مقتل 66 شخصا فى الكاريبى الأسبوع الماضى قبل الوصول لمناطق ساحلية أمريكية, وقال بعض خبراء الأرصاد الجوية إن الإعصار ساندى ربما يكون الأكبر الذى يضرب اليابسة فى تاريخ الولاياتالمتحدة. أوباما ورومنى وجاء الإعصار قبل أسبوع على موعد الاستحقاق الرئاسى فى السادس من نوفمبر ليجبر أوباما على تعليق حملته الرئاسية للتركيز على عمليات الإغاثة وقال أوباما: «عواقب الإعصار مدمرة لسائر البلاد, وأقول للمنكوبين إن الولاياتالمتحدة تقف إلى جانبكم». فيما شارك المنافس الجمهورى للرئيس ميت رومنى فى تجمعات انتخابية فى ولاية فلوريدا بعدما بات فى دور المتفرج، بينما يتولى أوباما قيادة عمليات إغاثة المنكوبين نتيجة الإعصار. وتساءل المراقبون حول ما إذا كان إعصار ساندى مثل مفاجأة الأسبوع الأخير الذى يسبق الانتخابات الرئاسية، أو ما يعرف سياسيا ب «مفاجأة أكتوبر» التى تغير عادة نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى لحظاتها الأخيرة, إذ منح الإعصار الرئيس الديمقراطى باراك أوباما ما لم يستطع هو أن يمنحه لنفسه، وأعاده إلى دائرة الضوء، بينما وضع منافسه رومنى على صفيح ساخن بسبب اقتراح له بتقليص ميزانية الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ «فيما» التى قامت بدور كبير فى معالجة تداعيات إعصار ساندى وتحاول حملة أوباما التركيز على أن هذه الوكالة ستكون مهددة فى عهد رومنى. وطبق أوباما خلال الإعصار أفضل سياسة انتخابية وهى الابتعاد عن السياسة الانتخابية، حيث اكتفى فى أول يومين عقب الكارثة بالقيام بمهامه كرئيس فقط، وليس كمرشح رئاسى فقام بزيارة مقر الصليب الأحمر فى واشنطن، وأجرى اتصالات مع رؤساء شركات الكهرباء والمياه، وعقد مؤتمرا بالدائرة التليفزيونية المغلقة مع حكام الولايات ورؤساء البلديات المتضررة. كما أجرى اتصالا مع وزير الطاقة لحث الجميع على تسريع عودة خدمات الكهرباء والمياه للمواطنين. كما ركزت حملته فى رسائل البريد الإلكترونى التى أرسلتها إلى أنصاره على الدعوة إلى التبرع لصالح المتضررين من الإعصار. أما فريق رومنى فيعرب عن أمله فى أن يكون الإعصار قد جمد السباق السياسى على ما كان حققه من تقدم فى استطلاعات الرأى، بينما يخشى البعض من أن يكون رومنى فقد زخمه. يذكر أن المراقبين يستبعدون تأجيل يوم الانتخابات عن السادس من نوفمبر بسبب إعصار ساندى، مشيرين إلى أن الدستور ينص على أن يكون يوم الانتخابات هو أول ثلاثاء بشهر نوفمبر ولا يوجد ما يحمل على الاعتقاد بأنه سيتم تأجيل موعد الانتخابات. مى سعيد.. ذات الوجه البرىء أول ضحية مصرية تناقلت عدد من المواقع الإخبارية صورة منسوبة للدكتورة مى سعيد العربى (29سنة) إذ أكد مقربون منها مصرعها فى مدينة نيويورك لتصبح أول ضحية مصرية لإعصار ساندى. وسافرت مى إلى نيويورك للتصديق على رسالتها للدكتوراة فى العلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا، علما بأنها خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. وكان لمى نشاط سياسى ملموس، إذ كانت عضوا بحركة 6 أبريل وشاركت بفعالية فى أحداث ثورة 25 يناير. كما كانت عضوا بحملة دعم د. محمد البرادعى للترشح لرئاسة الجمهورية قبل انسحابه وتركز نشاطها بطنطا وأيضا كفر الزيات، وهى أيضا عضو مؤسس فى حزب الدستور من خارج مصر. وتميزت مى سعيد بالجهد الوافر بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ما دفع أساتذتها لإرسالها ضمن بعثة تعليمية لجامعة روما اسبانيزا بإيطاليا ثم لجامعة كاليفورنيا للتصديق على رسالتها لنيل درجة الدكتوراة فى العلوم السياسية والقانون الدولى. وفى مشهد درامى مبكى تناقل أصدقاؤها وأقاربها على صفحات التواصل الاجتماعى «فيس بوك» صورتها بوجهها البرىء وهى تجلس بجوار ابنها الرضيع يوسف الذى لم يتجاوز الشهور الثلاثة.