رغم أن بعض أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد أعلنوا أن منتصف ديسمبر القادم هو نهاية اجتماعات الجمعية لإعداد المسودات النهائية للدستور.. للاستفتاء عليها.. لكن يبدو أن الأسابيع القادمة ستشهد اجتماعات مكثفة وساخنة فى نفس الوقت لحسم بعض القضايا المهمة التى مازالت الجمعية لم تتطرق لها بصورة علنية أمام الرأى العام.. وستدخل التأسيسية «عش الدبابير» كما يقولون! وصحيح أن الجمعية التأسيسية انتهت من مسودة أربعة أبواب أساسية من الدستور وعرضها على الرأى العام ليقول كل المصريين رأيهم فيها.. سواء فى الداخل أو الخارج.. لكن هناك العديد من المواد التى لم يتم الفصل فيها.. والتى مازالت تمثل ألغاما لأعضاء الجمعية أنفسهم قبل أن تكون ألغاما للرأى العام. وأعتقد أن أول هذه الألغام التى ستحسمها الجمعية ولم تحسم بعد هى قضية تمثيل نسبة ال 50% للعمال والفلاحين فى المجالس البرلمانية والمحلية الشعبية.. فمازالت هذه القضية محل خلاف بين الأعضاء. فالفريق الأول يؤكد أننا يجب أن نحافظ على هذه المكتسبات للعمال والفلاحين باعتبارهم يمثلون الشرائح العريضة فى مجتمعنا. أما الفريق الثانى الذى يمثل جبهة المعارضة على تمثيل هذه النسبة فى البرلمان والمجالس المحلية الشعبية، فيقول إن من يمثل العمال والفلاحين تحت القبة لا هم عمال ولا هم فلاحين، فهم يملكون الأوراق التى تؤكد ذلك، ولكن الحقيقة تختلف تماما وأنهم بعيدون عن العمال والفلاحين الحقيقيين. والغريب فعلا أن نجد أن بعض لواءات الشرطة والجيش ورؤساء مجالس إدارات بعض الشركات يحتلون مقاعد العمال والفلاحين فى مجلسى الشعب والشورى. ولكن الفريق الثالث يرى أن يكون تمثيل العمال والفلاحين من خلال ترشيحات منظماتهم العمالية والنقابية، وأظن أن هذا هو الاتجاه الذى ستأخذ به الجمعية، لأن نظام تحديد نسبة للعمال والفلاحين لا يوجد له مثيل فى العالم كله.. وأننا عندما أخذنا بهذا النظام كان ذلك نوعا من إعادة الحقوق لهذه الفئة التى عانت كثيرا قبل ثورة 23 يوليو 1952، وهذه الظروف قد انتهت.. وأننا يجب ألا نميز طبقة على حساب الطبقات الأخرى. qqq أما ثانى القضايا المهمة التى لم تحسم حتى الآن أيضا فهى قضية النظام الانتخابى.. وهل يكون نظاما يجمع بين القوائم الحزبية والمستقلين؟.. أم يكون نظاما فرديا فقط؟ حيث إنه يناسب طبيعة الشعب المصرى وأن أبناء الدائرة يرتبطون بمن يمثلهم تحت القبة.. وأن ولاءهم دائما للعضو وليس للحزب.. رغم أن النظام بالقوائم يؤدى إلى تقوية الأحزاب التى مازالت أحزابا هشة وليس لها أى ثقل فى حياتنا السياسية.. فبعضها أحزاب ورقية فقط.. والبعض الآخر يمثل أحزابا عبارة عن مكاتب للقاءات المسائية بين أعضاء الحزب. عموما الآراء تختلف والرؤى تتباين والجمعية ستحسم الأمر فى الأسابيع القادمة. qqq أما القضية الثالثة فهى حقوق المرأة السياسية وهل سيتم النص على بعض المقاعد للمرأة تحت قبة البرلمان؟. ومعنى ذلك أن يعود قانون الكوتة مرة ثانية بعد إلغائه بعد قيام ثورة 25 يناير أم سينظم قانون الانتخاب البرلمانية الجديد قواعد دخول المرأة إلى البرلمان عن طريق ضرورة تمثيلها فى قوائم الأحزاب وأن يكون هذا التمثيل إلزاميا لكل الأحزاب.. ولكن لأن الأحزاب مازالت غير مؤمنة بدور المرأة فى حياتنا السياسية فإنها تضع المرأة فى ذيل القائمة الحزبية تطبيقا للقانون فقط وليس إقناعا بأهمية المرأة.. وقد أدى ذلك إلى أننا شاهدنا 9 سيدات فقط تدخلن مجلس الشعب الذى تم حله فى يوليو الماضى.. وأربع سيدات فقط دخلن مجلس الشورى الحالى. وأعتقد أن هذه الأرقام متدنية للغاية ولا تعبر عن واقع المرأة فى حياتنا السياسية والبرلمانية.. فالمرأة يجب أن يكون لها تمثيل مشّرف تحت قبة مجلسى الشعب والشورى، وأن هناك العديد من القضايا التى لا يستطيع النائب التعبير عنها مثل المرأة قبل قضايا الأحوال الشخصية وحقوق الطفل وحقوق المرأة العاملة. qqq أما عن المواجهة الساخنة بين المحكمة الدستورية العليا وأعضاء التأسيسية حول قانون المحكمة الدستورية ورفض أعضاء المحكمة للمسودة الأولى للقانون.. فأعتقد أنها مواجهة سوف تستمر إلى الأسابيع القادمة بين الطرفين. كما أن قضية المادة الثانية لم تحسم بعد ومرجعية الأزهر.. وهل ستبقى المادة الثانية من الدستور كما هى فى دستور 1971 أم سيتم إدخال تعديل بحلها؟.. لأن التيار السلفى فى الجمعية التأسيسية يصر على ضرورة إضافة عبارة بما لا يخالف الشريعة الإسلامية فى بعض المواد. qqq إننى أعتقد أن الأسابيع القادمة ستشهد حوارا ساخنا بين أعضاء الجمعية وبين الرأى العام، ويجب أن يكون حوارا راقيا ومتحضرا يليق بنا لوضع دستور للأجيال القادمة وليس لصالح تيار أو فصيل واحد فقط. فنحن فى حاجة إلى دستور يحقق العدالة الاجتماعية ويؤكد على حرية المواطن ويحفظ كرامته التى كان يدوسها النظام السابق بالأقدام!