تحل فى السادس من أكتوبر من كل عام ذكرى عزيزة على مصر والعالم العربى وهى ذكرى ثورة مصر العربية على الاحتلال الإسرائيلى الذى تجاوز فلسطين وسوريا ولبنان وامتد إلى سيناء الحبيبة. ولا شك أن احتلال سيناء عام 1967 وحالة الإذلال التى عانتها مصر وقيادتها وجيشها لم يكن لها ما يبررها حيث اجتمعت حماقة القيادة مع إحكام المؤامرة فأنتجت لنا هذه الكارثة التى نجح المصريون والعرب فى محو جوهرها وإن لم ينجحوا فى إزالة آثارها، وجوهر الكارثة هو اعتقاد الجيش الإسرائيلى بأنه جيش لايقهر وأن هزيمة مصر هى هزيمة لكل مقاومة للمشروع الصهيونى. فقد تحرر المصريون من الاحتلال الإسرائيلى وكسروا أنف الجيش الإسرائيلى المعتدى مما سهل على المقاومة العربية فى لبنان وفلسطين أن تكسر هى الأخرى عقدة هذا الجيش، لأن المشروع الصهيونى إذا اهتز جيشه فقد الصهاينة الثقة فى المشروع ولذلك فإن انتصار اكتوبر هو تأكيد لمركزية القوة المصرية وبأن مصر هى التى تقود المنطقة إلى السلام والعدل والحرية ولذلك لم يكن معقولاً أن يزول الاحتلال الإسرائيلى عن سيناء لكى تحتل إسرائيل ارادة مصر كلها من خلال نظام شيده مبارك الذى زعم زوراً وبهتاًنا أنه صاحب هذا النصر وعزف نظامه بكل مرتزقته هذا اللحن الكئيب ولذلك فإن ثورة 25 يناير ثورة على الكذب والخداع وسرقة الأمجاد وادعاء الوطنية التى تخفى تحتها نظاماً عميلاً للعدو ومكن للموساد فى مصر وتآمر على أمته العربية وأسهم فى تصفية القضية الفلسطينية، ومن بين جرائمه أنه زوَّر تاريخ أكتوبر وصدق فى حقه ما قاله الميثاق الوطنى عام 1962 من أن الملايين من شباب مصر قد قرأوا تاريخها الوطنى على غير حقيقته فصَّور لهم الأبطال تائهين وراء سحب من الشك والغموض بينما وضعت هالات التقديس والإكبار من حول الذين خانوا كفاحها. وإذا كان الفن والأدب والثقافة والزمن قد ظلمت أكتوبر فإن ضحايا ظلم المدعين للبطولة فيه هو الأولى بأن يعيد النظر فى هذه المناسبة ولذلك فإننى أعيد اقتراحا سابقا فى هذه المناسبة وهو دراسة دور مبارك بنصر أكتوبر والبحث فى اتهام قدمه أحد العسكريين المصريين بعد الثورة حول مسئولية مبارك عن خسائر سلاح الصاعقة المصرى بسبب تقاعسه عن القيام بواجباته المقررة فى تعليمات القيادة العامة. ويشمل بحث علاقة مبارك بأشرف مروان الذى اتهمه الموساد بإفشاء أسرار يوم السادس من أكتوبر ولماذا تدخل مبارك بعد اغتيال اشرف مروان بأيام قليلة بل وقبيل جنازته لكى يقطع الجدل فى مصر حوله ويغلق الملف على أنه شخصية وطنية لا يجوز التشكيك فيها، إذا ثبت أن لمبارك دوراً تآمرياً ضد مصر والجيش المصرى فى ضوء اطلاق إسرائيل عليه أنه كنزها الاستراتيجى فمن الضرورى أن يكون أكتوبر هذا العام مناسبة لإنصاف ضحايا مبارك وتنظيف الجندية المصرية وسمعتها مما ألحقه مبارك بها وأن تنزع عنه رتبه العسكرية خاصة بعد الحكم عليه بثلاثين عاماً وهو حكم رغم ما لنا عليه من ملاحظات إلا أنه عقوبة على جريمة تخل بأمانة الحاكم تجاه شعبه ولا يشرف الجيش أن ينتسب إليه. وكنت قد طالبت بأن يدفن مبارك فى إسرائيل لأن رسولنا الكريم قرر أن الرجل مع من يحب. ومن ناحية أخرى، فإن هذه المناسبة تدعو إلى إنصاف كل من قدم بطولات فى حروب مصر السابقة دفاعاً عن شرف القوات المسلحة خاصة من ظلم فى عدوان 1967 والبطولات الفردية الكبيرة التى لم نسمع عنها، وحرب الاستنزاف الباسلة وحرب اكتوبر المجيدة. فلتكن هذه المناسبة وهذه الذكرى انطلاقة جديدة لكى نعطى هذا النصر حقه وأن نقربه إلى أذهان الشباب بعد أن اختزله مبارك فى الضربة الجوية وأن يكتب تاريخ هذه الحرب كتابة أمينة ومنصفة وأن تعرف كتب التاريخ الحقائق عنها بدلاً من الأوهام والأكاذيب وكذلك بدراسة ما تقوله إسرائيل عن هذه الحرب والرد عليه من جانب الباحثين. فالإنصاف أولاً لأبناء القوات المسلحة والإنصاف ثانياً للشعب المصرى الذى قدمت إليه معارف مغلوطة ، والانصاف أيضاً لكل المبدعين الذين يجب أن يسجلوا أروع الصفحات فى هذا النصر وأن يبرزوا أحتضان العالم العربى لمصر العربية. ولابد أيضاً أن يكرم صاحب القرار الرئيس السادات الذى تحمل مسئولية شن الحرب بصرف النظر عن اختلافه مع عبقرى العسكرية المصرية الفريق المرحوم سعد الدين الشاذلى، ولابد أن يفرج عن هذه الأسماء الكبيرة وأن يتم التعريف بها وعن كل من خفق قلبه حباً لهذا الوطن وفقد شيئاً فداء له. وبهذه المناسبة ،فإننى أناشد الرجل الفاضل الرئيس الدكتور محمد مرسى والقيادة الجديدة للقوات المسلحة وقيادة المخابرات العامة والحربية والأقسام المختصة بأن تعد لهذه الذكرى هذا العام ما يناسب جلالها بعد ثورتنا المجيدة التى استعادت لنا روح أكتوبر وألا تقتصر الذكرى على الاحتفال العسكرى والعروض العسكرية فإنما يوضع برنامج للاحتفال بهذه الذكرى يضم كل الوزارات المختصة بحيث يعرف الشباب هذه الصفحة الباهرة فى تاريخ مصر خصوصاً بعد محنة الحكم الذى دمر الوطنية والانتماء والاعتزاز وجعل مصر عالة على المنطقة بعد أن كانت قاطرة السلام والتقدم والازدهار. ويجب أن يشمل هذا العمل فتح ملف شهداء الجيش المصرى الذين اغتالتهم إسرائيل التى تخشى هذا الجيش المدعوم من أمته العربية بكاملها ولذلك حرصت إسرائيل على أن تعاقب الجيش المصرى الذى أذلها عام 1973 بأن تمسكت فى معاهدة السلام مع مصر بإبعاد هذا الجيش مسافة 200 كليو متر عن حدودها مع مصر لأن هذا الجيش يمثل هاجساً لها خاصة بعد أن نجح فى القضاء على الجيش العراقى والجيوش العربية الأخرى ومن بينها الجيش السورى وستظل سيناء ذات دلاله خاصة بالنسبة لمصر وإسرائيل وهى التى ارتوت بشهداء هذا الجيش.