تعالت نداءات المترجمين فى الآونة الأخيرة بحلم يراودهم منذ سنوات لإقامة كيان نقابى مهنى للمترجمين واللغويين فى مصر كغيرهم من ذوى المهن الأخرى، باللجوء للجهات التنفيذية المعنية للعمل على وجود صرحٍ لغوى ترجمى يضم بين جنباته خريجى كافة أقسام اللغات واللغة العربية بالجامعات المصرية الحكومية والخاصة لما يعانونه من تهميش وأعمال نصب تغرر بهم وتهدر حقوقهم. فى البداية يقول أحمد عبد العزيز (عضو المجلس التنفيذى ومسئول لجان العمل الميدانى لنقابة المترجمين تحت التأسيس): عانينا كثيرا من الاستغلال والنصب وإهمال دورنا فى الحقل الثقافى والعلمى حتى بدأ عدد منا يجتمع على مطالب واهداف محددة لمصلحة الجميع أهمها إنشاء نقابة للمترجمين واللغويين بكافة المجالات والأقسام وبعد عدة أفكار واجتماعات بدأ الأمر فعليا بقيام مجموعة من المترجمين واللغويين بالتوجه إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب فى عام 2009. وتم قبول مشروع قانون إنشاء النقابة مبدئياً حيث تم عرضه بعد صياغته من قبل مستشارين قانونيين، والذى عرقلته بعض الجهات التنفيذية حتى توقف الأمر وبعد الثورة عاد المترجمون واللغويون يتحركون بعزم وبقوة صوب كيانٍ يجمعهم واعترافٍ رسمى بمهنتهم، حيث تم تشكيل المجلس التنفيذى للنقابة الذى يتكون من مترجمين ولغويين ممثلين لكافة الفئات العاملة بمجال الترجمة كأصحاب المؤسسات الخاصة الكبرى فى مجال الترجمة وممثلين لمؤسسات المجتمع المدنى وأفراد مترجمين وصحفيين، كما تم تحديد مقر رئيسى بالقاهرة ومقرات فرعية بمعظم محافظات مصر شمالاً وجنوباً من أسوان وحتى بورسعيد ومدن القناة عن طريق كبرى مراكز الترجمة بكل منطقة،ويتم العمل الآن على جذب كافة المترجمين واللغويين بداية من دارسى اللغات بالجامعات الحكومية والخاصة ووصولاً إلى أساتذتهم لتلك المراكز لملء استمارات لعضوية النقابة تحت التأسيس مرفق بها صورة من شهادة التخرج وبطاقة الهوية الشخصية لضمها إلى الملف الذى سيتم عرضه على مجلس الشعب القادم دون الحصول على أى أموال او مساعدات من أحد. أما محمد فاضل الأمين العام للمجلس التنفيذى لنقابة المترجمين فيقول: جاء اهتمامى بأهمية وجود النقابة خلال عملى كصاحب مؤسسة تعمل بالترجمة حيث نعانى كثيراً فى الفترات الماضية كأصحاب مؤسسات من ندرة وجود مترجمين أكفاء مهنيين، فسوق الترجمة فى مصر منتعش بالأعمال المترجمة فى ظل قلة عدد المترجمين المؤهلين فعليا، وهذا دور مهم ستقوم به النقابة وستعمل على إعداد وتأهيل شباب المترجمين لإلحاقهم بسوق العمل فى المستقبل القريب بالإضافة لايجاد نظام محدد يقنن ويحدد ضوابط العمل بالترجمة، آملين تعاون الجهات التنفيذية والتشريعية معنا فى هذا الشأن. كذلك يقول د. فيصل يونس الرئيس السابق للمركز القومى للترجمة حان الوقت لوجود كيان مهنى للمترجمين تجعل من الترجمة مهنة رسمية لها تأمينات ومعاشات وتعيد للترجمة شأنها وتحل مشكلاته وهى المرتبطة بمشاكل التعليم والثقافة أيضا فمع تدنى الحالة الثقافية وتدنى التعليم اللغوى لا يوجد دعم كاف من الدولة لصناعة الترجمة بينما هى عالية التكلفة وقليلة الإنتاج وتخرّج الكتاب المترجم مرتفع الثمن لا يناسب المواطن العادى. لذلك أرى فى مشروع نقابة المترجمين أملا جديدا على أن تكون نقابة تابعة للنقابات المهنية المتخصصة وذات معايير موضوعية لاختيار أعضائها على أسس الكفاءة والمهنية والأخلاق الواجبة لأنها مهنة أكثر تخصصا من مجرد إجادة اللغة كما ستساهم النقابة فى حماية المجتمع مثلما ستحمى المترجم المهنى لأنها ستتكفل بمعايير الأمانة العلمية والمهنية وتقييمها ومحاسبة الخارجين عنها كما أنها فرصة كبيرة للارتقاء بالمهنة. أما د. طلعت الشايب أحد كبار المترجمين فى مصر فيرى أن نقابة المترجمين ضرورية للحفاظ على حقوق المترجم لدى دور النشر والمؤسسات العاملة بالترجمة فعلى تلك النقابة العمل على تنظيم الجوانب الإدارية والقانونية للعمل الترجمى لأن المترجم مثل المؤلف لا بد أن تكون له حقوق مللكية فكرية واجبة الحفاظ، وكذلك الإشراف على عقود المترجمين لدى المؤسسات وحماية أعمالهم من الاستغلال والقرصنة والتحريف والسرقة كنشرها بطريق غير مشروع ودون اسم المترجم صاحب العمل وقد عانى كل مترجم من تلك المشاكل من سرقة أعمال وتأخر أجور واستغلال مادى ويستكمل د. طلعت السؤال فى مسألة النقابة بقوله هل يشترط لعضوية النقابة والاستفادة من مزاياها التفرغ للعمل الترجمى فقط؟ وخاصة ان أغلب العاملين بالترجمة لديهم وظائف أخرى أو أعضاء لدى نقابات أخرى كالعديد من المحامين والصحفيين والكتاب لذلك فالأمر يحتاج لدراسة قانونية تحدد شروط العضوية وتفرق بين تلك الحالات. أما د. ناهد الطنانى أستاذ اللغة الفرنسية بكلية الألسن جامعة القاهرة فتقول حلمنا كثيرا بكيان ترجمى للمترجمين على غرار الرابطة الدولية للمترجمين بجينيف بسويسرا لتتولى شئون الترجمة وتدافع عن مهنييها من المتاجرين بها وتنشر الثقافة الترجمة وأسسها التى لا تعتمد على مجرد إجادة اللغة كما يعتقد البعض فهى عمل ذهنى شاق يعتمد على ضوابط ونظريات لها جانب دراسى مهم بالإضافة لجانب الممارسة والموهبة المهمين أيضاً ومن جانبنا حاولنا التجمع والتواصل من خلال مواقع التواصل الاجتماعى حيث نتشارك فى أخبار الترجمة فى العالم كما نحاول من خلالها التعرف على مشكلات المترجمين ومساعدة بعضنا البعض فى حلها وكذلك الإعلان عن التخصصات المطلوبة أو وظائف للمترجمين كذلك نستخدمه فى التنبيه والتنويه عن المؤسسات التى تغرر بالمترجمين أو تهدر حقوقهم. ومن جانبه يرى د. أحمد الكاشف الخطيب، أستاذ اللغة الانجليزية بكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر أن الترجمة تدخل فى نسيج كافة المهن الأخرى، وهى ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطنى إن أحسن استغلالها، كما حان الوقت لتنظيم مهنة الترجمة التى عانت طويلا من تسلل كثير من الأدعياء إليها، ومن بخس المترجمين حقوقهم المادية والأدبية ومعاناتهم من الاستغلال وأعمال النصب سواء من خلال العمل او الجمعيات الخاصة التى تخدع شباب الخريجين والطلبة بالانضمام اليها باشتراكات مادية مع وعود واهية بتسهيلات البحث عن عمل وتأهيل مهنى ومساعدات. ونحن لا نطمح إلى إعادة ذلك العصر الذهبى الذى كان المترجم يكافأ فيه بوزن ما يترجم ذهبا ويتفق معه. النصب باسم التدريب أما عن أحوال المترجمين تقول مترجمة الأفلام هدير الإبراشى: تعرضت أنا وزملائى لعملية نصب باسم إحدى جمعيات المترجمين تسمى الأكاديمية العربية للترجمة والتدريب بالمهندسين وصاحبها الذى يدعى عبد الرحمن السعودى حيث كنا فى السنة الثانية عندما شاهدنا إعلاناً له بتقديم الدعم لطلبة اللغات وتقديم دورات تدريبية وكورسات متخصصة وبعد التوجه له ودفع تكاليف الدورات الباهظة الثمن بدأ يتهرب منا ويؤجل فى موعد البدء وبعض فتره اختفى وعلمنا بعد ذلك أنه نصب على الكثير غيرنا وانتقل الى مكان آخر وحررنا محاضر ضده فى قسم العجوزة وعلمنا هناك بعدد المحاضر المقدمة ضده من قبل ومعرفة الشرطة بأنه نصاب، ورغم ذلك لم يقبض عليه ابدا وما زال يزاول نشاطه الى الآن. وأضافت هدير نحن نحتاج للنقابة ليكون لنا صرح يتحدث باسمنا ويدافع عنا ويعطى تصاريح لمثل تلك الجمعيات أو الشركات تحمى حقوقنا ونستطيع من خلاله مزاولة انشطتنا من تدريب وعمل وتحديد أجورنا التى يقوم البعض باستغلالنا بها.