فى خطوة رآها البعض انتصارا جديدا لدين الإسلا م فى ظل اشتعال العالم احتجاجا ضد الفيلم المسىء لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، جاء إعلان الحكومة النرويجية برئاسة رئيس الوزراء جينس شتولتنبرج عن اختيار المسلمة هادية طاجيك لشغل حقيبة الثقافة ليكون بمثابة تعبير عن الوجه الحقيقى للإسلام. وتعد طاجيك أول وزير مسلم فى تاريخ الحكومة النرويجية كما أنها أصغر وزراء الحكومة الحالية سننا حيث لا يتجاوز عمرها التاسعة والعشرين، وهادية طاجيك ليست بالوجه الجديد على الحياة السياسية فى النرويج فقد كانت أحد قادة حركة العمال الشباب لمدة ثلاث سنوات كاملة ما بين عامى 1999 و2002، كما حصلت فى انتخابات عام 2009 على أحد مقاعد البرلمان النرويجى عن العاصمة أوسلو تحت مظلة حزب العمل. ومع الإعلان الرسمى عن توليها الحقيبة الثقافية كشفت طاجيك عن نواياها السياسية وبرنامجها فى الفترة المقبلة بأن أكدت أنها ستراعى التنوع الثقافى الذى يعيشه المجتمع النرويجى والذى أصبح أحد أهم سماته بل ستسعى لتدعيمه أكثر وأكثر من خلال قوانين تعمل على حماية حقوق الأقليات المتنوعة ثقافيا وعرقيا كقوانين تكفل للهندوس السيخ حق ارتداء العمامة أثناء قيادة الدراجة البخارية وإن كان ذلك مخالفاً لقانون المرور النرويجى، وتكفل للمسلمين حق ارتداء الحجاب فى الأماكن العامة، ويذكر أن طاجيك أثناء فترة عملها كمستشار سياسى لوزير العدل النرويجى بين عامى 2008 و2009 سعت لإصدار قرار أعطى الحق للشرطيات فى ارتداء الحجاب أثناء العمل مع العلم أنها لم ترتد الحجاب مطلقا. وعقب إعلان تشكيل الحكومة الجديدة وتعيين طاجيك وزيرة للثقافة تضاربت ردود الأفعال داخل المجتمع النرويجى بين مؤيد ومعارض، فالبعض رأى القرار بأنه أمر طبيعى باعتبار طاجيك مواطنة نرويجية يحق لها تولى أى منصب بالدولة معتبرين القرار تدعيماً لسياسة التعددية الثقافية بالبلاد، وعلى الجانب الآخر تعالت أصوات المعارضين للقرار وهم كثيرون بزعامة جماعة النازيين الجدد الذين يرفضون كافة الإجراءات التى تقنن من وضع الأقليات وذوى الثقافات المختلفة داخل المجتمعات الأوروبية، ويعتبرون التعددية الثقافية نوعا من الاعتداء على نقاء العرق الأوروبى. وطاجيك نرويجية المولد باكستانية الأصل هاجرت عائلتها إلى النرويج فى نهاية السبعينيات من القرن الماضى قبل أن تلدها والدتها فى يوم الثامن عشر من يوليو عام 1983 بإحدى القرى الصغيرة التابعة لمقاطعة ستراند، وفى عام 2001 أنهت دراستها بالمدرسة العليا كما حصلت على بكالوريوس الصحافة من جامعة ستافينجار قبل أن تترك بعدها النرويج متجهة إلى المملكة المتحدة لدراسة حقوق الإنسان بجامعة كينجستون، كما قامت بدراسة القانون وحصلت على درجة الماجستير من جامعة أوسلو. الجدير بالذكر أن طاجيك ليست الوجه المضىء الوحيد للإسلام داخل الحياة السياسية فى أوروبا فقد سبقتها إلى ذلك عام 2007 الفرنسية رشيدة داتى ذات الأصول المغربية والتى شغلت منصب وزيرة العدل، والبريطانية ذات الأصول الباكستانية البارونة سعيدة وارسى عام 2010، والتى تشغل حاليا منصب بدرجة وزير فى وزارة الخارجية، بالإضافة أيضا إلى وزيرة الشئون الاجتماعية الألمانية أيجون أوزكان ذات الأصول التركية.