كتبت - إيمان عارف: منذ الإعلان عن التعديل الوزاري الموسع الذي أجراه مؤخرا رئيس الوزراء النرويجي جينس شتولينبرج في إطار استعداداته للانتخابات العامة المقرر إجراؤها العام القادم, والحديث لا يتوقف عن التعديلات الراديكالية التي أجريت, والمقصود بها بالطبع، اختيار هادية طاجيك النرويجية ذات الأصل الباكستاني وأحد الوجوه البارزة بحزب العمال النرويجي لشغل منصب وزيرة الثقافة كأصغر وزيرة في التشكيل الجديد حيث تبلغ من العمر29 عاما, وكأول مسلمة في تاريخ البلاد تشغل مثل هذا المنصب الرفيع, فمن هي طاجيك, وما هي ملامح مسيرتها السياسية التي أوصلتها لمقعد الوزارة في تلك الدولة الاسكندنافية الهادئة؟. ولدت طاجيك المحامية والصحافية والسياسية في إحدي المدن النرويجية الصغيرة التابعة لمقاطعة ستراند عام1983 لأب يعمل بائعا في محل وأم هاجرت للنرويج منذ بداية السبعينات, وقد تدرجت في دراستها حتي وصلت للمرحلة الجامعية فدرست حقوق الإنسان بجامعة كنجستون ببريطانيا, و حصلت علي درجة البكالوريوس في الصحافة من جامعة ستافنجر بالنرويج, ثم حصلت علي الماجستير في القانون من جامعة أوسلو خلال العام الحالي. وقد انخرطت في العمل السياسي منذ شبابها المبكر, حيث قادت رابطة شباب العمال بين عام1999 و2002, ثم عملت مستشارة لوزير العدل النرويجي بين عامي2008 و2009, وخلال تلك الفترة ارتبط اسمها فيما عرف آنذاك بقضية الحجاب, حيث سمح للنرويجات المسلمات العاملات في الشرطة بارتداء الحجاب أثناء ساعات العمل, وهي الخطوة التي قوبلت بانتقادات عنيفة من الأحزاب اليمينية والمحافظة. حيث تردد آنذاك أنها ضمن المجموعة التي كانت وراء اتخاذ هذا القرار. كما شغلت منصب المستشارة لرئيس الوزراء عام2009 وكذلك مستشارة لوزير العمل والاندماج المجتمعي. وقد انتخبت طاجيك عام2009 عضوة بالبرلمان عن حزب العمال كنائبة عن مدينة أوسلو وذلك بعد وضعها ضمن المرشحين علي قائمة المقاعد الستة الآمنة, وهي المقاعد المضمون وصول مرشحيها عن الحزب. وعرفت بنشاطها داخل أروقة البرلمان, فكانت عضوة بلجنة التعليم والبحث وشئون الكنيسة, وقبيل صدور قرار اختيارها كوزيرة اعلنت طاجيك نيتها إعادة ترشيح نفسها عن نفس الدائرة. ولكن هي يعني ذلك أن الطريق سيصبح ممهدا أمام هذه الوزيرة الشابة, وهل المجتمع النرويجي الذي طالما عرف بتسامحه وانفتاحه وقبوله الآخر سيتقبل تصعيد فتاة مسلمة تنتمي لعائلة من المهاجرين, والإجابة علي هذا السؤال ليست واضحة تماما في الوقت الحالي, خاصة ان النرويج شهدت العام الماضي حادثا مروعا راح ضحيته أكثر من69 شخصا معظمهم من الشباب بعد قيام اليميني المتطرف اندريس بيرفيك بتفجير أحد المباني الحكومية, ومهاجمة معسكر صيفي تنظمه رابطة الشباب التابعة لحزب العمال, حيث أكد خلال محاكمته أن التعددية الثقافية والدينية تهدد تجانس المجتمع النرويجي وطابعه الأوروبي, معتبرا أن الدين الاسلامي علي وجه التحديد عدوه اللدود, وهو توجه وان كان صادما إلا أنه لا ينفي وجود مؤيدين له داخل المجتمع وان بدرجات متفاوتة. ويبقي أن طاجيك وفور تعيينها في منصبها الوزاري أعلنت أن برنامجها سيركز علي التنوع الثقافي كجزء من الحياة اليومية للنرويجيين, والكيفية التي سينعكس بها ذلك علي المجتمع النرويجي ككل بما في ذلك حماية الحقوق الثقافية للأقليات, ومنها علي سبيل المثال حق المسلمات في ارتداء الحجاب في الأماكن العامة الي جانب قضايا أخري, وهي مهمة ربما لن تكون سهلة في كل الأحوال.