مازال الأمن فى العراق حلما بعيد المنال، السيارات المفخخة عادت بكثافة الأسبوع الماضى لتحصد أرواح العراقيين بلا تمييز، فى الوقت الذى يلقى فيه السياسيون والعسكريون المسئولون عن الأمن بالمسئولية على عناصر القاعدة، أما المشهد السياسى فمازال نورى المالكى يتحدى الأكراد ب «قيادة عمليات دجلة»، كما أضاف الحكم غيابيا بإعدام طارق الهاشمى نائب الرئيس مزيدا من التعقيد على المشهد العراقى. وفى تحدٍ واضح لموقف قيادة إقليم كردستان بشأن تشكيل قيادة عمليات خاصة بالمناطق المتنازع عليها، المعروفة ب «قيادة عمليات دجلة» أعلنت مصادر كردية عن رفضها الكامل لتأسيس هذه القوة العسكرية. لكن نورى المالكى رئيس الوزراء أصدر قراره باعتباره قائدا عاما للقوات المسلحة العراقية ووجه قيادات وزارة الدفاع للإعلان عن تأسيس هذه القوة. وتأخذ قيادة كردستان على قرار المالكى بأنه يسعى إلى ضم جميع الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية بما فيها قوات البشيمركة الكردية تحت إمرة هذه القيادة التى ستأتمر بأوامر المالكى المباشرة، مما يعنى السيطرة الكاملة للمالكى على جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية فى العراق. وترى قيادة كردستان أن تشكيل تلك القوات من شأنه أن يعقد الأوضاع فى المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والعرب والتركمان على اعتبار أن المهمة الأساسية لتلك القوات ستنحصر فى تلك المناطق وخاصة محافظة كركوك. وصرح اللواء أنور حاجى وكيل وزارة البشيمركة بحكومة كردستان بأن الوزارة ترفض بشكل قاطع تشكيل هذه القوة العسكرية، والتى رفضتها رئاسة الإقليم وجميع الأحزاب والقوى الكردستانية، لأن الهدف منها السيطرة على المناطق المتنازع عليها بين الأكراد وكل من العرب والتركمان. وكانت المحكمة الجنائية العراقية المركزية قد أصدرت حكما غيابيا بالإعدام شنقا على طارق الهاشمى نائب رئيس الجمهورية بعد إدانته بتهم إرهابية. كما أصدرت حكما بالإعدام على مدير مكتب الهاشمى وصهره أحمد قحطان. وكان مجلس القضاء الأعلى قرر محاكمة الهاشمى الموجود حاليا فى تركيا، غيابيا بثلاث جرائم قتل. وشهدت الجلسات السابقة اعترافات لعدد كبير من أفراد حماية الهاشمى أقروا جميعهم خلالها بالاشتراك فى عمليات تفجير وقتل وفقا لتعليمات تسلموها من الهاشمى ومدير مكتبه وتعلقت بالهاشمى أكثر من 300 جريمة. وكان الهاشمى انتقل قبل عدة أشهر للإقامة فى تركيا التى منحته إقامة دائمة، ورفضت تسليمه رغم صدور مذكرة توقيف ضده من الشرطة الدولية فى ديسمبر الماضى. من جهته أعلن الهاشمى فى بيان على موقعه الالكترونى أن هذه القضية سياسية منذ بدايتها وتنتظر حلا سياسيا. وأضاف أن «ليس لديه ثقة فى القضاء فى بلاده، وبرر قراره بتأكيده أن حياته فى خطر فى بغداد». وشهد العراق أسبوعا داميا سقط خلاله مئات العراقيين بين قتيل وجريح فى سلسلة هجمات ضربت مناطق متفرقة من البلاد من البصرة جنوبا إلى كركوك شمالا مرورا ببغداد، فقد عادت بكثافة السيارات المفخخة التى تحصد أرواح العراقيين وراح ضحيتها الأسبوع الماضى أكثر من 50 قتيلا وأكثر من 300 جريح. وتنوعت الهجمات ما بين السيارات المفخخة والعبوات الناسفة أو مهاجمة حواجز التفتيش، ولم تفرق التفجيرات بين المدنيين والعسكريين. وأبدى المرجع الدينى على السيستانى قلقه من استمرار عمليات قتل المدنيين واغتيال الضباط والمسئولين العراقيين وأن هذا الملف يحتاج إلى مجموعة من الإجراءات الأمنية السريعة لتدارك الآثار السلبية التى تنتج عن هذه العمليات الإرهابية وخاصة على بعض المفاصل الأمنية. كما أدان أسامة النجيفى رئيس البرلمان التفجيرات وقال فى بيان: «ندين ونستنكر بأشد العبارات التفجيرات الإجرامية التى طالت أهلنا فى عدة مناطق من البلاد، ونؤكد أن هذه الاستهدافات المتكررة على أيدى المجرمين والقتلة والتخطيط لإسقاط أكبر عدد من المواطنين الأبرياء، إنما يراد به زعزعة الأمن والاستقرار ومحاولة لإيجاد ثغرة يمكن من خلالها إثارة الفتنة الطائفية وجر البلاد إلى مستنقع جديد من الدماء». وأضاف: «كان من المفترض أن تكون الأجهزة الأمنية على أتم الاستعداد لصد مثل هذه الهجمات، خصوصا أن العراق يمر بمرحلة خطرة من تاريخه السياسى وأن مثل هذه الاستهدافات البشعة وغير الأخلاقية قد تكررت كثيرا وراح ضحيتها المئات من أبناء العراق». ومن جهة أخرى استبعد سياسيون عراقيون نجاح تجربة «الجيش الحر» كما فى سورية، وكان قد نشر على الانترنت بيان يعلن عن تأسيس «الجيش العراقى الحر» تواصلا مع الجيش السورى الحر. وأشار البيان إلى أن أحد أسباب تأسيسه صد الاحتلال الإيرانى للعراق، وحسب نص البيان «نعلن عن تشكيل الجيش العراقى الحر ليكون سندا للجيش السورى الحر ويحل محل الجيش العراقى الحالى». وتوالت الأنباء حول هذا الجيش الجديد، الذى بدأ فى محافظة نينوى شمالا وسط توقعات بأن يمتد إلى الأنبار غربا وديالى شرقا. وكان إياد علاوى رئيس القائمة العراقية قد وجه رسالة لقادة الكتل السياسية كافة، مطالبا بتوحيد الصفوف وبناء دولة مدنية. وأعلن علاوى فى مؤتمر صحفى عقده بمقر حركة الوفاق الوطنى التى يتزعمها أن رسالته تضمنت ثلاثة محاور تخص العملية السياسية، المحور الأول على صعيد عمل مجلس النواب وضرورة إنجاز عدد من التشريعات المهمة مثل إقرار قانون العفو العام وقانون النفط والغاز وإجراءات هيئة المساءلة والعدالة، والمحور الثانى دعوة قادة الكتل السياسية لتوحيد الصفوف فى وجه الإرهاب. وشدد المحور الثالث على ضرورة بناء دولة مدنية مبنية على الأسس الديمقراطية وضرورة احترام حقوق الإنسان. ومن جهته أكد حسن الشمرى وزير العدل العراقى أن القضاء العراقى لن يتردد فى تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق السجناء السعوديين المدانين بجرائم الإرهاب. وقال: إن السجناء السعوديين فى العراق لن يستفيدوا من قانون العفو العام الذى يعده العراق حاليا، وذلك لأن أوضاعهم ستكون محكومة بالاتفاقية التى وقعها العراق مع المملكة بعد أن يصادق عليها البرلمان العراقى، والتى تتضمن أوضاع المحكومين بعقوبات سالبة للحرية ولكن لا تشمل المحكومين بالإعدام.