ظل القس (ديزموند توتو) يؤمن بالبشر وبالمحبة إيمانه بالدين وقيمه العالية وكان يعتقد اعتقاداً راسخاً ويؤمن بأن العقل والقلب داخل الفرد لصالحه – وأيضاً - من أجل بقية من يحيطون به فكانت قضاياهم قضيته وهمومهم مبلغ همه وغاية عمله.. ففاز بالمعرفة و العرفان ودخل التاريخ وانصاعت له الجغرافيا فتحول من إنسان إلى إسطورة.. فهو رفيق الكفاح للزعيم الأفريقى نيلسون مانديلا والملقب ب (أيقونة الحرية) والذى سانده فى مقاومته السلمية ضد التمييز العنصرى فى جنوب أفريقيا ونادى من الكنائس التى ترأسها بمواجهة التمييز بين البشر وظل طوال مشوار حياته الذى امتد ل 82 عاماً يدافع عن حق البشر فى الحياة الكريمة ولذلك أطلق عليه عدة ألقاب منها أنه ضميرأفريقيا الأخلاقى وأنه صوت لمن لا صوت له ورغم اعتزاله للعمل العام فإنه مازال يواجه الظلم ويفضح أنصاره فى العالم. وقد جدد فى دعوته التى نشرها فى جريدة الأوبزرفر البريطانية منذ أيام المطالبة بمحاكمة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الابن ورئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاى إسوة بنظرائهم من القادة الآسيويين والأفارقة بسبب ترويجهم لإدعاءات كاذبة بشأن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وقال «إن حربهما ضد العراق ساهمت فى زعزعة الاستقرار فى العالم واتساع الانقسامات كما أنها تسببت فى مقتل 6,5 شخص يومياً فى هجمات انتحارية وسيارات مفخخة وبلغ عدد القتلى منذ 2003 أكثر من 250 ألف عراقى وعدد النازحين تجاوز الملايين وأضاف أنه يجب على المتسببين فى هذه الحرب الكارثية أن يعاملوا مثل نظرائهم من الأفارقة والآسيويين وأن تطبق العدالة وأن يعترفوا بذنبهم أمام العالم حتى يسود السلام والأمن. وأضاف أنه لا تمكنه مشاركة كل من بلير وبوش الابن فى أى محفل أو احتفال عالمى أو خاص لأن ذلك سيكون عملا غير أخلاقى ترفضه الأديان والأعراف وقد أدان أيضا الممارسات العنصرية التى ترتكبها إسرائيل تجاه الفلسطينيين أصحاب الأرض وقال إن ما يرتكب فى قطاع غزة على يد الإسرائيليين يذّكره بما كان يحدث فى بلاده من ظلم وقهر واضطهاد الأكثرية على يد الأقلية. وتعد هذه الأقوال والأفعال هى المنهج الذى سار عليه الأسقف الشهير توتو الذى وهب حياته للدفاع عن السلام العالمى والمصالحة وحل الأزمات بين الشعوب ونظراً لعشقه الدائم للعدل فقد كلف برئاسة لجنة الحقيقة والمصالحة والتى تتولى التحقيق فى جرائم الفصل العنصرى فى العالم وشارك أيضاً فى لجنة الحكماء التى أدانت الحصار الإسرائيلى لقطاع غزة وأدانت الاستخدام المفرط للسلطة فى زيمبابوى على يد الرئيس روبرت موجابى. وقد نال توتو العديد من الجوائز العالمية لعل أشهرها جائزة نوبل للسلام لتاريخه النضالى والسلمى ضد التمييز العنصرى فى بلاده جنوب أفريقيا وجائزة سيدنى للسلام وهو أول أسود يرأس أسقفية كيب تاون الشهيرة وأول من طالب بإلغاء الديون على الدول الفقيرة حتى لايدفع أطفال الفقراء فوائد هذه الديون ودعا لنبذ سياسة الكيل بمكيالين التى يتبعها الغرب حتى يسود العدل ولا ننسى له مقولته الشهيرة والتى تعد منهجا لمن يريد «اهدم فى أعماقك جميع الحدود الجغرافية واللغوية والدينية والاجتماعية التى صنعها الإنسان بأنانيته فالله خلق العالم سواسية دون تمييز بين البشر»، فهل من مجيب؟