اختلفت آراء الخبراء والمحللين بشأن المقترحات التى اعلنها الدكتور أشرف الشرقاوى رئيس هيئة الرقابة المالية، بشأن تحويل البورصة المصرية إلى شركة مساهمة، ففى الوقت الذى يرى البعض صحة المقترح وتماشيه مع نظام البورصات العالمى يرى البعض الآخر أن المقترح ما هو إلا محاولة للحفاظ على الدولة العميقة لأنه يخدم رجال النظام السابق، وما بين الرأيين نقرأ التقرير التالى: يرى الدكتور حمدى عبد العظيم الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات والخبير الاقتصادى، أن البورصة فى وضعها الحالى هى منشأة تابعة للهيئة العامة للرقابة المالية، وهو يعنى تبعيتها الكاملة للدولة وعدم استقلاليتها وهذا مايمثل عبئا على الطرفين، والحديث عن تحويلها إلى شركة مساهمة كلام منطقى ويدل على وعى اقتصادى ورغبة فى التطوير. وأضاف: أن النظام الحالى فى البورصة، لم يعد معمولا به فى جميع الدول الكبرى التى أصبحت بورصاتها مستقلة وليست تابعة للدولة، وهو ما يحقق مبدأ الفصل مابين الملكية والإدارة والذى يعود بالنفع الأكبر على المستثمرين وانتعاش سوق الأوراق المالية المصرى، مؤكدا أنه فى حال تحويل البورصة المصرية إلى شركة مساهمة سيكون لها جمعية عمومية تنتخب أعضاء مجلس الإدارة ويحاسبونه على ما حققه من إنجازات خلال فترة ادارته. على الجانب الآخر يرى وائل النحاس المحلل المالى وخبير أسواق المال، أن المقترح ليس جديدا، وأنه يأتى استكمالا لسيناريو تأميم لصالح تأمين مصالح النظام السابق للقضاء على هيمنة الدولة على البورصة ورفع سبل الرقابة عنها وهو ما يتيح لرجال الدولة العميقة الحفاظ على مصالحهم، حيث سيكون اختيار قيادات البورصة بالانتخاب وليس بالتعيين وهو ما يمنح هؤلاء الباحثين عن حماية المصالح تحقيق أهدافهم لتسيطر نفس الوجوه على مقدرات الأمور. أضاف النحاس، كان الأجدر بدلا من البحث عن تغييرات شكلية فى أوقات ليست ملائمة، الاهتمام بتطوير أداء البورصة من خلال حل مشاكل الشركات المتوقفة عن العمل، والبحث عن مقترحات لزيادة قيم التداول، ومحاولة اجتذاب شركات جديدة لزيادة الاعداد المتداولة، أو دراسة منح مزايا أفضل لاجتذاب المستثمرين، ودراسة تنوع أدوات التداول كالسندات بدلا من الاكتفاء بالاسهم فقط. من جانبه قال الدكتور محمد عمران رئيس البورصة بأن دراسة تحويل البورصة فى مصر إلى شركة مساهمة مطروحة منذ سنوات، لكن لم يكن هناك الوقت المناسب لتنفيذ ذلك، مشيرا إلى أن تفعيل هذه الخطوة حاليا يتوقف على توجه السلطة فى البلاد. وقال د.عمران، إن تحويل البورصة إلى شركة مساهمة ليس ابتكارا مصريا، لكنه موجود فى أغلب بورصات العالم الكبيرة والصغيرة، كما أن هناك بورصات عربية عديدة تم تحويلها إلى شركة مساهمة وآخرها بورصة فلسطين والتى تم بيع حصة منها مؤخرا تصل إلى 20% من أسهمها. وأضاف: أن دراسة تحويل البورصة إلى شركة مساهمة حال موافقة الإدارة السياسية للبلاد، سيمر عبر مرحلتين الأولى تغيير الشكل القانونى لها من جهة لها صفة الشخص الاعتبارى العام الخاضع لإشراف الدولة ولها استقلالية إلا فى تعيين رئيسها ونائبه إلى شركة مساهمة ذات رأسمال محدد وعدد أسهم ومساهمين لهم حق انتخاب مجلس الادارة بالكامل. وأوضح د.عمران، أن المرحلة الأولى من تحويل البورصة إلى شركة خاصة سيحفظ ملكيتها بنسبة 100 % للدولة، على أن يتم فى مرحلة تالية تحديد النسبة التى ستتخلى عنها الدولة لتمليكها لآخرين سواء مؤسسات أو الجهات العاملة بالسوق أو حتى مستثمرين عن طريق طرح عام أو خاص وذلك يأتى فى إطار سياسة الدولة وفقا لقوانين وتشريعات ستوضع لتنظيم ذلك. وأشار رئيس البورصة المصرية، إلى التجارب العالمية فى هذا المجال تشير إلى وجود اتجاهات مختلفة منها تخلى الدول بالكامل عن ملكية أى نسبة فى شركات البورصات أو احتفاظها بنسب متفاوتة قد تكون أقلية أو أغلبية، وذلك أيضا بحسب سياسات الدول. وكان رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية الدكتور أشرف الشرقاوى قال فى وقت سابق إنه يجرى حاليا دراسة تحويل البورصة المصرية إلى شركة مساهمة خاصة تتملك الدولة أغلبيتها، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب موافقة الحكومة والبرلمان. وأوضح د.الشرقاوى إن تحويل البورصة إلى شركة خاصة يتطلب تشريعاً برلمانيا ولكن ينتظر إنتخاب برلمان جديد واستقرار الأوضاع فى البلاد، موضحا أنه يجرى دراسة دخول مساهمين آخرين فى هيكل ملكية البورصة سواء من البنوك أو المؤسسات المالية أو شركات وساطة أو حتى المستثمرين الأفراد. وأضاف: أن البورصة المصرية تعد جهة مستقلة حاليا عن الدولة إلا فى تعيين رئيسها ونائبه، موضحا أنه مع تحويلها إلى شركة خاصة سيتم تطبيق قواعد الحوكمة عليها وسيكون رئيس البورصة ونائبه بالانتخاب أيضا بجانب مجلس الإدارة. موضحا أنه سيتم وضع معايير جديدة للادارة واختيار هيكل الإدارة للبورصة بما يحقق مزيداً من الاستقلالية والشفافية لها وهو ما سيسهم فى رفع كفاءة سوق المال فى مصر بشكل كبير ويجعله أكثر تنافسية. يذكر أن البورصة المصرية تعتبر ثالث أقدم بورصة فى العالم وأول بورصة فى الشرق الوسط، حيث تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر عندما تم إنشاء بورصة الإسكندرية فى عام 1883 وتلتها بورصة القاهرة عام 1903.