المأزق الحقيقى الذى تواجهه حكومة د. هشام قنديل بدأ حتى قبل حلف اليمين أمام الرئيس محمد مرسى.. فكم الآمال والتطلعات التى يعلقها الشعب كله على هذه الحكومة سيكون عنصرًا ضاغطًا عليها قد يجعلها فى مرمى النيران طوال الوقت.. فمن الواضح أن الشعب يريد من هذه الحكومة أن تنهى له كل مشاكله فى غمضة عين.. الأمن.. والاقتصاد.. والمياه والكهرباء ورغيف الخبز والنظافة وكل المشاكل المتراكمة عبر سنوات وسنوات ينتظر الشعب من الحكومة أن تحلها له فوراً.. اليوم قبل غد.. لذلك كله لم أبالغ عندما اخترت عنواناً لهذا المقال ولغلاف المجلة وهو أن حكومة د. قنديل هى حكومة الفرصة الأولى والأخيرة.. فلا مجال أمام الحكومة للتسخين قبل بدء المباراة، بلغة كرة القدم، لأن هذا وللأسف، ترف لا تملكه حكومة د. قنديل التى قد تكون حكومة جيدة فى مجملها لكنها جاءت فى التوقيت الحرج ولن أقول الخاطئ..! وفى تقديرى أن د. قنديل تم تكلباه بمجموعة من الاعتبارات والشروط فرضت عليه وهو يشكل حكومته؛ فتم استبعاد وزراء على درجة عالية من الكفاءة كانت تحتاجهم هذه الحكومة فى هذا التوقيت الحرج، وتم اختيار وزراء لم يمارسوا من قبل أى عمل تنفيذى، وتم اختيارهم على أساس توجهاتهم السياسية، كإخوان مسلمين، وليس لكفاءاتهم أو لخبراتهم النادرة فى مجالات عملهم.. أقول هذا رغم تأكيد د. قنديل أكثر من مرة على أنه اختار وزراء حكومته على أساس معيار الكفاءة وليس على أسس سياسية أو حزبية، لكننى أستطيع أن أسوق له العديد من الأمثلة من وزراء حكومته فى مواقع مختلفة ثم اختيارهم ليس على أساس الكفاءة أبدًا، ولكن لمجرد انتمائهم لحزب الحرية والعدالة أو لجماعة الإخوان المسلمين.. وأنا شخصياً أرى أن هذا الأمر قد يكون فى صالح الرئيس مرسى والحكومة على أساس وجود نوع من التناغم والتفاهم بين مطبخى الرئاسة والحكومة، لكم من الواجب علىَّ أن أحذر أن هذا قد يكون سلاحًا ذا حدين بالنظر إلى المهام الجسام التى تنتظر حكومة د. قنديل، والتى فى مقدمتها تنفيذ برنامج المائة يوم باحتراف وكفاءة واقتدار وفى التوقيت المحدد، حتى لا تتأثر سلباً مصداقية الحكومة ومن قبلها مصداقية مؤسسة الرئاسة.. إننى أتمنى كل النجاح والتوفيق لحكومة د. هشام قنديل رغم كل التحديات التى تواجهها والتى فى مقدمتها أن الوقت ليس فى صالحها أبداً.. وأن الشعب لن يصبر عليها.. وقد يتعجل الحكم عليها خلال أيام قلائل من بداية عملها، وقد يطالب بإقالتها بعد عيد الفطر مباشرة فى المليونية التى يعتزمون تنظيمها يوم 24 أغسطس الحالى.. كل هذا وارد وأكثر.. لذلك كله فالحكومة الجديدة تواجه ضغوطًا هائلة لم تواجهها أية حكومة قبلها.. كان الله فى عون د. هشام قنديل ووزراء حكومته، والذين اعتبرهم جميعاً فى مهمة انتحارية لإنقاذ هذا الوطن من براثن المشاكل والأزمات التى تمسك بتلابيب أبنائه.. إنها حكومة انتحارية بالتأكيد.. لأن فرصتها الأولى لإثبات نجاحها قد تكون هى نفسها فرصتها الأخيرة..