بعد أن أصدر الرئيس محمد مرسى تسمية رئيس الوزراء الجديد، نكون قد بدأنا الخطوة الأولى فى إرساء دعائم دولة «الإخوان» المجيدة على أرض مصر المحروسة ، وبعد أن تم بحمد الله تكليف الدكتور هشام قنديل وزير الرى فى الوزارتين ما بعد الثورة وزارة الدكتور عصام شرف ووزارة الدكتور الجنزورى، كان الدكتور هشام قنديل هو الاقرب فكريًا وسياسيًا لتطلعات جماعة الإخوان المسلمين خاصة بعد أن تسربت أنباء عن اعتذارات من شخصيات سياسية كبيرة فى تشكيل أول حكومة إخوانية بعد الثورة.. وبتسمية اسم رئيس الوزراء الجديد نكون قد وصلنا إلى المعبر الاخير نحو « أخونة مصر».حيث سيتم اختيار وزراء من الشباب الواعد الطموح إلى الدولة الدينية ولا مانع من تطعيم التشكيل الوزارى ببعض الرموز من عرابى الجماعة والذين لهم باع طويل فى رفض فكرة الدولة المدنية وإرساء دعائم «الخلافة الاسلامية» تحت المسمى الجديد والذى اقترحه العلامة السياسى الكبير الدكتور صفوت حجازى «الولاياتالمتحدة الاسلامية» وعاصمتها القدس الشريف لتصبح مصر الولاية الأولى ضمن الولايات المنشودة فى مشروع الاسلام السياسى.. أما القاهرة فهى مجرد عاصمة اقليمية لمحافظة من محافظات الخلافة المرتقبة حيث الباب العالى والمقر الشريف لمكتب الارشاد الواقع فى هضبة المقطم والذى تطل شرفاته على قلعة الجبل وحصن صلاح الدين الأيوبى وبيت الوالى الجديد على مصر. وإذا كان هناك حديث عن تشكيل الحكومة الجديدة فيجب أن يكون فى إطار جغرافى محدود حيث إن هذه الحكومة هى مجرد بداية لتشكيل الحكم المحلى للولاية الأولى ضمن تكوينات محافظات «الولاياتالمتحدة الاسلامية» تنفيذًا للمقترحات الرشيدة للعلامة الدكتور صفوت حجازى مسئول الدعاية والإعلام التابعة للجنة السياسات فى جماعة الإخوان المسلمين وعلى هذا الاساس سيكون كلامى محددا فى نفس الإطار الجغرافى لحدود الولاية المصرية. ??? يجب أن يعلم القاصى والدانى أنه قد قُضى الأمر بالإجهاز على الدولة المدنية والتخلص النهائى من جثتها «لا من شاف ولا من درى» واقفل المحضر ولا مجال للحديث عن فصل الدين عن السياسة، لأن الدين هو السياسة والسياسة هى الدين فقد تم زواج الاثنين فى مكتب «مأذونية» الإرشاد وما جمعه المرشد لا يفرقه، بشر حيث إن هذا الزواج ابدى لا طلاق فيه وفى حالة وفاة أحد الزوجين لا قدر الله فإن مكتب شورى الجماعة هو المنوط به اختيار الزوج الجديد. أما الكلام عن تشكيل الحكومة الجديدة للولاية المصرية تحت الحكم الرشيد لجماعة الإخوان المسلمين، خاصة خيرت الشاطر نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للتنمية الإدارية، حيث إن المصلحة تقتضى إعادة هيكلة أو بالأحرى أخونة الجهاز الإدارى للدولة، حيث يجرى الآن دراسة تطبيق الخطة القديمة والتى وضعها المرشد الأسبق، المستشار حسن الهضيبى رحمه الله مع ادخال بعض التعديلات الطفيفة، وسيتم استبدال عبارة «ضم» ويوضع مكانها عبارة تغيير، حيث أن الخطة القديمة والتى وضعت فى بداية الخمسينيات من القرن الماضى كانت تعتمد على ضم العناصر الإدارية المهمة والقيادات المحلية فى المدن والقرى لجماعة الإخوان المسلمين حيث يكون الضم من خلال مجهودات يقوم بها «فريق الدعوة والضم» والذى كان يجوب مصر من اقصاها إلى اقصاها يدعو إلى اعتناق فكر الاخوان ومحاولة اقناع أكبر عدد ممكن من عناصر الجهاز الإدارى بالانضمام للإخوان. أما الآن فلا حاجة لفريق الدعوة أو بذل المجهود فى الاستقطاب أو الضم، خاصة أن الأمر كله أصبح فى يد الحكومة الجديدة والتى سيكون لها الحق فى تطهير قيادات الجهاز الإدارى للدولة واستبداله بعناصر من الجماعة أو من الحزب الذى يمثل المحلل الشرعى لضمان الهيمنة والاستئثار الكامل بالمقدرات السياسية والإدارية للبلاد.. وحتى يتم استبدال القيادات الجديدة للجهاز الإدارى للدولة، دون أن يحدث ارتباك أو لخبطة.. كان لابد أن يكون على رأس هذا الجهاز وزير محنك ذو خبرة عالية فى كافة مجالات الإدارة ويتمتع بتجارب عملية من حيث الاحتكاك المباشر مع رجال المال والأعمال والقطاعات المصرفية وأن يكون هذا الوزير على دراية كافية بسراديب وكهوف العمل الإدارى والمالى سواء فى المحليات أو الوزارات أو قطاعات الاعمال الحكومية وبالطبع ليس هناك أفضل من المهندس خيرت الشاطر لتولى مسئولية هذا العبء الكبير والهدف العظيم المراد من رب العباد وهو إعادة هيكلة أو بالأحرى أخونة الجهاز الادارى للدولة والذى يمثل الأحشاء الداخلية للوطن بداية من الفم والحنجرة مرورًا بالمرىء والمعدة والفشة والقلب وبالطبع الكبد انتهاء بالمستقيم. ??? ..وهناك وزارة مهمة أخرى هى وزارة التنمية المحلية والذى يتوقع الكثير من خبراء العمل الاخوانى أنه ربما يتم ضمها الى وزارة التنمية الادارية ولا مانع من أن يتولاها أحد شباب الدعوى من «الاخوان الجدد» على اعتبار أنها وزارة دولة، اضافة إلى توسيع سلطات ونفوذ الوزير الاصلى المنوط به «أخونة» كافة الشئون الادارية والمحلية فى مصر بداية من مسئولى المجلس المحلى لقرية «كفر المعزة» وحتى مجلس محلى أكبر محافظة فى البلاد.. وبهذا يكون قد تم تطهير القيادات الادارية والمحلية فى مصر من كل العناصر التى تخالف الفكر أو الاتجاه الاخوانى.. وعندما يتحقق ذلك بنجاح كبير أو بنسبة معقولة ترتضيها الجماعة وحزبها السياسى فسوف لا تكون هناك أى مشاكل فى انتخابات المحليات القادمة بعد أن يكون الاستحواذ والسيطرة الإدارية قد تمت طبقًا للخطة الموضوعة قبل 60 عامًا من الآن تلك الخطة التى اشرت إليها فى بداية المقال والتى كان يتولاها شباب دعوة الإخوان ابان تولى المرشد الأسبق الهضيبى رحمه الله. وبعد أن تتحقق أهداف الجماعة من إتمام عمليات الضم والسيطرة الإدارية والمحلية لا يبقى أمامهم إلا اليسير والسهل وهو عملية استقطاب التأييد الشعبى والذى تحتاج إليه جماعة الاخوان لضمان التفوق المطلق فى حالة اجراء أى انتخابات قادمة وبذلك تكتمل الدائرة بخطوطها الثلاثة المجالس التشريعية والحكومة والمجالس المحلية بجهازها الإدارى. كل ذلك تحت مظلة حكومة إخوانية بامتياز حتى ولو كان رئيس هذه الحكومة لا ينتمى بصفة رسمية إلى الجماعة أو حزبها السياسى لكنه بالقلب والقالب هو إخوانى من الدرجة الأولى.. وفوق كل ذلك رئيس للجمهورية معه كل السلطات الدستورية التى يتم وضعها الآن والتأكيد عليها من خلال الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور الجديد. عند هذا الحد أى الانتهاء من كتابة الدستور الجديد تحت الرعاية الإخوانية يكون الحلم السلطوى قد تحقق فى السيطرة الكاملة والاستحواذ على كل المقدرات السياسية فى البلاد وغلق كل الأبواب أمام أى شركاء حاليين ومستقبليين وتحصين هذه الأبواب بالمتاريس الشرعية والشعبية الإخوانية مع الإبقاء على باب سياسى واحد مفتوح لمن يريد الاشتراك فى حكم البلاد .. هذا الباب هو حزب الحرية والعدالة الوريث الشرعى المعدل للحزب الوطنى البائد. فهل يتحقق حلم الإخوان ويتبخر حلم المصريين الثوار، بعد أن سلبت منهم ثورتهم فى وضح النهار؟.. فهل نسلم بالأمر الواقع وننتظر النتائج التى نتوقعها جميعًا؟.. أم ننتظر على الجانب الآخر من الطريق، عسى أن يأتى الفرج مع ثورة جديدة بعد 60 عامًا أخرى؟. لقد جاء الإخوان بعد أن ركبوا على ثورة الشعب عبر انتخابات تشريعية ورئاسية لها ظروف خاصة وبذلك فإن الشعب يتحمل مسئولية اختياره.. حيث الحقيقة قد تكون مغايرة للواقع وهى معادلة صعبة فالإخوان اصبحوا واقعًا مريرًا!! فهل يرضى الشعب عن هذا الواقع؟ ام أن هناك حقائق اخرى قد تجاهلها الاخوان ربما تصنع لهم مفاجأة قد تقلب موازين اللعبة السياسية برمتها !!.. وتضيع منهم – أى الإخوان – فرصة أخرى من الفرص العديدة التى اضاعوها قبل ذلك بانتهاجهم الجشع السياسى والتصادم الأرعن مع القوى السياسية الأخرى والتى غالبًا تكون نتائجها كارثية ومؤلمة على جماعة الإخوان المسلمين .. أم أن اليوم ليس كالبارحة وإخوان الخمسينيات والستينيات ليسوا هم إخوان السبعينيات والثمانينيات وليسوا هم إخوان عهد مبارك. الحقيقة تقول إن إخوان ما بعد ثورة 25 يناير يفتقدون الخبرة ويستعجلون النتائج دون أن تكون لهم رؤية سياسية مكتملة واضحة تراعى تطلعات الغير قبل تطلعاتهم، رؤية يتطلعون من خلالها إلى آفاق بعيدة وليس تلقف الفرص والنظر فى موضع الاقدام.. و كما قال الرئيس مرسى فى خطابه الأول بجامعة القاهرة وكأنه يتوعد سامعيه «غدًا لناظره قريب».