على مدار يومين ومن خلال جلسات موسعة ومكثفة، ناقش المجلس الأعلى للثقافة مع اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق وحريات الفكر والإبداع كل ما يتعلق بحقوق وحريات الفكر والإبداع سواء فى الدساتير المصرية أو القوانين المقيدة لها، أو بين الانتهاك والحماية، وكذلك دور المثقف والجمهور، مفسحاً المجال لكوكبة منتقاه من المثقفين والمسئولين للتحدث فى هذا المجال.حيث قرأ أحمد بهاء الدين شعبان بيان اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق وحريات الفكر، وقال إنه من المفارقات أن تضع أمة ثورة بعظمة ثورة 25 يناير، ثورة أذهلت العالم من أجل الحرية رواها أبناء هذا الوطن وافتدوها بأرواحهم ثم ما يلبس طامعوها إلا ليصادروا حرياتهم وينتهكوا حرماتهم باسم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وأن ما يشهده المجتمع من استهانة بمدنية الدولة جرس إنذار، وأن الحرية حق تكفله كل الشرائع والقوانين إذ لا قيمة لإيمان مبنى على إكراه إو إجبار، وأن اللجنة ترفض أى شكل للوصاية على الحرية أو الإبداع ويحذر المثقفون من أية محاولات لقمع الإبداع أو التهديد باستخدام قانون الحسبة، كما يشدد المثقفون على ضرورة تمثيلهم فى اللجنة الدستورية لتأسيس الدستور محذرين من أى تجاهل لهم، وأن المثقفين على أتم الاستعداد للدفاع عن حريتهم رافضين الأصوات المنادية بخصخصة وزارة الثقافة، ومحاولة تطويرها ومعالجة أسباب القصور وتحويلها لأداة فاعلة كأساس لأية عملية تنموية. فى حين ركز الشاعر سيد حجاب على الدستور الجديد والذى اعتبره معركة مصر لأنه إما أن يكتب دستور تبنى على أساسه الدولة المدنية الحديثة فتكون الثورة قد أتت أكلها أو يكتب دستور يبتكر أسلوبا عسكريا أو دينيا وهو ما يعنى أن الثورة تأجلت لأجل غير مسمى، مشيراً لبعض الأصوات التى ارتفعت فى الآونة الأخيرة لفرض تضييق على الحريات العامة والخاصة متأسفاً أن تكون هذه الأصوات تتحدث باسم الدين، مشيراً لعمالقة الفكر الوسطى الذين كانت إسهاماتهم أساسا لكل ما تلاها من حضارات، واستخدم شبابها أرقى أدوات العصر حين توحد حلفهم الشعب فتفجرت الثورة مطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية. وتحت عنوان «الكتلة الحرجة.. خنجر مسموم فى يد جهولة» تحدث محمد الشافعى عن كتلة كبيرة تمثل الكتلة الحرجة التى قد تتحول تلقائيا إلى خنجر مسموم تحمله اليد الجهولة لطعن الإبداع والمبدعين، حيث يعيش أكثر من 40% من الشعب المصرى تحت خط الفقر مما يجعل من هذه الكتلة السكانية الضخمة قنبلة شديدة الانفجار وبيئة صالحة يعمل من خلالها دعاة التدين السياسى، كما تعانى نسبة كبيرة من الشعب من الأمية الأبجدية إضافة لأكثر من 1200 منطقة عشوائية تضم ما يقرب من عشرة ملايين نسمة يضاف إليها سكان المقابر، كما تعانى مصر من وجود أكثر من ثلاثة ملايين طفل من أطفال الشوارع يعيثون فسادا فى شوارعها ومثل هؤلاء يتحولون تلقائيا إلى أداة لكل من يدفع لهم، وقد رأينا النتائج الكارثية لوجودهم فى أحداث كثيرة منذ تفجر ثورة 25 يناير. وعن دور المؤسسات الرسمية فى انتهاك حرية الإبداع تحدثت سلوى بكر أن المؤسسات الثقافية قد مارست رقابة ذات أساليب طرية زلقة نجحت فى استبعاد منتج ثقافى جديد كان يمكن أن يؤسس لحياة ثقافية حقيقية مؤكدة على ضرورة عودة المؤسسات الثقافية الرسمية إلى بؤرة الظهور من جديد. فى حين اعتبر عماد مبارك أن جهاز المصنفات الفنية قانون كارثة لأنه أعطى للرقيب وضع معايير مطاطة وفق القرار 909 الصادر عن وزارة الإعلام والثقافة وهو يضم 20 بندا إذا التزم بها أى رقيب سيمنع أى عمل فنى علاوة على أن الرقابة على الإبداع فى مصر لا يقوم بها طرف واحد فهناك رقابة دينية ورقابة مجتمعية والرقابة الخاطئة بمؤسسات الدولة إضافة لجملة القضايا المرفوعة على المبدعين، مؤكداً أنه فى حال لم يستطع حماية الاختلاف فلن نستطيع حماية حرية التعبير. أما أحمد سيف الإسلام فتحدث عن حق الإسلاميين فى استخدام حق التقاضى كأى مصرى، مشيراً إلى أن هناك مخططا ممنهجا لشيطنة الإسلاميين، مشيراً إلى أنه رغم أن ثورة 25 يناير حققت أجزاء من جوانب حرية التعبير إلا أن هذه الحرية تواجه خطرا من كل الأطراف من الدولة ممثلة فى العسكر بنسبة 90% ومن الإخوان المسلمين بنسبة 10% وقال إن مصر تنقصها قوى ديمقراطية موزعة على كافة مؤسساتها. وقال إن المشكلة ليست فى جماعات لأن من قام بملاحقة المبدعين أفراد ينسبون أنفسهم إلى تيارات ويبقى هدفهم الشهرة. فى حين استعرض حلمى نمنم لقضايا الحسبة فى مصر التى خرجت عن شكلها الثابت تاريخيا والتى لم يعرفها الإسلام إلا فى متوسط الدولة الأموية، حيث كانت تعنى وزارة التموين، حيث يقوم المحتسب بمراقبة الأسواق إلى أن تحول المحتسب إلى مركز قوى وركن من أركان الفساد والاستبداد، إلى أن جاء محمد على الذى نزع الالتزام عن المحتسبين وحولهم لموظفين، إلى أن ألغى محمد سعيد الحسبة وأمر بأن توزع على الإمارات. وأشار نمنم إلى أنه كلما ضعفت الدولة كلما زادت قضايا الحسبة. محذراً من أن الحسبة قادمة قادمة، فالمطلوب أن يكون هناك شق تشريعى أو قانونى لمنع مثل هذا العبث الجارى والعمل على ترشيده. أما عصام الإسلامبولى فاستعرض فى ورقته الحماية الدولية والدستورية لحرية الفكر والإبداع، مشيراً إلى أن الحرية ثقافة قبل أن تصبح سياحة وفعلا وليست ظاهرة تخرج منها جميع أنواع الحريات، مشيراً للمفهوم الدستورى للحريات الفكرية من ناحية دستور 1923 الذى جمع بين حرية الإبداع وحرية الرأى فى نص المادة 19 التى كفلت لكل شخص حق حرية الرأى والتعبير ونقلها للآخر وكذلك دستور 1930 إلى أن جاء دستور 71 فى المادة 49 التى ألزمت الدولة بأن تكفل حرية التعبير