انقلاب قضائى هادئ.. هكذا وصف المحللون حكم المحكمة الدستورية العليا فى باكستان بعزل يوسف رضا جيلانى من منصب رئيس الوزراء والذى انصاع له حزب الشعب الحاكم بزعامة رئيس الجمهورية آصف على زردارى لتجنب تصعيد الأزمة السياسية التى تشهدها باكستان منذ فترة نتيجة للصراع بين القوى الرئيسية فى البلاد- الجيش والقضاء والحكومة المدنية ذات الشعبية المتدنية. وقد جاء حكم المحكمة بعدم أهلية جيلانى للبقاء فى منصبه بعد أن أدانته فى ابريل الماضى بتهمة ازدراء القضاء لرفضه طلب المحكمة بمخاطبة السلطات السويسرية لإعادة فتح التحقيق فى قضايا غسيل أموال متهم فيها الرئيس زرداى، وبذلك أصبح جيلانى أول رئيس وزراء باكستانى يعزله القضاء، ويتهم الكثيرون فى باكستان المحكمة بالتواطؤ مع الجيش والمعارضة لإسقاط حزب الشعب الباكستانى الحاكم بدفعه إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة. وفى هذا السياق، وصفت افتتاحية صحيفة «الفجر» الباكستانية قرار المحكمة بأنه «غير عادى ويؤسف له» وقالت إن المحكمة قامت بسابقة مثيرة للقلق بالنسبة للمستقبل. وحيث إن زردارى هو المقصود فإنه من المتوقع لرئيس الوزراء الجديد مواجهة نفس المشكلة مع المحكمة العليا ولذلك كان لابد لزردارى من اختياره من بين الموالين له. وبحصوله على 211 صوتا من أصل 342 بالبرلمان، حل راجا برفيز أشرف (61 عاما) مرشح حزب الشعب الحاكم رئيسا للوزراء خلفا لجيلانى وهو بحسب مصادر مقربة من الحزب إحدى القيادات الحزبية الموالية للرئيس زردارى وقد تولى حقيبتين وزاريتين فى الحكومة الائتلافية التى يقودها حزب الشعب منذ 2008 حيث كان وزيرا للمياه والطاقة منذ 2008 إلى أن قدم استقالته فى فبراير 2011 وبعد شهور قليلة عاد إلى الحكومة وزيرا لتكنولوجيا المعلومات واستمر فى منصبه إلى أن أصبح رئيسا للوزراء. ويأمل الرئيس زردارى الذى انتخب فى 2008 اثر انتهاء النظام العسكرى أن يؤدى تعيين رئيس الوزراء الجديد إلى تمكين الائتلاف الحكومى من البقاء حتى موعد الانتخابات التشريعية المقبلة فى فبراير 2013 الأمر الذى سيشكل سابقة هى الأولى من نوعها فى بلد حكمه العسكريون طيلة نصف تاريخه تقريبا، ولكن حتى وإن حدث ذلك ولم يتعرض أشرف لضغوط مماثلة من المحكمة العليا، فإنه لن يسهم فى رفع شعبية الحكومة، إذ يرى المراقبون أن اختيار زردارى لأشرف قد يكون جانبه التوفيق حيث إن الأخير خلال عمله كوزير للموارد المائية، فشل فى تخفيف أزمة طاقة طاحنة فجرت احتجاجات سادها العنف. وبالإضافة إلى استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائى، ينتظر أشرف مصاعب أبرزها الأزمة الاقتصادية وما يرتبط بها من غلاء وفقر وبطالة، وكذلك تردى قطاعى الخدمات والبنية الأساسية، هذا فضلا عن الاضطراب الأمنى. ويواجه رئيس الوزراء الجديد، مثله مثل الكثير من رجال السياسة فى باكستان، اتهامات بالفساد حيث يتهم بأنه تلقى رشى فى مشاريع للطاقة حينما كان وزيرا للمياه والطاقة.